تفسير سورة هود

غريب القرآن لابن قتيبة

تفسير سورة سورة هود من كتاب غريب القرآن المعروف بـغريب القرآن لابن قتيبة.
لمؤلفه ابن قتيبة الدِّينَوري . المتوفي سنة 276 هـ

سورة هود
مكية كلها
١- أُحْكِمَتْ آياتُهُ فلم تنسخ.
ثُمَّ فُصِّلَتْ بالحلال والحرام. ويقال: فصّلت: أنزلت شيئا بعد شيء ولم تنزل جملة.
مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أي من عند حكيم خبير.
٣- يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً أي يعمّركم. وأصل الإمتاع: الإطالة.
يقال: أمتع الله بك، ومتّع الله بك إمتاعا ومتاعا. والشيء الطويل: ماتع.
ويقال: جبل ماتع. وقد متع النّهار: إذا تطاول.
٥- يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ أي يطوون ما فيها ويسترونه «١» لِيَسْتَخْفُوا بذلك من الله.
أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ أي يستترون بها ويتغشّونها.
(١)
أخرج ابن جرير وغيره عن عبد الله بن شداد قال: كان أحدهم إذا مر بالنبي صلّى الله عليه وسلم ثنى صدره لكي لا يراه فنزلت.
٦- وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها قال ابن مسعود: مستقرها:
الأرحام. ومستودعها: الأرض التي تموت فيها.
٨- إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ «١» : أي إلى حين بغير توقيت. فأما قوله:
وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ فيقال: بعد سبع سنين.
٩- لَيَؤُسٌ فعول من يئست. أي قنوط.
١٠- ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي أي البلايا.
١٥- مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها أي نؤتهم ثواب أعمالهم لها فيها.
وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ أي لا ينقصون.
١٧- أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ مفسر في كتاب «المشكل».
٢٢- لا جَرَمَ حقا.
٢٣- وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أي تواضعوا لربهم. والإخبات:
التواضع والوقار.
٢٧- أَراذِلُنا شرارنا. جمع أرذل. يقال: رجل رذل وقد رذل رذالة ورذولة.
بادِيَ الرَّأْيِ أي ظاهر الرأي. بغير همز. من قولك: بدا لي ما كان خفيّا: أي ظهر. ومن همزه جعله: أوّل الرأي. من بدأت في الأمر فأنا أبدأ.
(١) أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: لما نزل: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ قال ناس:
إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهي القوم قليلا ثم عادوا إلى مكرهم مكر السوء، فأنزل الله: وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ الآية.
٢٨- أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي أي على يقين وبيان.
فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أي عميتم عن ذلك. يقال: عمي عليّ هذا الأمر. إذا لم أفهمه، وعميت عنه، بمعنى.
أَنُلْزِمُكُمُوها أي نوجبها عليكم ونأخذكم بفهمها وأنتم تكرهون ذلك؟!.
٣٥- قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ أي اختلقته.
فَعَلَيَّ إِجْرامِي أي جرم ذلك الاختلاق- إن كنت فعلت.
وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ في التكذيب.
٣٧- والْفُلْكَ السفينة. وجمعها فلك، مثل الواحد.
٤٠- مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ أي من كلّ ذكر وأنثى اثنين.
وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ أي سبق القول بهلكته.
٤١- مَجْراها: مسيرها.
وَمُرْساها حيث ترسي وترسو أيضا. أي تقف.
٤٣- يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ أي يمنعني منه.
قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ لا معصوم اليوم مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ ومثله مِنْ ماءٍ دافِقٍ [سورة الطارق آية: ٦] بمعنى مدفوق.
٤٤- وَغِيضَ الْماءُ أي نقص. يقال: غاض الماء وغضته. أي نقض ونقصته.
وَقُضِيَ الْأَمْرُ أي فرغ منه فغرق من غرق، ونجا من نجا.
والْجُودِيِّ: جبل بالجزيرة.
٤٦- إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ لمخالفته إياك. وهذا كما يقول الرجل لابنه إذا خالفه: اذهب فلست منك ولست مني. لا يريد به دفع نسبه. أي قد فارقتك.
٥٠- وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً جعله أخاهم: لأنه منهم.
٥٤- إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ أي أصابك بخبل يقال: عراني كذا وكذا واعتراني: إذا ألم بي. ومنه قيل لمن أتاك يطلب نائلك: عار. ومنه قول النباغة:
أتيتك عاريا خلقا ثيابي على خوف تظنّ بي الظنون
٥٩- (عنيد) العنيد والعنود والعاند: المعارض لك بالخلاف عليك.
٦٠- وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً أي ألحقوا.
٦٣- فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ أي غير نقصان.
٦٩- بِعِجْلٍ حَنِيذٍ أي مشويّ. يقال: حنذت الجمل: إذا شويته في خدّ من الأرض بالرّضف، وهي الحجارة المحماة. وفي الحديث: أن خالد بن الوليد أكل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأتي بضب محنوذ.
٧٠- فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ أي إلى العجل، يريد رآهم لا يأكلون.
نَكِرَهُمْ أنكرهم. يقال: نكرتك، وأنكرتك، واستنكرتك.
وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً أي أضمر في نفسه خوفا.
٧١- فَضَحِكَتْ قال عكرمة: حاضت، من قولهم: ضحكت الأرنب: إذا حاضت.
وغيره من المفسرين يجعله الضحك بعينه. وكذلك هو في التوراة، وقرأت فيها: «أنها حين بشّرت بالغلام ضحكت في نفسها وقالت: من بعد ما بليت أعود شابة، وسيدي إبراهيم قد شاخ؟ فقال الله لإبراهيم عليه السلام: لم ضحكت سرا- وسرا اسمها في التوراة. يعني سارة- وقالت أحقّ
أن ألد وقد كبرت؟ فجحدت سرّا وقالت: لم أضحك. من أجل أنها خشيت. فقال: بلى لقد ضحكت».
وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ أي بعد إسحاق. قال أبو عبيدة:
الوراء: ولد الولد.
سِيءَ بِهِمْ فعل، من السوء.
٧٧- وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ أي شديد. يقال: يوم عصيب وعصبصب.
٧٨- وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ أي يسرعون إليه. يقال: أهرع الرجل: إذا أسرع على لفظ ما لم يسيّم فاعله، كما يقال: أرعد. ويقال:
جاء القوم: يهرعون، وهي رعدة تحلّ بهم حتى تذهب عندها عقولهم من الفزع والخوف إذا أسرعوا.
هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ أي تزوجوهن فهنّ أطهر لكم.
فِي ضَيْفِي أي في أضيافي. والواحد يدل على الجمع. كما يقال: هؤلاء رسولي ووكيلي قبل، فنستحقّهن.
«قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق» أي: لم تتزوجهن قبل فنستحقّهن.
٨٠- أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ أي عشيرة.
٨١- فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ أي سر بهم ليلا.
بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ أي ببقية تبقى من آخره. والقطع والقطعة: شيء واحد.
٨٢- حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ يذهب بعض المفسرين إلى أنها «سنك وكل» بالفارسية ويعتيره بقوله عز وجل: حِجارَةً مِنْ طِينٍ [سورة
الذاريات آية: ٣٣] يعني الآجرّ. كذلك قال ابن عباس.
وقال أبو عبيدة: السجيل: الشديد. وأنشد لابن مقبل.
ضربا تواصى به الأبطال سجّينا وقال: يريد ضربا شديدا.
ولست أدري ما سجيل من سجين. وذاك باللام وهذا بالنون. وإنما سجين في بيت ابن مقبل «فعّيل» من سجنت. أي حبست. كأنه قال:
ضرب يثبت صاحبه بمكانه. أي يحبسه مقتولا أو مقاربا للقتل. و «فغّيل» لما دام منه العمل. كقولك: رجل فسّيق وسكّير وسكّيت: إذا أدام منه الفسق والسكر والسكوت. وكذلك «سجّين». هو ضرب يدوم منه الإثبات والحبس.
وبعض الرواة يرويه «سخّين» - من السّخونة- أي ضربا سخنا.
مَنْضُودٍ بعضه على بعض كما تنضد الثياب، وكما نضد اللبن.
٨٣- مُسَوَّمَةً معلمة بمثل الخواتيم. والسّومة: العلامة.
٨٦- بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ أي ما أبقى الله لكم من حلال الرزق خير من التّطفيف.
٨٧- أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ؟ أي دينك. ويقال: قراءتك.
٨٩- لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أي لا يكسبّنكم ويجرّ عليكم شقاقي أي عداوتي، أن تهلكوا.
٩١- وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ أي قتلناك. وكانوا يقتلون رجما.
فسمّي القتل رجما. ومثله قوله: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ [سورة يس آية: ١٣].
٩٢- وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا أي لم تلتفتوا إلى ما جئتكم به
عند، تقول العرب: جعلتني ضهريّا وجعلت حاجتي منك بظهر، إذا أعرضت عنه وعن حاجته.
٩٣- وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ أي انتظروا إني معكم منتظر.
٩٥- أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ يقال: بعد يبعد، إذا كان بعد هلكة. وبعد يبعد: إذا نأى
٩٩- الرِّفْدُ: العطية. يقال: رفدته أرفده، إذا أعطيته وأعنته.
والْمَرْفُودُ المعطي. كما تقول: بئس العطاء والمعطي.
١٠٠- ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى أي من أخبار الأمم.
مِنْها قائِمٌ أي ظاهر للعين.
وَحَصِيدٌ قد أبيد وحصد.
١٠١- وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ أي غير تخسير. ومنه قوله عز وجل: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ [سورة المسد آية: ١] أي خسرت.
١٠٧- خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ مبين في كتاب «المشكل».
١٠٨- غَيْرَ مَجْذُوذٍ أي غير مقطوع. يقال: جذذت وجددت وجذفت وجدفت، إذا قطعت.
١١٠- وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ أي نظرة لهم إلى يوم الدين.
لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ في الدنيا.
١١٢- فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ أي أمض على ما أمرت به.
١١٤- وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ أي ساعة بعد ساعة. واحدتها زلفة. ومنه يقال: أزلفني كذا عندك، أي أدناني. والمزدلف: المنازل والدّرج.
وكذلك الزّلف. قال العجّاج.
طيّ الليالي زلفا فزلفا سماوة الهلال حتّى احقوقفا
١١٦- فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أي فهلا.
أُولُوا بَقِيَّةٍ أي أولوا بقيّة من دين. يقال: [قوم] لهم بقية وفيهم بقيّة. إذا كانت بهم مسكة وفيهم خير.
وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ ما أعطوا من الأموال، أي آثروه واتبعوه ففتنوا به.
١١٨- وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ في دينهم.
١١٩- إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ فإن دينهم واحد لا يختلفون.
وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ يعني لرحمته خلق الذين لا يختلفون في دينهم.
وقد ذهب قوم إلى أنه للاختلاف خلقهم الله. والله أعلم بما أراد.
١٢٠- وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ أي في هذه السورة.
١٢١- اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ أي على مواضعكم واثبتوا إِنَّا عامِلُونَ.
١٢٢- وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ تهديد ووعيد.
سورة هود
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (هُودٍ) من السُّوَر المكية، وقد افتُتِحت بتعظيمِ الكتاب ووصفِه بالإحكام والتفصيل، واشتملت على حقائقِ العقيدة وأصولِ الدعوة إلى الله، مرغِّبةً ومرهِّبةً، واصفةً أهوالَ ومشاهد يوم القيامة التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ كما جاء في الأثر، وقد جاء في السورةِ كثيرٌ من قصص الأنبياء؛ تسليةً للنبي صلى الله عليه وسلم، ولأخذِ العِبَر من حال الأنبياء، ودعوتِهم مع أقوامهم.

ترتيبها المصحفي
11
نوعها
مكية
ألفاظها
1946
ترتيب نزولها
52
العد المدني الأول
122
العد المدني الأخير
121
العد البصري
121
العد الكوفي
123
العد الشامي
122

* قوله تعالى: {أَلَآ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُۚ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ اْلصُّدُورِ} [هود: 5]:

عن محمَّدِ بن عبَّادِ بن جعفرٍ: أنَّه سَمِعَ ابنَ عباسٍ يَقرأُ: {أَلَآ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} [هود: 5]، قال: سألتُه عنها، فقال: «أناسٌ كانوا يَستحيُون أن يَتخلَّوْا فيُفضُوا إلى السماءِ، وأن يُجامِعوا نساءَهم فيُفضُوا إلى السماءِ؛ فنزَلَ ذلك فيهم». أخرجه البخاري (4681).

* قوله تعالى: {وَأَقِمِ اْلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ اْلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ اْلَّيْلِۚ إِنَّ اْلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ اْلسَّيِّـَٔاتِۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّٰكِرِينَ} [هود: 114]:

عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه: «أنَّ رجُلًا أصابَ مِن امرأةٍ قُبْلةً، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأخبَرَه؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {أَقِمِ اْلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ اْلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ اْلَّيْلِۚ إِنَّ اْلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ اْلسَّيِّـَٔاتِۚ} [هود: ١١٤]، فقال الرَّجُلُ: يا رسولَ اللهِ، أَلِي هذا؟ قال: «لجميعِ أُمَّتي كلِّهم»». أخرجه البخاري (526).

وفي روايةٍ عنه رضي الله عنه، قال: «جاء رجُلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي أصَبْتُ مِن امرأةٍ كلَّ شيءٍ، إلا أنِّي لم أُجامِعْها، قال: فأنزَلَ اللهُ: {أَقِمِ اْلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ اْلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ اْلَّيْلِۚ إِنَّ اْلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ اْلسَّيِّـَٔاتِۚ} [هود: ١١٤]». أخرجه أحمد (3854).

سُمِّيتْ سورةُ (هُودٍ) بهذا الاسمِ؛ لتكرُّرِ اسمه فيها خمسَ مرَّات، ولأنَّ ما حُكِي عنه فيها أطوَلُ مما حُكِي عنه في غيرها.

جاء في فضلِ سورة (هُودٍ): أنها السُّورة التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: يا رسولَ اللهِ، قد شِبْتَ! قال: «شيَّبتْني هُودٌ وأخواتُها». أخرجه البزار (٩٢).

جاءت موضوعاتُ سورةِ (هُودٍ) على النحو الآتي:

1. حقائق العقيدة (١-٢٤).

2. أصول الدعوة الإسلامية (١-٤).

3. مشهدٌ فريد ترجُفُ له القلوب (٥-٦).

4. اضطراب نفوس الكافرين (٧-١١).

5. تسلية الرسول (١٢-١٧).

6. حال الفريقين: الكافرين، والمؤمنين (١٨-٢٤).

7. حركة حقائقِ العقيدة (٢٥-٩٩).

8. قصة نوح مع قومه (٢٥-٤٩).

9. قصة هود مع قومه (٥٠-٦٠).

10. قصة صالح مع قومه (٦١-٦٨).

11. تبشير الملائكةِ لإبراهيم عليه السلام (٦٩-٧٦).

12. إجرام قوم لوط (٧٧-٨٣).

13. قصة شُعَيب مع قومه (٨٤-٩٥).

14. مُوجَز قصة موسى مع فِرْعون (٩٦-٩٩).

15. التعقيب على حقيقة العقيدة (١٠٠-١٢٣).

16. العِبْرة فيما قص الله علينا دنيا وآخرة (١٠٠-١٠٩).

17. الاختلاف في الحق، والركون إلى الظَّلمة (١١٠- ١١٥).

18. الفتنة تعُمُّ بسكوت الصالحين (١١٦-١١٩).

19. في القصص تثبيتٌ وتسلية للقلب (١٢٠-١٢٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /445).

أشارت بدايةُ السُّورة بافتتاحها بـ(الأحرُفِ المقطَّعة: {الٓر}) إلى أن مقصدَها تعظيمُ هذا الكتاب، ووصفُ الكتاب بالإحكامِ والتفصيل، في حالتَيِ البِشارة والنِّذارة، المقتضي لوضعِ كلِّ شيء في أتَمِّ مَحالِّه، وإنفاذه - مهما أريدَ -، المُوجِب للقدرة على كل شيء، وفي ذلك تسليةُ النبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيتٌ له على الحق: {فَاْصْبِرْۖ إِنَّ اْلْعَٰقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود: 49].

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /175).