تفسير سورة هود

معاني القرآن

تفسير سورة سورة هود من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ

قال ﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ ( ٥ ) وقال بعضهم ( تَثْنَوْنِي صُدوُرُهم ) جعله على " تَفْعَوْعِلُ " مثل " تَعْجَوْجِلُ " وهي قراءة الأعمش*.
وقال ﴿ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ ( ٨ ) و " الأُمَّةُ " : الحِين كما قال ( وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ).
وقال ﴿ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ( ١٠ ) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ ﴾ ( ١١ ) فجعله خارجا من أوَّلِ الكلام على معنى " وَلكنّ " وقد فعلوا هذا فيما هو من أوَّلِ الكلام فنصبوا. قال الشاعر :[ من البسيط وهو الشاهد الحادي والثلاثون بعد المئتين ] :
يا صاحِبَيَّ أَلا لاحَيَّ بالوادِي إِلاَّ عَبيداً قُعُوداً بَيْنَ أَوْتادِ
فتنشده العرب نصبا.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠:وقال ﴿ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ( ١٠ ) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ ﴾ ( ١١ ) فجعله خارجا من أوَّلِ الكلام على معنى " وَلكنّ " وقد فعلوا هذا فيما هو من أوَّلِ الكلام فنصبوا. قال الشاعر :[ من البسيط وهو الشاهد الحادي والثلاثون بعد المئتين ] :
يا صاحِبَيَّ أَلا لاحَيَّ بالوادِي إِلاَّ عَبيداً قُعُوداً بَيْنَ أَوْتادِ
فتنشده العرب نصبا.

وقال ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ ﴾ ف( كانَ ) في موضع جزم وجوابها ( نُوَفِّ ).
وقال ﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ﴾ ( ١٧ ) وأضمر الخبر.
وقال ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً ﴾ ( ١٧ ) على خبر المعرفة.
وقال ﴿ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ﴾ ( ١٧ ) فجعل النار هي الموعد وإنما الموعد فيها كما تقول العرب " الليلةُ الهِلالُ " ومثلها ( إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ) ( ٨١ ).
وقال ﴿ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ﴾ ( ١٧ ) وقال بعضهم ( مُرْيَةٍ ) تكسر وتضم وهما لغتان.
وقال ﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ ﴾ ( ٢٤ ) يقول " كَمَثَلِ [ ١٣٤ ء ] الأَعْمى والأَصَمِّ ".
وقال ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ ﴾ ( ٢٧ ) أَيّ : في ظاهر الرأي. وليسَ بَمهموز لأَنَّهُ من " بَدا " " يَبْدُو " أيْ : ظَهَر. وقال بعضهم ( بادئ الرَأْيِ ) أَيْ : فيما يُبْدَأُ بِهِ مِنَ الرَأي.
وقال ﴿ قَالُواْ يا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا ﴾ ( ٣٢ ) وقال بعضهم ( جَدَلَنا ) وهما لغتان.
وقال ﴿ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ﴾ ( ٤٠ ) فجعل الزوجين الضربين الذكور والإناث. وزعم يونس أن قول الشاعر :[ من الطويل وهو الشاهد الثاني والثلاثون بعد المئتين ] :
وَأَنْتَ امْرُؤٌ تَعْدُو عَلَى كُلِّ غرّةٍ فَتُخْطِئ فِيها مَرَّةً وَتُصِيبُ
يعني الذئب فهذا أشد من ذلك.
[ وقال ] ﴿ وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرياهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ ( ٤١ ) إذا جعلت من " أَجْرَيْتُ " و " أَرْسَيْتُ " وقال بعضهم ( مَجْراها وَمَرساها ) إذا جعلت من " جَرَيت " وقال بعضهم ( مُجْرِيها ومُرْسِيها ) لأنه أراد أن يجعل ذلك صفة لله عز وجل.
وقال ﴿ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي ﴾ ( ٤٣ ) فقطع ( سَآوِى ) لأَنَّهُ " أَفْعَلُ " وهو يعني نفسه.
وقال ﴿ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ ﴾ ( ٤٣ ) ويجوز أن يكون على " لاذا عِصْمَةٍ " أَيْ : مَعْصُوم ويكون ( إِلاَّ مَنْ رَحِمَ ) رفعا بدلاً من العاصِم.
وقال ﴿ وَغِيضَ الْمَاءُ ﴾ ( ٤٤ ) لأنك تقول " غِضْتُهُ " ف " أَنَا أَغِيضُهُ " وتقول : " غَاضَتْهُ الأَرْحَامُ " ف " هِيَ تَغِيضُه " وقال ﴿ وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ ﴾. وأما ( الجُودِيُّ ) ( ٤٤ ) فثقل لأنها ياء النسبة فكأنه أضيف إلى " الجُود " كقولك : " البَصْرِيّ " و " الكُوفِيّ ".
وقال ﴿ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ﴾ ( ٤٦ ) منوّن لأنه حين قال - و الله اعلم - ﴿ لاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ ( ٤٦ ) كان في [ ١٣٤ ب ] معنى " أَنْ تَسْأَلِني " فقال ﴿ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ وقال بعضهم ( عَمِلَ غَيْرَ صالِحٍ ) وبه نقرأ.
وقال ﴿ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ﴾ ( ٤٨ ) رفع على الابتداء نحو قولك " ضَرَبْتُ زَيْداً وعَمْرُو لِقيتُه " على الابتداء.
وقال ﴿ إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا ﴾ ( ٥٤ ) على الحكاية تقول : " ما أَقُولُ إِلا " : " ضَرَبَكَ عَمْروٌ " و " ما أَقُولُ إِلاّ : " قامَ زَيْدٌ ".
وقال ﴿ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ﴾ ( ٦٤ ) نصب على خبر المعرفة.
وقال ﴿ وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ﴾ ( ٦٦ ) فأضاف ( خِزْي ) إلى " اليوم " فجره وأضاف " اليوم " إلى " إذ " فجره. وقال بعضهم ( يَوْمَئِذِ ) فنصب لأنه جعله اسما واحدا وجعل الإعراب في الآخر.
وقال ﴿ أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ ﴾ ( ٦٨ ) كتابها بالألف في المصحف وإنما صرفت لأنه جعل " ثمودَ " اسم الحي أو اسم أبيهم.
ومن لم يصرف جعله اسم القبيلة. وقد قرئ هذا غير مصروف. وإنما قرئ منه مصروفا ما كانت فيه الألف. وبذلك نقرأ. وقد يجوز صرف هذا كله في جميع القرآن والكلام لأنه إذا كان اسم الحي أو الأب فهو اسم مذكر ينبغي أن يصرف.
وقال ﴿ نَكِرَهُمْ ﴾ ( ٧٠ ) لأنك تقول " نَكِرْتُ الرجل " و " أَنْكَرْتُهُ ".
وقال ﴿ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ﴾ ( ٧١ ) رفع على الابتداء وقد فتح على ﴿ وَبِيَعْقُوبَ مِنْ وراءِ إِسْحاقَ ﴾ ولكن لا ينصرف.
وقال ﴿ قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ ﴾ ( ٧٢ ) فإذا وقفت قلت ( يا وليتاه ) لأن هذه الألف خفيفة وهي مثل ألف الندبة ؛ فلطفت من أن يكون في السكت وجعلت بعدها الهاء ليكون أبين لها وأبعد للصوت. وذلك أن الألف إذا كانت بين حرفين كان لها صدى كنحو الصوت يكون في [ ١٣٥ ء ] جوف الشيء فيتردد فيه فيكون أكثر وأبين. ولا تقف على ذا الحرف في القرآن كراهية خلاف الكتاب. وقد ذكر أنه يوقف على ألف الندبة فان كان هذا صحيحا وقفت على الألف.
وقال ﴿ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً ﴾ ( ٧٢ ) وفي قراءة ابن مسعود ( شَيْخٌ ) ويكون على أن تقول " هُوَ شيخ " كأنه فسر بعدما مضى الكلام الأول او يكون اخبر عنهما خبرا واحداً كنحو قولك " هذا أَخْضَرُ أَحْمَرُ " أو على أن تجعل قولها ( بعلى ) بدلاً من ( هذا ) فيكون مبتدأ ويصير " الشيخ " خبره وقال الشاعر :[ من الرجز وهو الشاهد الثاني والعشرون ] :
مَنْ يَكُ ذَابَتٍّ فَهذا بَتِّى مُقَيِّظٌ مُصيِّفٌ مُشَتِّى
وقال ﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ ﴾ ( ٧٤ ) وهو الفَزَع. ويقال " أَفْرخَ رَوَعُكَ " و " أُلْقِيَ في رُوِعي " أي : في خَلَدي. [ ف ] " الرُوْعُ " القَلْبُ والعَقْلُ. و " الرَّوْعُ " : الفَزَع.
وقال ﴿ هؤلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ﴾ ( ٧٨ ) رفع، وكان عيسى يقول ( هُنَّ أَطْهَرَ لكم ) وهذا لا يكون إنما ينصب خبر الفعل الذي لا يستغني عن خبر إذا كان بين الاسم وخبره هذه الأسماء المضمرة التي تسمى الفصل يعني : " هِيَ " و " هُوَ " وَ " هُنّ " وزعموا أن النصب قراءة الحسن أيضا.
وقال ﴿ فَاتَّقُواْ اللًّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ﴾ ( ٧٨ ) لأَنَّ " الضَيْفَ " : يكون واحدا ويكون جماعة. تقول : " هؤلاء [ ١٣٥ ب ] ضَيْفي " هذا ضَيْفي كما تقول : " هَؤُلاءِ جُنُبٌ " و " هذا جُنُبٌ "، و " هؤلاء عَدُوٌّ " و " هذا عَدُوٌّ ".
وقال ﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً ﴾ ( ٨٠ ) وأَضْمَرَ " لكان ".
وقال ﴿ إِلاَّ امْرَأَتَكَ ﴾ ( ٨١ ) يقول ﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ﴾ ﴿ إِلاَّ امْرَأَتَكَ ﴾ نصب. وقال بعضهم ( إِلاَّ امْرَأَتُكَ ) رفع وحمله على الالتفات. أي لا يلتفت منكم إلا امرأتك.
وقال ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ ﴾ ( ٨٢ ) نصب بالتنوين. ف " المَنْضُودُ " من صفة " السِّجِّيلِ ".
﴿ مُّسَوَّمَةً ﴾ ( ٨٣ ) و " المُسَوَّمَةُ " من صفة " الحجارَةِ " فلذلك انتصب.
وقال :﴿ أَصلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ﴾ ( ٨٧ )، يقول : " أَنْ* نَتْرُكَ وَأَنْ نَفْعَلَ في أَمْوالِنا ما نَشاءُ "، وليس المعنى : " أَصلاتُكَ تأمُرُكَ أَنْ نَفْعَلَ في أَمْوالِنا ما نَشاءُ " ؛ لأنه ليس بذا أمرهم. وقال بعضهم :( تَشاءُ )، وذلك إذا عنوا شعيبا.
وقال :﴿ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ﴾ ( ١٠٠ )، يريد : " ومحصود "، ك " الجريح " و " المجروح ".
وقال :﴿ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ﴾ ( ١٠١ )، لأَنَّهُ مَصْدَر : " تَبَّبوُهُم " ، " تَتْبِيبا ".
وقال :﴿ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ﴾ ( ١٠٥ )، ومعناه : " تتفَعَّلُ "، فكان الأصل أن تكون : " تَتَكَلَّمُ "، ولكنهم استثقلوا اجتماع التاءين، فحذفوا الآخرة منهما ؛ لأنها هي التي تعتل، فهي أحقهما بالحذف، ونحو :( تَذَكَّرُون )، يسكنها الإدغام، فإن قيل : " فهلا أدغمت التاء ها هنا في الذال، وجعلت قبلها ألف وصل، كما قلت : " اِذَّكَّرُوا " ؛ فلأن هذه الألف إنما تقع في الأمر وفي كلّ فعل معناه [ ١٣٦ ء ] " فعل " ، فأما " يَفْعَلُ " و " تَفْعَلُ " ، فلا.
وقال :﴿ وَإنَّ كُلاًّ ﴾ ( ١١١ ) ثقيلة، وقال [ ١٣٦ ب ] أهل المدينة ( وإِنْ كُلاًّ )، خففوا ( إنْ ) وأعملوها، كما تعلم " لَمْ يَكُ "، وقد خففتها من " يَكُنْ "، ﴿ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ ﴾، فاللام التي مع ( ما ) هي اللام التي تدخل بعد " أن "، واللام الآخرة للقسم.
وقال :﴿ وَلاَ تَطْغَوْا ﴾ ( ١١٢ )، من " طَغَوْتَ "، " تَطْغَا "، مثل " مَحَوْتَ "، " تَمْحا ".
وقال :﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ ﴾ ( ١١٣ )، لأنها من " رَكَنَ "، " يَرْكَنُ " ، وان شئت قلت : " وَلاَ تَرْكُنوا " ، وجعلتها من " رَكَنَ "، " يَرْكُنُ ".
وقال :﴿ طَرَفَيِ النَّهَارِ ﴾ ( ١١٤ )، فحّرك الياء ؛ لأنها ساكنة لقيها حرف ساكن، لأن أَكثر ما يحرّك الساكن بالكسر، نحو :{ صاحِبَيِ السِّجّنِ ).
وقال :﴿ وَزُلَفاً مِّنَ الْلَّيْلِ ﴾ ( ١١٤ ) ؛ لأنها جماعة، تقول : " زُلْفَة " و " زُلُفاتٌ " و " زُلَفْ ".
وقال :﴿ وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ ﴾ ( ١٢٠ )، على " نقص "، ﴿ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ ( ١٢٠ )، ( كلاّ ).
[ وقال ] :﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ ( ١٢٣ )، إذا لم يجعل النبيَّ صلى الله عليه فيهم، وقال بعضهم :( تَعْمَلُون ) ؛ لأنه عنى النبيَّ صلى الله عليه معهم، أو قال له : " قل لهم :﴿ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ ".
سورة هود
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (هُودٍ) من السُّوَر المكية، وقد افتُتِحت بتعظيمِ الكتاب ووصفِه بالإحكام والتفصيل، واشتملت على حقائقِ العقيدة وأصولِ الدعوة إلى الله، مرغِّبةً ومرهِّبةً، واصفةً أهوالَ ومشاهد يوم القيامة التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ كما جاء في الأثر، وقد جاء في السورةِ كثيرٌ من قصص الأنبياء؛ تسليةً للنبي صلى الله عليه وسلم، ولأخذِ العِبَر من حال الأنبياء، ودعوتِهم مع أقوامهم.

ترتيبها المصحفي
11
نوعها
مكية
ألفاظها
1946
ترتيب نزولها
52
العد المدني الأول
122
العد المدني الأخير
121
العد البصري
121
العد الكوفي
123
العد الشامي
122

* قوله تعالى: {أَلَآ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُۚ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ اْلصُّدُورِ} [هود: 5]:

عن محمَّدِ بن عبَّادِ بن جعفرٍ: أنَّه سَمِعَ ابنَ عباسٍ يَقرأُ: {أَلَآ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} [هود: 5]، قال: سألتُه عنها، فقال: «أناسٌ كانوا يَستحيُون أن يَتخلَّوْا فيُفضُوا إلى السماءِ، وأن يُجامِعوا نساءَهم فيُفضُوا إلى السماءِ؛ فنزَلَ ذلك فيهم». أخرجه البخاري (4681).

* قوله تعالى: {وَأَقِمِ اْلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ اْلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ اْلَّيْلِۚ إِنَّ اْلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ اْلسَّيِّـَٔاتِۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّٰكِرِينَ} [هود: 114]:

عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه: «أنَّ رجُلًا أصابَ مِن امرأةٍ قُبْلةً، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأخبَرَه؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {أَقِمِ اْلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ اْلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ اْلَّيْلِۚ إِنَّ اْلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ اْلسَّيِّـَٔاتِۚ} [هود: ١١٤]، فقال الرَّجُلُ: يا رسولَ اللهِ، أَلِي هذا؟ قال: «لجميعِ أُمَّتي كلِّهم»». أخرجه البخاري (526).

وفي روايةٍ عنه رضي الله عنه، قال: «جاء رجُلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي أصَبْتُ مِن امرأةٍ كلَّ شيءٍ، إلا أنِّي لم أُجامِعْها، قال: فأنزَلَ اللهُ: {أَقِمِ اْلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ اْلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ اْلَّيْلِۚ إِنَّ اْلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ اْلسَّيِّـَٔاتِۚ} [هود: ١١٤]». أخرجه أحمد (3854).

سُمِّيتْ سورةُ (هُودٍ) بهذا الاسمِ؛ لتكرُّرِ اسمه فيها خمسَ مرَّات، ولأنَّ ما حُكِي عنه فيها أطوَلُ مما حُكِي عنه في غيرها.

جاء في فضلِ سورة (هُودٍ): أنها السُّورة التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: يا رسولَ اللهِ، قد شِبْتَ! قال: «شيَّبتْني هُودٌ وأخواتُها». أخرجه البزار (٩٢).

جاءت موضوعاتُ سورةِ (هُودٍ) على النحو الآتي:

1. حقائق العقيدة (١-٢٤).

2. أصول الدعوة الإسلامية (١-٤).

3. مشهدٌ فريد ترجُفُ له القلوب (٥-٦).

4. اضطراب نفوس الكافرين (٧-١١).

5. تسلية الرسول (١٢-١٧).

6. حال الفريقين: الكافرين، والمؤمنين (١٨-٢٤).

7. حركة حقائقِ العقيدة (٢٥-٩٩).

8. قصة نوح مع قومه (٢٥-٤٩).

9. قصة هود مع قومه (٥٠-٦٠).

10. قصة صالح مع قومه (٦١-٦٨).

11. تبشير الملائكةِ لإبراهيم عليه السلام (٦٩-٧٦).

12. إجرام قوم لوط (٧٧-٨٣).

13. قصة شُعَيب مع قومه (٨٤-٩٥).

14. مُوجَز قصة موسى مع فِرْعون (٩٦-٩٩).

15. التعقيب على حقيقة العقيدة (١٠٠-١٢٣).

16. العِبْرة فيما قص الله علينا دنيا وآخرة (١٠٠-١٠٩).

17. الاختلاف في الحق، والركون إلى الظَّلمة (١١٠- ١١٥).

18. الفتنة تعُمُّ بسكوت الصالحين (١١٦-١١٩).

19. في القصص تثبيتٌ وتسلية للقلب (١٢٠-١٢٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /445).

أشارت بدايةُ السُّورة بافتتاحها بـ(الأحرُفِ المقطَّعة: {الٓر}) إلى أن مقصدَها تعظيمُ هذا الكتاب، ووصفُ الكتاب بالإحكامِ والتفصيل، في حالتَيِ البِشارة والنِّذارة، المقتضي لوضعِ كلِّ شيء في أتَمِّ مَحالِّه، وإنفاذه - مهما أريدَ -، المُوجِب للقدرة على كل شيء، وفي ذلك تسليةُ النبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيتٌ له على الحق: {فَاْصْبِرْۖ إِنَّ اْلْعَٰقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود: 49].

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /175).