تفسير سورة النجم

أحكام القرآن

تفسير سورة سورة النجم من كتاب أحكام القرآن
لمؤلفه الجصاص . المتوفي سنة 370 هـ

قوله تعالى :﴿ وَمَا يَنْطِقُ عِنِ الهَوَى ﴾ يحتجّ به من لا يجيز أن يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الحوادث من جهة اجتهاد الرأي، بقوله :﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾. وليس كما ظنوا ؛ لأن اجتهاد الرأي إذا صدر عن الوحي جاز أن ينسب موجبه وما أدّى إليه أنه عن وحي.
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى ﴾، رُوي عن ابن مسعود وعائشة ومجاهد والربيع قالوا :" رأى جبريل في صورته التي خلقه الله عليها مرتين ".
ورُوي عن ابن عباس :" أنه رأى ربه بقلبه " ؛ وهذا يرجع إلى معنى العلم. وعن ابن مسعود والضحاك :" سِدْرَة المنتهى في السماء السادسة وإليها ينتهي ما يعرج إلى السماء ". وقيل :" سميت سدرة المنتهى لأنه ينتهي إليها أرواح الشهداء ".
وقال الحسن :" جنة المأوى هي التي يصير إليها أهل الجنة ".
وفي هذه الآية دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صعد إلى السماء وإلى الجنة بقوله تعالى :" رآه عند سدرة المنتهى وإن عندها جنة المأوى ".
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣:قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى ﴾، رُوي عن ابن مسعود وعائشة ومجاهد والربيع قالوا :" رأى جبريل في صورته التي خلقه الله عليها مرتين ".
ورُوي عن ابن عباس :" أنه رأى ربه بقلبه " ؛ وهذا يرجع إلى معنى العلم. وعن ابن مسعود والضحاك :" سِدْرَة المنتهى في السماء السادسة وإليها ينتهي ما يعرج إلى السماء ". وقيل :" سميت سدرة المنتهى لأنه ينتهي إليها أرواح الشهداء ".
وقال الحسن :" جنة المأوى هي التي يصير إليها أهل الجنة ".
وفي هذه الآية دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صعد إلى السماء وإلى الجنة بقوله تعالى :" رآه عند سدرة المنتهى وإن عندها جنة المأوى ".

قوله تعالى :﴿ إِلاَّ اللَّمَمَ ﴾ ؛ قال ابن عباس رواية : لم أر أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :" إِنَّ الله تعالى كَتَبَ على ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا أَدْرَكَ ذلك لا مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسانِ المَنْطِقُ، والنَّفْسُ تَمنَّى وَتَشْتَهي والفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلك كُلِّهُ أَوْ يُكَذِّبُهُ ".
ورُوي عن ابن مسعود وأبي هريرة :" أنه النظرة والغمزة والقبلة والمباشرة، فإذا مسَّ الخِتَانُ الخِتَانَ فهو الزنا ووجب الغسل "، وعن أبي هريرة أيضاً :" إن اللمم النكاح "، وعنه أيضاً :" إن اللمة من الزنا ثم يتوب فلا يعود ".
وقال ابن عباس رواية :" اللمم ما بين الحدَّيْنِ حدّ الدنيا وحدّ الآخرة ". وقال ابن عباس أيضاً روايةً :" هو الذي يُلِمُّ بالمرأة ". وقال عطاء :" اللَّمَمُ ما دون الجِمَاع ". وقال مجاهد :" أن تصيب الذنب ثم تتوب ".
وروى عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" اللّهُمَّ إِنْ تَغْفِرْ تَغْفِرْ جَمّاً وأيّ عَبْدٍ لَكَ لا أَلَمَّا ".
ويقال : إن اللمم هو الهمُّ بالخطيئة من جهة حديث النفس بها من غير عزم عليها. وقيل : إن اللمم مقاربة الشيء من غير دخول فيه، يقال : ألَمَّ بالشيء إلماماً إذا قاربه. وقيل : إن اللمم الصغير من الذنوب، لقوله تعالى :﴿ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ﴾ [ النساء : ٣١ ].
قوله تعالى :﴿ أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةُ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ هو كقوله :﴿ ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه ﴾ [ النساء : ١١١ ]، وكقوله :﴿ ولا تكسب كل نفس إلاَّ عليها ﴾ [ الأنعام : ١٦٤ ]. وقوله تعالى :﴿ وَأَنْ لَيْسَ للإِنْسَانِ إِلاّ مَا سَعَى ﴾ في معنى ذلك. ويُحْتَجُّ به في امتناع جواز تصرف الإنسان على غيره في إبطال الحجر على الحرّ العاقل البالغ.
قوله تعالى :﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنَى ﴾. قال أبو بكر : لما كان قوله :﴿ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى ﴾ اسماً للجنس استوعب الجميع، وهذا يدلّ على أنه لا يخلو من أن يكون ذَكَراً أو أنثى أو الخُنْثَى وإن اشتبه علينا أمره لا يخلو من أحدهما ؛ وقد قال محمد بن الحسن : إن الخنثى المشكل إنما يكون ما دام صغيراً فإذا بلغ فلا بدّ من أن تظهر فيه علامة ذكر أو أنثى. وهذه الآية تدل على صحة قوله.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٥:قوله تعالى :﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنَى ﴾. قال أبو بكر : لما كان قوله :﴿ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى ﴾ اسماً للجنس استوعب الجميع، وهذا يدلّ على أنه لا يخلو من أن يكون ذَكَراً أو أنثى أو الخُنْثَى وإن اشتبه علينا أمره لا يخلو من أحدهما ؛ وقد قال محمد بن الحسن : إن الخنثى المشكل إنما يكون ما دام صغيراً فإذا بلغ فلا بدّ من أن تظهر فيه علامة ذكر أو أنثى. وهذه الآية تدل على صحة قوله.
سورة النجم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّجْم) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الإخلاص)، وقد أشارت إلى صدقِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في تبليغه الرسالةَ، ونفيِ الهوى عنه، وأن كلَّ ما جاء به هو وحيٌ من عند الله، عن طريق جبريلَ عليه السلام؛ فحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يفتريَ على الله الكذبَ، كما جاءت السورةُ الكريمة بإثبات بطلان الآلهة التي يَدْعُونها من دُونِ الله؛ فهو وحده المستحِقُّ للعبادة.

ترتيبها المصحفي
53
نوعها
مكية
ألفاظها
361
ترتيب نزولها
23
العد المدني الأول
61
العد المدني الأخير
61
العد البصري
61
العد الكوفي
62
العد الشامي
61

*  سورة (النَّجْم):

سُمِّيت سورة (النَّجْم) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَم الله عز وجل بالنَّجْم.

* سورة (النَّجْم) هي أولُ سورةٍ أُنزلت فيها سجدةٌ:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «أولُ سورةٍ أُنزِلتْ فيها سَجْدةٌ: {وَاْلنَّجْمِ}، قال: فسجَدَ رسولُ اللهِ ﷺ، وسجَدَ مَن خَلْفَه، إلا رجُلًا رأَيْتُه أخَذَ كفًّا مِن ترابٍ فسجَدَ عليه، فرأَيْتُه بعدَ ذلك قُتِلَ كافرًا؛ وهو أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ». أخرجه البخاري (٤٨٦٣).

1. إثبات الوحيِ، وتزكيةُ مَن أُنزِلَ عليه (١-١٨).

2. الظنُّ لا يغني من الحق شيئًا (١٩-٣٢).

3. ذمُّ المشركين، وبيانُ وَحْدة رسالة التوحيد (٣٣- ٦٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /490).

مقصدُ السورة الأعظم هو إثبات صدقِ النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، ونفيِ الهوى عنه، فلا يَتكلَّم إلا بما علَّمه اللهُ إياه عن طريق الوحيِ؛ فهو الصادقُ المصدوق المبعوث من عند القويِّ المتعال، وفي ذلك يقول ابنُ عاشور رحمه الله مشيرًا إلى مقصودها: «تحقيقُ أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادقٌ فيما يبلغه عن الله تعالى، وأنه مُنزَّه عما ادَّعَوْهُ.

وإثباتُ أن القرآن وحيٌ من عند الله بواسطة جبريل.

وتقريبُ صفة نزول جبريل بالوحيِ في حالينِ؛ زيادةً في تقرير أنه وحيٌ من الله واقع لا محالةَ.

وإبطالُ إلهيَّة أصنام المشركين.

وإبطال قولهم في اللاتِ والعُزَّى ومَناةَ: بناتُ الله، وأنها أوهام لا حقائقَ لها، وتنظيرُ قولهم فيها بقولهم في الملائكة: إنهم إناثٌ». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /88).

وينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /35).