تفسير سورة النجم

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة النجم من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ أَقْسَمَ بالنجومِ إذا غَرَبَتْ، فالنجمُ هنا لفظُه واحدٌ، ومعناه الجمعُ، وَهَوِيُّهُ: غُرُوبُهُ، وقيل: المرادُ بالنجم الثّرَيَّا، والعربُ تسمي الثريا نَجْمًا.
﴿مَا ضَلَّ﴾ ما جَهِلَ.
﴿وَمَا غَوَى﴾ ما عَانَدَ؛ لأن مخالفةَ الحقِّ إما أن تكون عن جهلٍ أو عن غَيٍّ.
﴿شَدِيدُ الْقُوَى﴾ صِفَةٌ لموصوفٍ محذوفٍ؛ أي: عَلَّمَهُ مَلَكٌ شَدِيدُ القُوَى وهو جِبْرِيلُ.
﴿ذُو مِرَّةٍ﴾ صَاحِبُ قُوَّةٍ.
﴿سِدْرَةِ المُنْتَهَى﴾ شَجْرَةٌ فَوْقَ السماءِ السابعةِ سُمِّيَتِ المنتهى؛ لأنه يَنْتَهِي إليها ما يَعْرُجُ من الأرضِ.
﴿جَنَّةُ المَأْوَى﴾ أي: الجنةُ الجامعةُ لكلِّ نَعِيمٍ، بحيث كانت مَحَلًّا تَنْتَهِي إليه الأَمَانِي، وترغبُ فيه الإراداتُ، وتأوي إليها الرغباتُ، وهذا دليلٌ عَلَى أن الجنةَ في أعلى الأماكنِ، وفوقَ السماءِ السابعةِ.
﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ﴾ مَا مَالَ، أي: ما زَاغَ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً عن مَقْصُودِهِ.
﴿وَمَا طَغَى﴾ أي: وما تَجَاوَزَ البَصَرَ، وهذا كمالُ الأدبِ منه - ﷺ - أن قَامَ مَقَامًا أَقَامَهُ اللهُ فيه ولم يُقَصِّرْ عنه ولَا تَجَاوَزَهُ، وَلَا حَادَ عَنْهُ.
﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ من الجنةِ والنارِ وغيرِ ذلك من الآياتِ التي رآها - ﷺ - ليلةَ أُسْرِيَ به.
﴿ضِيزَى﴾ جَائِرَةٌ عن العَدْلِ، خَارِجَةٌ عن الصَّوَابِ، حيث جَعَلْتُمْ لِرَبِّكُمْ ما تَكْرَهُونَ لِأَنْفُسِكُمْ، وهذا توبيخٌ لهم عَلَى صَنِيعِهِمْ، يقال: ضَازَ في الحُكْمِ أي: جَارَ.
﴿الظَّنَّ﴾ الظَّنُّ هنا الوَهْمُ الكَاذِبُ.
﴿ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِنَ الْعِلْمِ﴾ المُشَارُ إليه كَوْنُهُمْ مُعْرِضِينَ لا يُرِيدُونَ إلا الحياةَ الدنيا، فهذا مُنْتَهَى عِلْمِهِمْ وَغَايَتُهُ، فلا يَلْتَفِتُونَ إلى أَمْرِ الدِّينِ.
﴿إِلَّا اللَّمَمَ﴾ وهي الذنوبُ الصغارُ التي لا يُصِرُّ عليها صاحبُها، أو التي يُلِمُّ العبدُ بها المرةَ بعد المرةِ، عَلَى وجهِ النُّدْرَةِ وَالقِلَّةِ، فهذه ليس مجردُ الإِقْدَامِ عليها مُخْرِجًا للعبدِ من أن يكون من المُحْسِنِينَ، فإن هذه مع الإتيانِ بالواجباتِ وَتَرْكِ المُحَرَّمَاتِ تدخلُ تحتَ مغفرةِ اللهِ التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ.
﴿وَأَكْدَى﴾ قَطَعَ عَطِيَّتَهُ وَأَمْسَكَ.
﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ أي: هُوَ الَّذِي أَوْجَدَ أَسْبَابَ الضَّحِكِ والبُكَاءِ، وهو الخيرُ والشرُّ، والفرحُ والسرورُ، والهمُّ والحُزْنُ، وهو سبحانه له الحكمةُ البالغةُ في ذلك.
﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا﴾ أي: هُوَ المُنْفَرِدُ بالإيجادِ والإعدامِ، والذي أَوْجَدَ الخَلْقَ وَأَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ، سَيُعِيدُهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، وَيُجَازِيهِمْ بتلك الأعمالِ التي عَمِلُوهَا في دارِ الدنيا.
﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى﴾ أي: أَغْنَى العبادَ بتيسيرِ أَمْرِ مَعَاشِهِمْ من التجاراتِ وأنواعِ المكاسبِ مِنَ الحِرَفِ وغيرِها، وَأَقْنَى؛ أي: أَفَادَ عِبَادَهُ من الأموالِ بجميعِ أنواعِها ما يَصِيرُونَ به مُقْتَنِينَ لها، وَمَالِكِينَ لكثيرٍ من الأَعْيَانِ.
﴿الشِّعْرَى﴾ اسْمُ نَجْمٍ.
﴿وَالمُؤْتَفِكَةَ﴾ صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ، أي القرى المؤتفكةَ وهي قُرَى قَوْمِ لُوطٍ.
﴿أَهْوَى﴾ أَسْقَطَهَا بِهِمْ.
﴿أَزِفَتْ الْآزِفَةُ﴾ قَرُبَتِ القِيَامَةُ.
﴿سَامِدُونَ﴾ لَاهُونَ غَافِلُونَ عَمَّا يُطْلَبُ مِنْكُمْ، والسُّمُودُ: اللَّهْوُ، والسَّامِدُ: اللَّاهِي.
61
سُورة القَمَرِ
سورة النجم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّجْم) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الإخلاص)، وقد أشارت إلى صدقِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في تبليغه الرسالةَ، ونفيِ الهوى عنه، وأن كلَّ ما جاء به هو وحيٌ من عند الله، عن طريق جبريلَ عليه السلام؛ فحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يفتريَ على الله الكذبَ، كما جاءت السورةُ الكريمة بإثبات بطلان الآلهة التي يَدْعُونها من دُونِ الله؛ فهو وحده المستحِقُّ للعبادة.

ترتيبها المصحفي
53
نوعها
مكية
ألفاظها
361
ترتيب نزولها
23
العد المدني الأول
61
العد المدني الأخير
61
العد البصري
61
العد الكوفي
62
العد الشامي
61

*  سورة (النَّجْم):

سُمِّيت سورة (النَّجْم) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَم الله عز وجل بالنَّجْم.

* سورة (النَّجْم) هي أولُ سورةٍ أُنزلت فيها سجدةٌ:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «أولُ سورةٍ أُنزِلتْ فيها سَجْدةٌ: {وَاْلنَّجْمِ}، قال: فسجَدَ رسولُ اللهِ ﷺ، وسجَدَ مَن خَلْفَه، إلا رجُلًا رأَيْتُه أخَذَ كفًّا مِن ترابٍ فسجَدَ عليه، فرأَيْتُه بعدَ ذلك قُتِلَ كافرًا؛ وهو أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ». أخرجه البخاري (٤٨٦٣).

1. إثبات الوحيِ، وتزكيةُ مَن أُنزِلَ عليه (١-١٨).

2. الظنُّ لا يغني من الحق شيئًا (١٩-٣٢).

3. ذمُّ المشركين، وبيانُ وَحْدة رسالة التوحيد (٣٣- ٦٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /490).

مقصدُ السورة الأعظم هو إثبات صدقِ النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، ونفيِ الهوى عنه، فلا يَتكلَّم إلا بما علَّمه اللهُ إياه عن طريق الوحيِ؛ فهو الصادقُ المصدوق المبعوث من عند القويِّ المتعال، وفي ذلك يقول ابنُ عاشور رحمه الله مشيرًا إلى مقصودها: «تحقيقُ أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادقٌ فيما يبلغه عن الله تعالى، وأنه مُنزَّه عما ادَّعَوْهُ.

وإثباتُ أن القرآن وحيٌ من عند الله بواسطة جبريل.

وتقريبُ صفة نزول جبريل بالوحيِ في حالينِ؛ زيادةً في تقرير أنه وحيٌ من الله واقع لا محالةَ.

وإبطالُ إلهيَّة أصنام المشركين.

وإبطال قولهم في اللاتِ والعُزَّى ومَناةَ: بناتُ الله، وأنها أوهام لا حقائقَ لها، وتنظيرُ قولهم فيها بقولهم في الملائكة: إنهم إناثٌ». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /88).

وينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /35).