تفسير سورة الجمعة

نيل المرام تفسير آيات الأحكام

تفسير سورة سورة الجمعة من كتاب نيل المرام من تفسير آيات الأحكام المعروف بـنيل المرام تفسير آيات الأحكام.
لمؤلفه صديق حسن خان . المتوفي سنة 1307 هـ

سورة الجمعة إحدى عشرة آية
وهي مدنيّة، قال القرطبي «١» : في قول الجميع.
[الآية الأولى]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩).
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ: أي وقع النداء: لها، والمراد به الأذان إذا جلس الإمام على المنبر يوم الجمعة، لأنه لم يكن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نداء سواه.
مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: بيان لإذا وتفسير لها.
وقال أبو البقاء: (من) بمعنى في.
فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ: قال عطاء: يعني الذهاب والمشي إلى الصلاة.
وقال الفراء: المضي، والسعي، والذهاب، في معنى واحد. ويدل على ذلك قراءة عمر بن الخطاب وابن مسعود: (فامضوا إلى ذكر الله).
وقيل: المراد القصد.
قال الحسن: والله ما هو سعي على الأقدام ولكنه قصد بالقلوب والنيات. وقيل:
هو العمل كقوله: وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ [الإسراء: ١٩]، وقوله:
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤) [الليل: ٤]، وقوله: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى (٣٩) [النجم: ٣٩].
(١) انظره في «تفسيره» (١٨/ ٩١).
446
قال القرطبي «١» : وهذا قول الجمهور.
وَذَرُوا الْبَيْعَ: أي اتركوا المعاملة به، ويلحق به سائر المعاملات.
قال الحسن: إذا أذّن المؤذن يوم الجمعة لم يحل الشراء والبيع.
والإشارة بقوله: ذلِكُمْ إلى السعي إلى ذكر الله وترك البيع، وهو مبتدأ وخبره:
خَيْرٌ لَكُمْ لما في الامتثال من الأجر والجزاء، وفي عدمه من عدم ذلك إذا لم يكن موجبا للعقوبة.
إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩) : أي إن كنتم من أهل العلم، فإنه لا يخفى عليكم أن ذلكم خير لكم، أو فاختاروا ذلك «٢».
(١) انظره في «تفسيره» :(١٨/ ١٠١).
(٢) انظر: تفسير الطبري (٢٨/ ٦٨)، وزاد المسير (٨/ ٢٦٧).
447
سورة الجمعة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الجمعة) من السُّوَر المدنية، وهي من (المسبِّحات)، نزلت بعد سورة (الصَّفِّ)، وقد بدأت ببيانِ مقاصدِ البعثة النبوية، وأشارت إلى أهميةِ الاجتماع على هذا الدِّين، ولزومِ جماعة المسلمين، وتركِ ملذَّات الدنيا وشهواتها؛ لذا جاءت بوجوب (الجُمُعة)؛ لِما في ذلك من دلالاتٍ عظيمة؛ منها: الاجتماع، والوَحْدة، والأُلْفة بين المسلمين.

ترتيبها المصحفي
62
نوعها
مدنية
ألفاظها
177
ترتيب نزولها
110
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَٰرَةً أَوْ لَهْوًا اْنفَضُّوٓاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ} [الجمعة: 11]:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «بَيْنما نحنُ نُصلِّي مع النبيِّ ﷺ، إذ أقبَلتْ عِيرٌ تَحمِلُ طعامًا، فالتفَتوا إليها، حتى ما بَقِيَ مع النبيِّ ﷺ إلا اثنا عشَرَ رجُلًا؛ فنزَلتْ هذه الآيةُ: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَٰرَةً أَوْ لَهْوًا اْنفَضُّوٓاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ} [الجمعة: 11]». أخرجه البخاري (٩٣٦).

* سورة (الجمعة):

سُمِّيت سورةُ (الجمعة) بهذا الاسم؛ لوقوع لفظِ {اْلْجُمُعَةِ} فيها؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوْمِ اْلْجُمُعَةِ فَاْسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ اْللَّهِ وَذَرُواْ اْلْبَيْعَۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٞ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9].

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأُ سورة (الجمعة) في صلاة الجمعة:

عن عُبَيدِ اللهِ بن أبي رافعٍ، قال: «استخلَفَ مَرْوانُ أبا هُرَيرةَ على المدينةِ، وخرَجَ إلى مكَّةَ، فصلَّى بنا أبو هُرَيرةَ يومَ الجمعةِ، فقرَأَ سورةَ الجمعةِ، وفي السَّجْدةِ الثانيةِ: {إِذَا جَآءَكَ اْلْمُنَٰفِقُونَ}، قال عُبَيدُ اللهِ: فأدرَكْتُ أبا هُرَيرةَ، فقلتُ: تَقرأُ بسُورتَينِ كان عليٌّ يَقرؤُهما بالكوفةِ؟ فقال أبو هُرَيرةَ: إنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يَقرأُ بهما». أخرجه مسلم (٨٧٧).

1. مقاصدُ البعثة النبوية (١-٤).

2. ذكرُ حالِ اليهود مع التوراة، والردُّ عليهم (٥-٨).

3. حضور صلاة الجمعة (٩-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /149).

مقصودها تأكيدُ أهميةِ الاجتماع على هذا الدِّين، والتمسُّكِ بجماعة المسلمين، ولزومها، ويَتمثَّل ذلك في الالتزام بصلاة الجمعة، وعدمِ الالتفات إلى الدنيا وشهواتها، واسمُها واضحُ الدلالة على هذا المقصد.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /84)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (28 /206).