تفسير سورة الجمعة

المصحف المفسّر

تفسير سورة سورة الجمعة من كتاب المصحف المفسّر
لمؤلفه فريد وجدي . المتوفي سنة 1373 هـ
سورة الجمعة مدنية وآياتها إحدى عشرة

تفسير الألفاظ :
﴿ يسبح لله ﴾ أي ينزهه عن صفات النقص. ﴿ القدوس ﴾ أي الطاهر المنزه عن كل شين، وهو مشتق من القدس وهو الطهر، ويقال له القدوس أيضا بفتح القاف. فعله قدس يقدس قدسا وقدسا أي طهر، وتقدس أي تطهر.
تفسير المعاني :
يقدس الله وينزهه عن صفات النقص كل ما في السماوات والأرض من كائنات، وهو الملك المنزه العزيز الحكيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ الأميين ﴾ أي العرب لأنهم كانوا أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب. ﴿ يتلو ﴾ أي يقرأ. ﴿ ويزكيهم ﴾ أي ويطهرهم. ﴿ الكتاب والحكمة ﴾ أي القرآن ومعالم الدين.
تفسير المعاني :
هو الذي بعث في العرب الأميين رسولا منهم يقرأ عليهم آياته ويطهرهم، ويعلمهم القرآن ومعالم الدين وآداب الحياة، وإن كانوا من قبله لفي ضلال مبين.
تفسير الألفاظ :
﴿ وآخرين ﴾ عطف على الأميين. ﴿ لما يلحقوا بهم ﴾ أي لم يلحقوا بهم بعد، لأن لما مثل لم إلا أن نفيها يسري على الحال.
تفسير المعاني :
وبعثه أيضا لغيرهم لم يلحقوا بالعرب بعد، ولكنهم سيأتون في مستقبل الأيام، وهم أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين.
تفسير المعاني :
ذلك فضل الله على الأمة العربية والله يتفضل على من يشاء وهو ذو الفضل العظيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ حملوا التوراة ﴾ أي كلفوا بها. ﴿ ثم لم يحملوها ﴾ أي ثم لم يعملوا بها. ﴿ أسفارا ﴾ كتبا وهي جمع سفر وهو الكتاب.
تفسير المعاني :
مثل الذين كلفوا العمل بالتوراة والقيام على صراطها، ولم يرفعوا بذلك رأسا ولم يقوموا بما عهد إليهم من ذلك.. كمثل الحمار يحمل على ظهره كتبا ينقلها من مكان إلى مكان وهو لا يدري ما فيها من كنوز المعارف ومعين الحياة الصحيحة. فبئس الذين يكذبون بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ الذين هادوا ﴾ هم اليهود، سموا بذلك لقول موسى عليه السلام : إنا هدنا إليك، أي رجعنا إليك. وهاد يهود هودا أي رجع وتاب.
تفسير المعاني :
قل : يا أيها اليهود إن ادعيتم أنكم أولى بالله من دون الناس وهو أولى بكم، فتمنوا الموت إن كنتم صادقين.
تفسير المعاني :
إنهم لا يتمنونه أبدا بسبب ما قدمت أيديهم من الآثام عليم بالظالمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ عالم الغيب والشهادة ﴾ أي العالم بما غاب عن المشاعر وبما ظهر للحواس من عالم الشهود والعيان. ﴿ فينبئكم ﴾ أي فيخبركم.
تفسير المعاني :
قل : إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم حتما، ثم تردون إلى العالم بما غاب عن الحس وما حضر فيه فيخبركم بما كنتم تعملون.
تفسير الألفاظ :
﴿ فاسعوا إلى ذكر الله ﴾ أي فامضوا إليه مسرعين. ﴿ وذروا ﴾ أي واتركوا. هذا الفعل لا يستعمل إلا في المضارع والأمر.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا إذا نادى المنادي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا سراعا إلى ذكر الله أي إلى الصلاة، واتركوا البيع والشراء، ذلكم أفضل لكم وأعود بالخيرات والبركات عليكم إن كنتم من أهل العلم.
تفسير الألفاظ :
﴿ وابتغوا ﴾ أي واطلبوا.
تفسير المعاني :
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:فإذا أديت الصلاة فانبثوا في الأرض، واطلبوا من فضل الله، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون، وهؤلاء إذا رأوا تجارة قائمة، أو لهوا حاصلا، تفرقوا عنك إليه وتركوك قائما تخطب. قل : ما عند الله خير من اللهو والتجارة، والله خير الرازقين.
تفسير الألفاظ :
﴿ انفضوا إليها ﴾ أي تفرقوا عنك إليها. يقال انفض القوم أي تفرقوا.
تفسير المعاني :
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:فإذا أديت الصلاة فانبثوا في الأرض، واطلبوا من فضل الله، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون، وهؤلاء إذا رأوا تجارة قائمة، أو لهوا حاصلا، تفرقوا عنك إليه وتركوك قائما تخطب. قل : ما عند الله خير من اللهو والتجارة، والله خير الرازقين.

روي أنه عليه الصلاة والسلام كان يخطب للجمعة فمرت عير تحمل الطعام، فخرج الناس من المسجد لما سمعوا اللهو والطبل اللذين أعدا لاستقبالها بهما، وتركوا رسول الله قائما ولم يثبت معه غير اثني عشر شخصا، فنزلت هذه الآية توبخهم.
سورة الجمعة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الجمعة) من السُّوَر المدنية، وهي من (المسبِّحات)، نزلت بعد سورة (الصَّفِّ)، وقد بدأت ببيانِ مقاصدِ البعثة النبوية، وأشارت إلى أهميةِ الاجتماع على هذا الدِّين، ولزومِ جماعة المسلمين، وتركِ ملذَّات الدنيا وشهواتها؛ لذا جاءت بوجوب (الجُمُعة)؛ لِما في ذلك من دلالاتٍ عظيمة؛ منها: الاجتماع، والوَحْدة، والأُلْفة بين المسلمين.

ترتيبها المصحفي
62
نوعها
مدنية
ألفاظها
177
ترتيب نزولها
110
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَٰرَةً أَوْ لَهْوًا اْنفَضُّوٓاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ} [الجمعة: 11]:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «بَيْنما نحنُ نُصلِّي مع النبيِّ ﷺ، إذ أقبَلتْ عِيرٌ تَحمِلُ طعامًا، فالتفَتوا إليها، حتى ما بَقِيَ مع النبيِّ ﷺ إلا اثنا عشَرَ رجُلًا؛ فنزَلتْ هذه الآيةُ: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَٰرَةً أَوْ لَهْوًا اْنفَضُّوٓاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ} [الجمعة: 11]». أخرجه البخاري (٩٣٦).

* سورة (الجمعة):

سُمِّيت سورةُ (الجمعة) بهذا الاسم؛ لوقوع لفظِ {اْلْجُمُعَةِ} فيها؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوْمِ اْلْجُمُعَةِ فَاْسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ اْللَّهِ وَذَرُواْ اْلْبَيْعَۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٞ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9].

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأُ سورة (الجمعة) في صلاة الجمعة:

عن عُبَيدِ اللهِ بن أبي رافعٍ، قال: «استخلَفَ مَرْوانُ أبا هُرَيرةَ على المدينةِ، وخرَجَ إلى مكَّةَ، فصلَّى بنا أبو هُرَيرةَ يومَ الجمعةِ، فقرَأَ سورةَ الجمعةِ، وفي السَّجْدةِ الثانيةِ: {إِذَا جَآءَكَ اْلْمُنَٰفِقُونَ}، قال عُبَيدُ اللهِ: فأدرَكْتُ أبا هُرَيرةَ، فقلتُ: تَقرأُ بسُورتَينِ كان عليٌّ يَقرؤُهما بالكوفةِ؟ فقال أبو هُرَيرةَ: إنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يَقرأُ بهما». أخرجه مسلم (٨٧٧).

1. مقاصدُ البعثة النبوية (١-٤).

2. ذكرُ حالِ اليهود مع التوراة، والردُّ عليهم (٥-٨).

3. حضور صلاة الجمعة (٩-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /149).

مقصودها تأكيدُ أهميةِ الاجتماع على هذا الدِّين، والتمسُّكِ بجماعة المسلمين، ولزومها، ويَتمثَّل ذلك في الالتزام بصلاة الجمعة، وعدمِ الالتفات إلى الدنيا وشهواتها، واسمُها واضحُ الدلالة على هذا المقصد.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /84)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (28 /206).