تفسير سورة الجمعة

المنتخب في تفسير القرآن الكريم

تفسير سورة سورة الجمعة من كتاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم
لمؤلفه المنتخب . المتوفي سنة 2008 هـ
افتتحت هذه السورة بإخباره تعالى أنه يسبح له ما في السماوات وما في الأرض، وقد امتن جل شأنه على العرب الأميين أنه بعث رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم، وإن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء.
وقد نعى الله تعالى على اليهود تركهم العمل بالتوراة مع علمهم بما فيها، وأنكر عليهم دعواهم أنهم أولياء الله من دون الناس، وتحداهم أن يتمنوا الموت إن كانوا صادقين. وختمت السورة بأمر المؤمنين أن يبادروا إلى صلاة الجمعة إذا سمعوا النداء، وأن يذروا البيع، وإذا قضيت الصلاة ينتشرون في الأرض ويبتغون من فضل الله، وأنكر عليهم أن يشغلهم عن سماع خطبتها شاغل من تجارة أو لهو، وتكفل لهم بالرزق، والله خير الرازقين.

١- يُسبح لله وينزِّهه عما لا يليق به كل ما في السماوات وما في الأرض. المالك لكل شيء. المتصرف فيه بلا منازع، المنزه تنزيهاً كاملاً عن كل نقص، الغالب على كل شيء، ذي الحكمة البالغة.
٢- الله هو الذي أرسل في العرب الذين لا يعرفون الكتابة رسولاً منهم. يقرأ عليهم آياته ويُطهرهم من خبائث العقائد والأخلاق، ويُعلمهم القرآن والتَّفقه في الدين، وأنهم كانوا قبل بعثته لفي انحراف عن الحق شديد الوضوح.
٣- وبعثه في آخرين منهم. لم يجيئوا بعد وسيجيئون، وهو - وحده - الغالب على كل شيء. ذو الحكمة البالغة في كل أفعاله.
٤- ذلك البعث فضل من الله يكرم به من يختار من عباده، والله - وحده - صاحب الفضل العظيم.
٥- مثل اليهود الذين عُلِّموا التوراة، وكلِّفوا العمل بها، ثم لم يعملوا. كمثل الحمار يحمل كتباً نافعة ولا يعرف ما فيها. ساء مثل القوم الذين كذَّبوا بآيات الله، والله لا يوفق إلى الهدى القوم الذين شأنهم الظلم.
٦- قل - يا محمد - : يا أيها الذين صاروا يهوداً، إن ادعيتم - باطلاً - أنكم أحباء الله من دون الناس جميعاً، فتمنوا من الله الموت إن كنتم صادقين في دعوى حب الله لكم.
٧- قال الله : ولا يتمنى الموت يهودي أبداً بسبب ما قدَّموه من الكفر وسوء الفعال، والله محيط علمه بالظالمين.
٨- قل : إن الموت الذي تهربون منه لا مهرب منه، فإنه ملاقيكم، ثم تردُّون إلى عالم السر والعلانية، فيخبركم بما كنتم تعملون.
٩- يا أيها الذين آمنوا إذا أُذِّنَ للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله. حريصين عليه، واتركوا البيع، ذلكم الذي أُمرتم به أنفع لكم إن كنتم تعلمون.
١٠- فإذا أديتم الصلاة فتفرقوا في الأرض لمصالحكم، واطلبوا من فضل الله، واذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم كثيراً، لعلكم تفوزون بخيري الدنيا والآخرة.
١١- وإذا أبصروا متاعاً للتجارة أو لهواً تفرقوا إليها وتركوك قائماً تخطب، قل : إن ما عند الله من الفضل والثواب أنفع لكم من اللهو ومن التجارة، والله خير الرازقين، فاطلبوا رزقه بطاعته.
سورة الجمعة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الجمعة) من السُّوَر المدنية، وهي من (المسبِّحات)، نزلت بعد سورة (الصَّفِّ)، وقد بدأت ببيانِ مقاصدِ البعثة النبوية، وأشارت إلى أهميةِ الاجتماع على هذا الدِّين، ولزومِ جماعة المسلمين، وتركِ ملذَّات الدنيا وشهواتها؛ لذا جاءت بوجوب (الجُمُعة)؛ لِما في ذلك من دلالاتٍ عظيمة؛ منها: الاجتماع، والوَحْدة، والأُلْفة بين المسلمين.

ترتيبها المصحفي
62
نوعها
مدنية
ألفاظها
177
ترتيب نزولها
110
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَٰرَةً أَوْ لَهْوًا اْنفَضُّوٓاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ} [الجمعة: 11]:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «بَيْنما نحنُ نُصلِّي مع النبيِّ ﷺ، إذ أقبَلتْ عِيرٌ تَحمِلُ طعامًا، فالتفَتوا إليها، حتى ما بَقِيَ مع النبيِّ ﷺ إلا اثنا عشَرَ رجُلًا؛ فنزَلتْ هذه الآيةُ: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَٰرَةً أَوْ لَهْوًا اْنفَضُّوٓاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ} [الجمعة: 11]». أخرجه البخاري (٩٣٦).

* سورة (الجمعة):

سُمِّيت سورةُ (الجمعة) بهذا الاسم؛ لوقوع لفظِ {اْلْجُمُعَةِ} فيها؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوْمِ اْلْجُمُعَةِ فَاْسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ اْللَّهِ وَذَرُواْ اْلْبَيْعَۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٞ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9].

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأُ سورة (الجمعة) في صلاة الجمعة:

عن عُبَيدِ اللهِ بن أبي رافعٍ، قال: «استخلَفَ مَرْوانُ أبا هُرَيرةَ على المدينةِ، وخرَجَ إلى مكَّةَ، فصلَّى بنا أبو هُرَيرةَ يومَ الجمعةِ، فقرَأَ سورةَ الجمعةِ، وفي السَّجْدةِ الثانيةِ: {إِذَا جَآءَكَ اْلْمُنَٰفِقُونَ}، قال عُبَيدُ اللهِ: فأدرَكْتُ أبا هُرَيرةَ، فقلتُ: تَقرأُ بسُورتَينِ كان عليٌّ يَقرؤُهما بالكوفةِ؟ فقال أبو هُرَيرةَ: إنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يَقرأُ بهما». أخرجه مسلم (٨٧٧).

1. مقاصدُ البعثة النبوية (١-٤).

2. ذكرُ حالِ اليهود مع التوراة، والردُّ عليهم (٥-٨).

3. حضور صلاة الجمعة (٩-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /149).

مقصودها تأكيدُ أهميةِ الاجتماع على هذا الدِّين، والتمسُّكِ بجماعة المسلمين، ولزومها، ويَتمثَّل ذلك في الالتزام بصلاة الجمعة، وعدمِ الالتفات إلى الدنيا وشهواتها، واسمُها واضحُ الدلالة على هذا المقصد.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /84)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (28 /206).