تفسير سورة الجمعة

جهود القرافي في التفسير

تفسير سورة سورة الجمعة من كتاب جهود القرافي في التفسير
لمؤلفه القرافي . المتوفي سنة 684 هـ

١٢٢٣- لا يقضي أنه لم يبعث لغيرهم، فإن الملك العظيم إذا قال : " بعثت إلى مصر رسولا من أهلها " لا يدل ذلك على أنه ليس على يده رسالة أخرى لغيرهم، ولا أنه لا يأمر قوما آخرين بغير تلك الرسالة. ( الأجوبة الفاخرة : ٧٤ )
١٢٢٤- في الجواهر : " صلاة الجمعة فرض على الأعيان " ١ لقوله تعالى :﴿ إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ﴾ والأمر للوجوب وقال بعض أهل العلم على الكفاية.
ومبتدأ الخلاف : هل المقصود إصلاح القلوب بالمواعظ والخشوع، فيعم، أو إظهار الشعائر، وهو حاصل بالبعض فيخص. ( الذخيرة : ٢/٣٢٩ )
١٢٢٥- هذا وجوب للجمعة، فقوله تعالى بعد ذلك :﴿ وذروا البيع ﴾ نهى عن البيع لأنه يمنع من فعل الجمعة بالتشاغل بالبيع، فيكون هذا إيماء، لأن العلة في تحريم البيع هي التشاغل عن الجمعة. ( شرح التنقيح : ٣٩٠-٣٩١ )
١ - الجواهر : ١/٢٢١..
١٢٢٦- القضاء هو : إيقاع العبادة خارج وقتها الذي عينه الشارع لمصلحة فيه. ينتقص هذا الحد بأن العلماء يقولون : حجة القضاء مع أن وقتها غير معين وتسميتهم ما أدرك المسبوق من الصلاة أداء، وما يصليه بعد الإمام قضاء، يقولون : هل يكون قاضيا فيما فاته أو بانيا ؟ خلاف للعلماء. وبقوله تعالى :﴿ فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ﴾ مع أنها في وقتها. وقد سماها الله تعالى قضاء.
والجواب : أن القضاء في اللغة : نفس الفعل، كيف كان، كقول الشاعر :
وعليهما مسرودتان١ قضاهما*** داود أو صنع السوابغ٢ تبع٣.
فسمى فعله للزرديات قضاء، وليس المسمى اللغوي هو المحدود، بل الاصطلاحي فلا يرد اللغوي عليه. وهو الذي هو في الآية. ( نفسه : ٧٣ )
١ - المسرودة : الدرع المثقوبة. ن : اللسان : ٣/٢١١..
٢ - السوابغ : الطويلة الواقية. ن : اللسان : ٨/٤٣٣..
٣ - تبع : قال صاحب اللسان : ٨/٣١ :"التبابعة : ملوك اليمن، واحدهم تبع، سموا بذلك لأنه يتبع بعضهم بعضا، كلما هلك واحد قام مقام آخر تابعا له على مثل سيرته، وزادوا الهاء في التبابعة لإرادة النسب، وقولا أبي ذؤيب :
وعليهما ما ذيتان قضاهما***داود، أو صنع السوابغ تبع.
سمع أن داود عليه السلام كان سخر له الحديد فكان يصنع منه ما أراد، وسمع أن تبعا عملها، وكأن تبعا أمر بعملها ولم يصنعها بيده لأنه كان أعظم شأنا أن يصنع بيده..

سورة الجمعة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الجمعة) من السُّوَر المدنية، وهي من (المسبِّحات)، نزلت بعد سورة (الصَّفِّ)، وقد بدأت ببيانِ مقاصدِ البعثة النبوية، وأشارت إلى أهميةِ الاجتماع على هذا الدِّين، ولزومِ جماعة المسلمين، وتركِ ملذَّات الدنيا وشهواتها؛ لذا جاءت بوجوب (الجُمُعة)؛ لِما في ذلك من دلالاتٍ عظيمة؛ منها: الاجتماع، والوَحْدة، والأُلْفة بين المسلمين.

ترتيبها المصحفي
62
نوعها
مدنية
ألفاظها
177
ترتيب نزولها
110
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَٰرَةً أَوْ لَهْوًا اْنفَضُّوٓاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ} [الجمعة: 11]:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «بَيْنما نحنُ نُصلِّي مع النبيِّ ﷺ، إذ أقبَلتْ عِيرٌ تَحمِلُ طعامًا، فالتفَتوا إليها، حتى ما بَقِيَ مع النبيِّ ﷺ إلا اثنا عشَرَ رجُلًا؛ فنزَلتْ هذه الآيةُ: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَٰرَةً أَوْ لَهْوًا اْنفَضُّوٓاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗاۚ} [الجمعة: 11]». أخرجه البخاري (٩٣٦).

* سورة (الجمعة):

سُمِّيت سورةُ (الجمعة) بهذا الاسم؛ لوقوع لفظِ {اْلْجُمُعَةِ} فيها؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوْمِ اْلْجُمُعَةِ فَاْسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ اْللَّهِ وَذَرُواْ اْلْبَيْعَۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٞ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9].

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأُ سورة (الجمعة) في صلاة الجمعة:

عن عُبَيدِ اللهِ بن أبي رافعٍ، قال: «استخلَفَ مَرْوانُ أبا هُرَيرةَ على المدينةِ، وخرَجَ إلى مكَّةَ، فصلَّى بنا أبو هُرَيرةَ يومَ الجمعةِ، فقرَأَ سورةَ الجمعةِ، وفي السَّجْدةِ الثانيةِ: {إِذَا جَآءَكَ اْلْمُنَٰفِقُونَ}، قال عُبَيدُ اللهِ: فأدرَكْتُ أبا هُرَيرةَ، فقلتُ: تَقرأُ بسُورتَينِ كان عليٌّ يَقرؤُهما بالكوفةِ؟ فقال أبو هُرَيرةَ: إنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يَقرأُ بهما». أخرجه مسلم (٨٧٧).

1. مقاصدُ البعثة النبوية (١-٤).

2. ذكرُ حالِ اليهود مع التوراة، والردُّ عليهم (٥-٨).

3. حضور صلاة الجمعة (٩-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /149).

مقصودها تأكيدُ أهميةِ الاجتماع على هذا الدِّين، والتمسُّكِ بجماعة المسلمين، ولزومها، ويَتمثَّل ذلك في الالتزام بصلاة الجمعة، وعدمِ الالتفات إلى الدنيا وشهواتها، واسمُها واضحُ الدلالة على هذا المقصد.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /84)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (28 /206).