تفسير سورة نوح

تفسير الجلالين

تفسير سورة سورة نوح من كتاب تفسير الجلالين المعروف بـتفسير الجلالين.
لمؤلفه المَحَلِّي . المتوفي سنة 864 هـ

﴿إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أَنْ أَنْذِرْ﴾ أَيْ بِإِنْذَارِ ﴿قَوْمك مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيهِمْ﴾ إنْ لَمْ يُؤْمِنُوا ﴿عَذَاب أَلِيم﴾ مُؤْلِم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
﴿قَالَ يَا قَوْم إنِّي لَكُمْ نَذِير مُبِين﴾ بَيِّن الْإِنْذَار
﴿أن﴾ أي بأن أقول لكم {اعبدوا الله واتقوه وأطيعون
﴿يَغْفِر لَكُمْ مِنْ ذُنُوبكُمْ﴾ مِنْ زَائِدَة فَإِنَّ الْإِسْلَام يُغْفَر بِهِ مَا قَبْله أَوْ تَبْعِيضِيَّةٌ لِإِخْرَاجِ حُقُوق الْعِبَاد ﴿وَيُؤَخِّركُمْ﴾ بِلَا عَذَاب ﴿إلَى أَجَل مُسَمَّى﴾ أَجَل الْمَوْت ﴿إنَّ أَجَل اللَّه﴾ بِعَذَابِكُمْ إنْ لَمْ تُؤْمِنُوا ﴿إذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّر لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ذَلِكَ لَآمَنْتُمْ
﴿قَالَ رَبّ إنِّي دَعَوْت قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا﴾ أي دائما متصلا
﴿فلم يزدهم دعائي إلَّا فِرَارًا﴾ عَنْ الْإِيمَان
﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتهمْ لِتَغْفِر لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعهمْ فِي آذَانهمْ﴾ لِئَلَّا يَسْمَعُوا كَلَامِي ﴿وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابهمْ﴾ غطوا رؤوسهم بِهَا لِئَلَّا يُنْظِرُونِي ﴿وَأَصَرُّوا﴾ عَلَى كُفْرهمْ ﴿وَاسْتَكْبَرُوا﴾ تكبروا عن الإيمان ﴿استكبارا﴾
﴿ثُمَّ إنِّي دَعَوْتهمْ جِهَارًا﴾ أَيْ بِأَعْلَى صَوْتِي
﴿ثُمَّ إنِّي أَعْلَنْت لَهُمْ﴾ صَوْتِي ﴿وَأَسْرَرْت﴾ الْكَلَام ﴿لهم إسرارا﴾
١ -
﴿فقلت استغفروا ربكم﴾ من الشرك ﴿إنه كان غفارا﴾
١ -
﴿يُرْسِل السَّمَاء﴾ الْمَطَر وَكَانُوا قَدْ مَنَعُوهُ ﴿عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا﴾ كَثِير الدُّرُور
١ -
﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَكُمْ جَنَّات﴾ بَسَاتِين ﴿ويجعل لكم أنهارا﴾ جارية
١ -
﴿مالكم لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ أَيْ تَأْمُلُونَ وَقَار اللَّه إيَّاكُمْ بِأَنْ تُؤْمِنُوا
١ -
﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ جَمْع طَوْر وَهُوَ الْحَال فَطَوْرًا نُطْفَة وَطَوْرًا عَلَقَة إلَى تَمَام خَلْق الْإِنْسَان وَالنَّظَر فِي خَلْقه يُوجِب الْإِيمَان بِخَالِقِهِ
١ -
﴿أَلَمْ تَرَوْا﴾ تَنْظُرُوا ﴿كَيْفَ خَلَقَ اللَّه سَبْع سماوات طِبَاقًا﴾ بَعْضهَا فَوْق بَعْض
768
١ -
769
﴿وَجَعَلَ الْقَمَر فِيهِنَّ﴾ أَيْ فِي مَجْمُوعهنَّ الصَّادِق بِالسَّمَاءِ الدُّنْيَا ﴿نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْس سِرَاجًا﴾ مِصْبَاحًا مُضِيئًا وَهُوَ أَقْوَى مِنْ نُور الْقَمَر
١ -
﴿وَاَللَّه أَنْبَتَكُمْ﴾ خَلَقَكُمْ ﴿مِنْ الْأَرْض﴾ إذْ خَلَقَ أباكم آدم منها ﴿نباتا﴾
١ -
﴿ثم يعيدكم فيها﴾ مقبورين ﴿ويخرجكم﴾ للبعث ﴿إخراجا﴾
١ -
﴿وَاَللَّه جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْض بِسَاطًا﴾ مَبْسُوطَة
٢ -
﴿لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا﴾ طُرُقًا ﴿فِجَاجًا﴾ وَاسِعَة
٢ -
﴿قَالَ نُوح رَبّ إنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا﴾ أَيْ السَّفَلَة وَالْفُقَرَاء ﴿مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَاله وَوُلْده﴾ وَهُمْ الرُّؤَسَاء الْمُنَعَّم عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَوُلْد بِضَمِّ الْوَاو وَسُكُون اللَّام وَبِفَتْحِهِمَا وَالْأَوَّل قِيلَ جَمْع وَلَد بِفَتْحِهِمَا كَخُشْبِ وَخَشَب وَقِيلَ بِمَعْنَاهُ كَبُخْلِ وَبَخَل ﴿إلَّا خَسَارًا﴾ طُغْيَانًا وَكُفْرًا
٢ -
﴿وَمَكَرُوا﴾ أَيْ الرُّؤَسَاء ﴿مَكْرًا كُبَّارًا﴾ عَظِيمًا جِدًّا بِأَنْ كَذَّبُوا نُوحًا وَآذَوْهُ وَمَنْ اتَّبَعَهُ
٢ -
﴿وقالوا﴾ للسفلة ﴿لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وَدًّا﴾ بِفَتْحِ الْوَاو وَضَمّهَا ﴿وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوث وَيَعُوق وَنَسْرًا﴾ هِيَ أَسْمَاء أَصْنَامهمْ
٢ -
﴿وَقَدْ أَضَلُّوا﴾ بِهَا ﴿كَثِيرًا﴾ مِنْ النَّاس بِأَنْ أَمَرُوهُمْ بِعِبَادَتِهِمْ ﴿وَلَا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إلَّا ضَلَالًا﴾ عَطْفًا عَلَى قَدْ أَضَلُّوا دَعَا عَلَيْهِمْ لَمَّا أُوحِيَ إلَيْهِ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِن مِنْ قَوْمك إلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ
٢ -
﴿مما﴾ ما صلة ﴿خطاياهم﴾ وَفِي قِرَاءَة خَطِيئَآتِهِمْ بِالْهَمْزِ ﴿أُغْرِقُوا﴾ بِالطُّوفَانِ ﴿فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾ عُوقِبُوا بِهَا عَقِب الْإِغْرَاق تَحْت الْمَاء ﴿فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُون﴾ أَيْ غَيْر ﴿اللَّه أَنْصَارًا﴾ يَمْنَعُونَ عَنْهُمْ الْعَذَاب
٢ -
﴿وَقَالَ نُوح رَبّ لَا تَذَر عَلَى الْأَرْض مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ أَيْ نَازِل دَار وَالْمَعْنَى أحدا
٢ -
﴿إنَّك إنْ تَذَرهُمْ يُضِلُّوا عِبَادك وَلَا يَلِدُوا إلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ مَنْ يَفْجُر وَيَكْفُر قَالَ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْإِيحَاء إلَيْهِ
769
٢ -
770
﴿رَبّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ وَكَانَا مُؤْمِنَيْنِ ﴿وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي﴾ مَنْزِلِي أَوْ مَسْجِدِي ﴿مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات﴾ إلَى يَوْم الْقِيَامَة ﴿وَلَا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إلَّا تَبَارًا﴾ هَلَاكًا فَأُهْلِكُوا = ٧٢ سُورَة الْجِنّ
مَكِّيَّة وآياتها ثمان وعشرون بسم الله الرحمن الرحيم
سورة نوح
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (نوح) من السُّوَر المكية، وقد جاءت على ذكرِ قصة (نوح) مع قومه، وما عاناه في طريق الدعوة إلى الله من عنادهم وتكبُّرهم، مع بيانِ موقف الكافرين ومآلهم، وفي ذلك تسليةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم، وتحذيرٌ للكافرين أن يُنزِلَ الله بهم ما أنزله بقوم (نوح) عليه السلام، كما ثبَّتتِ السورةُ كلَّ من هو على طريق الدعوة إلى الله؛ ليكون (نوح) أسوةً له بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
71
نوعها
مكية
ألفاظها
227
ترتيب نزولها
71
العد المدني الأول
30
العد المدني الأخير
30
العد البصري
29
العد الكوفي
28
العد الشامي
29

* سورة (نوح):

سُمِّيت سورة (نوح) بهذا الاسم؛ لورود قصةِ نوح عليه السَّلام فيها.

1. نوح عليه السلام يدعو قومه (١-٢٠).

2. موقف الكافرين ومآلهم (٢١-٢٧).

3. الخاتمة (٢٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /367).

يقول ابن عاشور رحمه الله: «أعظمُ مقاصدِ السورة ضربُ المثَلِ للمشركين بقوم نوح، وهم أول المشركين الذين سُلِّط عليهم عقابٌ في الدنيا، وهو أعظم عقابٍ؛ أعني: الطوفان.

وفي ذلك تمثيلٌ لحال النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه بحالهم». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /186).