تفسير سورة نوح

الموسوعة القرآنية

تفسير سورة سورة نوح من كتاب الموسوعة القرآنية المعروف بـالموسوعة القرآنية.
لمؤلفه إبراهيم الإبياري . المتوفي سنة 1414 هـ

٧١ سورة نوح

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة نوح (٧١) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١) قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤)
قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً (٥)
١- إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ:
أَلِيمٌ شديد الإيلام.
٢- قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ:
مُبِينٌ أبين لكم رسالة ربى بلغة تعرفونها.
٣- أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ:
أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ أن أطيعوا الله واخضعوا له فى أداء الواجبات.
وَاتَّقُوهُ وخافوه بترك المحظورات.
وَأَطِيعُونِ فيما أنصح لكم به.
٤- يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ:
وَيُؤَخِّرْكُمْ ويمد فى أعماركم.
إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى جعله غاية الطول فى العمر.
إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ أي الموت.
لا يُؤَخَّرُ أبدا.
لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ما يحل بكم من الندامة عند انقضاء أجلكم لآمنتم.
٥- قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهاراً:
دَعَوْتُ قَوْمِي إلى الإيمان.
لَيْلًا وَنَهاراً بلا فتور.

[سورة نوح (٧١) : الآيات ٦ الى ٩]

فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاَّ فِراراً (٦) وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً (٧) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً (٨) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً (٩)
٦- فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً:
دُعائِي لهم.
إِلَّا فِراراً إلا هروبا من طاعتك.
٧- وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً:
وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ إلى الإيمان بك لتغفر لهم.
جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ حتى لا يسمعوا.
وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وتغطوا بثيابهم حتى لا يروا وجهى.
وَأَصَرُّوا وأقاموا على كفرهم.
وَاسْتَكْبَرُوا وتعظموا عن إجابتى.
اسْتِكْباراً تعظما بالغا.
٨- ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً:
ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ إليك.
جِهاراً بصوت مرفوع.
٩- ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً:
ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ ثم إنى جهرت بالدعوة فى حال.
وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً وأخفيتها إخفاء فى حال أخرى، حتى أجرب كل خطة.
[سورة نوح (٧١) : الآيات ١٠ الى ١١]
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (١١)
١٠- فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً:
فَقُلْتُ لقومى.
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ اطلبوا مغفرة الكفر والعصيان من ربكم.
إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً إنه لم يزل غفارا لذنوب من يرجع إليه.
١١- يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً:
مِدْراراً غزيرة الدر بالمطر.

[سورة نوح (٧١) : الآيات ١٢ الى ١٨]

وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (١٢) ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً (١٤) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (١٦)
وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً (١٨)
١٢- وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً:
وَيُمْدِدْكُمْ ويمدكم.
بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وهما زينة الحياة الدنيا.
وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ ويجعل لكم بساتين تنعمون بجمالها وثمارها.
وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً تشربون منها وتسقون منها زرعكم.
١٣- ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً:
أي ما لكم لا تخافون لله عظمة وقدرة على أخذكم بالعقوبة، أي:
أي عذر لكم فى ترك الخوف من الله.
١٤- وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً:
أَطْواراً كرات متدرجة، نطفا، ثم علقا، ثم مضغا، ثم عظاما ولحما.
١٥- أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً:
أَلَمْ تَرَوْا ألم تنظروا.
طِباقاً بعضها فوق بعض.
١٦- وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً:
فِيهِنَّ فى هذه السموات.
نُوراً ينبعث منها.
سِراجاً مصباحا يبصر أهل الدنيا فى ضوئه.
١٧- وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً:
أَنْبَتَكُمْ أنشأكم.
نَباتاً فنبتم نباتا عجيبا.
١٨- ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً:
فِيها فى الأرض بعد الموت.
وَيُخْرِجُكُمْ منها.
إِخْراجاً محققا لا محالة.
[سورة نوح (٧١) : الآيات ١٩ الى ٢٣]
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً (٢٠) قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣)
١٩- وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً:
بِساطاً مبسوطة.
٢٠- لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً:
لِتَسْلُكُوا لتذهبوا.
مِنْها فيها.
سُبُلًا طرقا.
فِجاجاً واسعة.
٢١- قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً:
إِنَّهُمْ عَصَوْنِي فيما أمرتهم به من الإيمان والاستغفار.
وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ يعنى كبراءهم وأغنياءهم الذين لم يزدهم كفرهم وأموالهم وأولادهم.
إِلَّا خَساراً إلا ضلالا فى الدنيا وهلاكا فى الآخرة.
٢٢- وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً:
وَمَكَرُوا أي أصحاب الأموال والأولاد بتابعيهم.
مَكْراً كُبَّاراً بالغ النهاية فى العظم.
٢٣- وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً:
وَقالُوا لهم.
لا تَذَرُنَّ لا تتركن.
آلِهَتَكُمْ عبادة آلهتكم.
وَلا تَذَرُنَّ ولا تتركن.
وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً وكانت أصناما منحوتة على أشكال مختلفة اتخذوها آلهة يعبدونها.
[سورة نوح (٧١) : الآيات ٢٤ الى ٢٨]
وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤) مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً (٢٥) وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَباراً (٢٨)
٢٤- وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا:
قَدْ أَضَلُّوا أي هؤلاء المبتدعون.
كَثِيراً من الناس.
وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ لأنفسهم بالكفر والعناد.
إِلَّا ضَلالًا إلا بعدا عن الحق.
٢٥- مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً:
مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ بسبب ذنوبهم.
أُغْرِقُوا بالطوفان.
فَأُدْخِلُوا عقب إهلاكهم.
أَنْصاراً يدفعون عنهم العذاب.
٢٦- وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً:
لا تَذَرْ لا تترك.
مِنَ الْكافِرِينَ بك.
دَيَّاراً أحد يدور فى الأرض ويدب عليها.
٢٧- إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً:
إِنْ تَذَرْهُمْ إن تتركهم دون هلاك واستئصال.
يُضِلُّوا عِبادَكَ يوقعوا عبادك فى الضلال.
إِلَّا فاجِراً إلا ماثلا عن الحق.
كَفَّاراً شديد الكفر بك والعصيان لك.
٢٨- رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً:
380
اغْفِرْ لِي اعف عنى.
وَلِوالِدَيَّ وعن والدي اللذين كانا سببا فى وجودى.
وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وعمن دخل بيتي مؤمنا بك.
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وعن المؤمنين والمؤمنات.
وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ ولا تزد الكافرين.
إِلَّا تَباراً إلا هلاكا.
381
سورة نوح
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (نوح) من السُّوَر المكية، وقد جاءت على ذكرِ قصة (نوح) مع قومه، وما عاناه في طريق الدعوة إلى الله من عنادهم وتكبُّرهم، مع بيانِ موقف الكافرين ومآلهم، وفي ذلك تسليةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم، وتحذيرٌ للكافرين أن يُنزِلَ الله بهم ما أنزله بقوم (نوح) عليه السلام، كما ثبَّتتِ السورةُ كلَّ من هو على طريق الدعوة إلى الله؛ ليكون (نوح) أسوةً له بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
71
نوعها
مكية
ألفاظها
227
ترتيب نزولها
71
العد المدني الأول
30
العد المدني الأخير
30
العد البصري
29
العد الكوفي
28
العد الشامي
29

* سورة (نوح):

سُمِّيت سورة (نوح) بهذا الاسم؛ لورود قصةِ نوح عليه السَّلام فيها.

1. نوح عليه السلام يدعو قومه (١-٢٠).

2. موقف الكافرين ومآلهم (٢١-٢٧).

3. الخاتمة (٢٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /367).

يقول ابن عاشور رحمه الله: «أعظمُ مقاصدِ السورة ضربُ المثَلِ للمشركين بقوم نوح، وهم أول المشركين الذين سُلِّط عليهم عقابٌ في الدنيا، وهو أعظم عقابٍ؛ أعني: الطوفان.

وفي ذلك تمثيلٌ لحال النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه بحالهم». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /186).