تفسير سورة المزّمّل

كتاب نزهة القلوب

تفسير سورة سورة المزمل من كتاب كتاب نزهة القلوب
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ ٱلْمُزَّمِّلُ ﴾ الملتف بثيابه، وأصله متزمل فأدغمت التاء في الزاي.
﴿ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ﴾: الترتيل في القراءة؛ التبيين لها كأنه بين الحرف والحرف، ومنه قيل: ثغر رتل ورتل إذا كان مفلجا لا يركب بعضه بعضا.
﴿ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ ﴾ أي ساعاته، من نشأت أي ابتدأت. ﴿ أَشَدُّ وَطْأً ﴾: أثبت قياما، يعني أن ناشئة الليل وهي ساعاته أوطأ للقيام وأسهل على المصلي من ساعات النهار، لأن النهار خلق لتصرف العباد فيه، والليل خلق للنوم والراحة والخلوة من العمل، فالعبادة فيه أسهل. وجواب آخر: أشد وطأ: أي أشد على المصلي من صلاة النهار، لان الليل خلق للنوم، فإذا أزيل عن ذلك ثقل على العبد ما يتكلفه فيه، وكان الثواب أعظم من هذه الجهة. وقرئت: أشد وطاء، أي مواطأة: أي أجدر أن يواطئ اللسان القلب، والقلب العمل. وقرئت أشد وطأ. وقيل هو بمعنى الوطء. وقال الفراء: لا يقال الوطء وما روي عن أحد ولم يجزه. ﴿ أَقْوَمُ قِيلاً ﴾: أصح قولا، لهدوء الناس وسكون الأصوات.
﴿ سَبْحَاً طَوِيلاً ﴾: أي متصرفا فيما تريد؛ يقول: لك في النهار ما تقضي حوائجك. وقرئت سبخا بالخاء المعجمة. أي سعة. سبخى قطنك: أي وسعيه ونفشيه. والتسبيخ التخفيف أيضا، يقال: اللهم سبخ عنه الحمى، أي خفف.
﴿ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ ﴾ أي انقطع إليه.
﴿ أَنكَالاً ﴾: قيودا، ويقال: أغلالا، واحدها نكل.
﴿ غُصَّةٍ ﴾ أي تغص به الحلوق فلا يسوغ.
﴿ كَثِيباً مَّهِيلاً ﴾ أي رملا سائلا، يقال لسكل ما أرسلته من يدك من رمل أو تراب أو نحو ذلك: فدهلته: يعني أن الجبال فتتت من زلزلتها حتى صارت كالرمل المذرى.
﴿ وَبِيلاً ﴾ أي شديدا متخما لا يستمرأ.
﴿ شِيباً ﴾: جمع أشيب وهو الأبيض الرأس.
﴿ مُنفَطِرٌ بِهِ ﴾ أي منشق به أي باليوم.
﴿ تُحْصُوهُ ﴾: تطيقوه
سورة المزمل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُزمِّل) سورة مكية، نزلت بعد سورة (القلم)، وقد ابتدأت بملاطفةِ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفِه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتِه وتهيئته لحَمْلِ هذه الدعوةِ العظيمة؛ بأن يَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ التوكل عليه، لا سيما في قيامه الليل، وكما أرشدت النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى بَدْءِ الدعوة، فإنها جاءت بتهديدِ الكفار ووعيدهم.

ترتيبها المصحفي
73
نوعها
مكية
ألفاظها
200
ترتيب نزولها
3
العد المدني الأول
20
العد المدني الأخير
18
العد البصري
19
العد الكوفي
20
العد الشامي
20

* كان بين نزولِ أول (المُزمِّلِ) وآخرِها سنةٌ:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ أوَّلُ المُزمِّلِ، كانوا يقومون نحوًا مِن قيامِهم في شهرِ رمضانَ، حتى نزَلَ آخِرُها، وكان بَيْنَ أوَّلِها وآخِرِها سنةٌ». أخرجه أبو داود (١٣٠٥).

* (المُزمِّل):

سُمِّيت سورة (المُزمِّل) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بوصفِ النبي صلى الله عليه وسلم بـ(المُزمِّل)؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1].

1. إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الدعوة (١-١٠).

2. تهديد الكفار وتوعُّدُهم (١١-١٩).

3. تذكيرٌ وإرشاد بأنواع الهداية (٢٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /430).

مقصدُ السورة ملاطفةُ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتُه على حَمْلِ رسالة هذا الدِّين؛ بالالتزام بمحاسنِ الأعمال، ولا سيما الصلاة في جوف الليل؛ ليَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ الالتجاء إليه؛ ليُكمِل تبيلغَ هذه الرسالة الثقيلة العظيمة، التي يَخِفُّ حَمْلُها بحُسْنِ التوكل على الله.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /131)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /255).