تفسير سورة المزّمّل

معاني القرآن

تفسير سورة سورة المزمل من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ

قال ﴿ الْمُزَّمِّلُ ﴾ ( ١ ) والأصل : المُتَزَمِّلْ، ولكن أدغمت التاء في الزاي و﴿ المُدَّثِّر ﴾ ( ٣ ) مثلها.
وقوله ﴿ قُمِ الْلَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ ( ٢ ) ﴿ نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ﴾ ( ٣ ) ﴿ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ ﴾ ( ٤ ) فقال السائل عن هذا : قد قال ﴿ قُمِ الْلَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ فكيف قال ﴿ نِصْفَهُ ﴾ ؟ إنما المعنى " أَوْ نِصْفَه أَو زِدْ عَلَيْهِ " لأنَ ما يكون في معنى تكلم به العرب بغير : " أو " تقول : " أَعْطِهِ دِرْهَماً دِرْهَمَيْنِ ثلاثةً " تريد : " أَوْ دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً ".
وقال ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ﴾ ( ٨ ) فلم يجيء بمصدره ومصدره " التَبَتُّل " [ ١٧٨ ب ] كما قال ﴿ أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً ﴾ وقال الشاعر :[ من الوافر وهو الشاهد الثالث والأربعون بعد المئتين ] :
وَخَيْرُ الأَمْرِ ما اسْتَقْبَلْتَ مِنْهُ وَلَيْسَ بِأَنْ تَتَبَّعُه اتِّباعَا
وقال :[ من الرجز وهو الشاهد الثاني والأربعون بعد المئتين ] :
......................... يَجْرِي عَلَيْها أَيَّمَا إِجْراءِ
وذلك أَنَّها إِنَّما جَرَتَ لأَنَّها أُجْرِيَتْ.
وقال ﴿ رَّبُّ الْمَشْرِقِ ﴾ ( ٩ ) رفعٌ على الابتداء وجرّ على البدل.
وقال ﴿ مَّهِيلاً ﴾ ( ١٤ ) لأنك تقول : " هِلْتُه " ف " هو مَهِيل "
وقال ﴿ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً ﴾ ( ١٧ ) فجعل ﴿ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ ﴾ من صفة اليوم ولم يضف لأنه أضمر.
وقال ﴿ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ الْلَّيْلِ وَنِصْفَِهُ وَثُلُثِهُ ﴾ ( ٢٠ ) وقد قرئت بالجر وهو كثير وليس المعنى عليه فيما بلغنا لأن ذلك يكون على " أَدْنَى من نِصْفِهِ " و " أَدْنَى من ثُلُثِهِ " وكان الذي افترض الثلث أو أكثر من الثلث لأنه قال ﴿ قُمِ الْلَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ ( ٢ ) ﴿ نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ﴾ ( ٣ ) وأما الذي قرأ بالجرّ فقراءته جائزة على ان يكون ذلك - و الله أعلم - أي أنكم لم تؤدوا ما افترض عليكم فقمتم أدنى من ثلثي الليل ومن نصفه ومن ثلثه.
وقال ﴿ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً ﴾ ( ٢٠ ) لأن " هو " و " هما " و " أنتم " و " أنتما " وأشباه ذلك يكنْ صفات للأسماء المضمرة كما قال ﴿ ولكن كَانُواْ هُمُ الظَّالِمِينَ ﴾ و﴿ تَجِدوُهُ عندَ اللهِ هُوَ خَيْر ﴾ [ وقد ] يجعلونها اسما مبتدأ كما [ ١٧٩ ء ] تقول " رأيتُ عبدَ اللهِ أبُوه خيرٌ مِنْه ".
سورة المزمل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُزمِّل) سورة مكية، نزلت بعد سورة (القلم)، وقد ابتدأت بملاطفةِ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفِه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتِه وتهيئته لحَمْلِ هذه الدعوةِ العظيمة؛ بأن يَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ التوكل عليه، لا سيما في قيامه الليل، وكما أرشدت النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى بَدْءِ الدعوة، فإنها جاءت بتهديدِ الكفار ووعيدهم.

ترتيبها المصحفي
73
نوعها
مكية
ألفاظها
200
ترتيب نزولها
3
العد المدني الأول
20
العد المدني الأخير
18
العد البصري
19
العد الكوفي
20
العد الشامي
20

* كان بين نزولِ أول (المُزمِّلِ) وآخرِها سنةٌ:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ أوَّلُ المُزمِّلِ، كانوا يقومون نحوًا مِن قيامِهم في شهرِ رمضانَ، حتى نزَلَ آخِرُها، وكان بَيْنَ أوَّلِها وآخِرِها سنةٌ». أخرجه أبو داود (١٣٠٥).

* (المُزمِّل):

سُمِّيت سورة (المُزمِّل) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بوصفِ النبي صلى الله عليه وسلم بـ(المُزمِّل)؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1].

1. إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الدعوة (١-١٠).

2. تهديد الكفار وتوعُّدُهم (١١-١٩).

3. تذكيرٌ وإرشاد بأنواع الهداية (٢٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /430).

مقصدُ السورة ملاطفةُ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتُه على حَمْلِ رسالة هذا الدِّين؛ بالالتزام بمحاسنِ الأعمال، ولا سيما الصلاة في جوف الليل؛ ليَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ الالتجاء إليه؛ ليُكمِل تبيلغَ هذه الرسالة الثقيلة العظيمة، التي يَخِفُّ حَمْلُها بحُسْنِ التوكل على الله.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /131)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /255).