تفسير سورة المزّمّل

مختصر تفسير ابن كثير

تفسير سورة سورة المزمل من كتاب مختصر تفسير ابن كثير المعروف بـمختصر تفسير ابن كثير.
لمؤلفه محمد علي الصابوني .

- ١ - يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ
- ٢ - قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً
- ٣ - نِّصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً
- ٤ - أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً
- ٥ - إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا
- ٦ - إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلًا
- ٧ - إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً
- ٨ - وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً
- ٩ - رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً
يَأْمُرُ تَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتْرُكَ التَّزَمُّلَ، وَهُوَ التَّغَطِّي، وَيَنْهَضَ إِلَى الْقِيَامِ لِرَبِّهِ عزَّ وجلَّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً﴾، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾، قال ابن عباس ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ يَعْنِي يَا أَيُّهَا النَّائِمُ، وَقَالَ قَتَادَةُ: الْمُزَّمِّلُ فِي ثِيَابِهِ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النخعي: نزلت وهو متزمل بقطيفة، وقوله تعالى: ﴿نِّصْفَهُ﴾ بَدَلٌ مِنَ اللَّيْلِ ﴿أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ﴾ أَيْ أَمَرْنَاكَ أَنْ تَقُومَ نِصْفَ اللَّيْلِ بِزِيَادَةٍ قَلِيلَةٍ، أَوْ نُقْصَانٍ قَلِيلٍ، لَا حَرَجَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ أَيِ اقْرَأْهُ عَلَى تَمَهُّلٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَوْنًا عَلَى فَهْمِ الْقُرْآنِ وَتَدَبُّرِهِ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَأُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ يَقْرَأُ السُّورَةَ فَيُرَتِّلُهَا، حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلِ مِنْهَا، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أنَس أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ
562
قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كَانَتْ مَدًّا،
ثُمَّ قَرَأَ: ﴿بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ يَمُدُّ بِسْمِ اللَّهِ وَيَمُدُّ الرَّحْمَنِ ويمد الرحيم (أخرجه البخاري)، وعن أُمّ سلمة رضي الله عنها أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: كَانَ يُقَطِّعُ قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدين﴾ (أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي)، وفي الحديث: "يقال لقارئ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْقَ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تقرؤها" (أخرجه أحمد ورواه الترمذي والنسائي). وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ التَّفْسِيرِ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّرْتِيلِ، وَتَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» وَ «ليس منا من لم يتغنى بالقرآن». وقال ابن مسعود: لَا تَنْثُرُوهُ نَثْرَ الرَّمْلِ، وَلَا تَهُذُّوهُ هَذَّ الشِّعْرِ، قِفُوا عِنْدَ عَجَائِبِهِ وَحَرِّكُوا بِهِ الْقُلُوبَ، وَلَا يَكُنْ هَمُّ أَحَدِكُمْ آخِرَ السُّورَةِ (رَوَاهُ البغوي عن ابن مسعود موقوفاً)، وقوله تعالى: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً﴾ قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: أَيِ الْعَمَلُ بِهِ، وَقِيلَ: ثَقِيلٌ وَقْتَ نُزُولِهِ مِنْ عَظَمَتِهِ، كَمَا قَالَ زَيْدُ بْنُ ثابت رضي الله عنه: أُنزل عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَكَادَتْ تَرُضُّ فَخِذِي، روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن الحارث
ابن هِشَامٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف يأتيك الوحي؟ فقال: «أحياناً يأتي في مثل صلصلة الجرس، وهو أشد عَلَيَّ فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ» قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جبينه ليتفصد عرقاً (أخرجه البخاري في أول صحيحه). وروى الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنْ كَانَ لِيُوحَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فتضرب بجرانها (الجران: باطن العنق).
وقوله تعالى: ﴿إن ناشئة الليل هي أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً﴾ قال عمر: الليل كله ناشئة، وقال مجاهد: نَشَأَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، وَفِي رِوَايَةٍ عنه: بعد العشاء، وَالْغَرَضُ أَنَّ ﴿نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ هِيَ سَاعَاتُهُ وَأَوْقَاتُهُ، وكل ساعة منه تسمى ناشئة، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ هُوَ أَشَدُّ مُوَاطَأَةً بَيْنَ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَأَجْمَعُ عَلَى التِّلَاوَةِ، وَلِهَذَا قال تعالى: ﴿هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً﴾ أَيْ أَجْمَعُ لِلْخَاطِرِ فِي أَدَاءِ الْقِرَاءَةِ وَتَفَهُّمِهَا مِنْ قِيَامِ النَّهَارِ، لِأَنَّهُ وَقْتُ انتشار الناس ولغط الأصوات وأوقات المعاش، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً﴾، قَالَ أبو العالية ومجاهد: فراغاً طويلاً، وقال قتادة: فراغاً وبغية ومتقلباً، وَقَالَ السُّدِّيُّ: ﴿سَبْحَاً طَوِيلاً﴾ تَطَوُّعًا كَثِيرًا، وَقَالَ عبد الرحمن بن زيد ﴿سَبْحَاً طَوِيلاً﴾ قَالَ: لِحَوَائِجِكَ فَأَفْرِغْ لِدِينِكَ اللَّيْلَ، وَهَذَا حِينَ كَانَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَرِيضَةً، ثُمَّ إن الله تبارك وتعالى منَّ على عباده فخففها، ووضعها. روى الإمام أحمد، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ هشام قال، قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتِ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: فَإِنَّ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان كالقرآن، فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ، ثُمَّ بَدَا لِي قِيَامُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتِ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ هَذِهِ السُّورَةَ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: فَإِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ
563
قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه حَوْلًا حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ، وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا فِي السَّمَاءِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ التَّخْفِيفَ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ فَصَارَ قيام الليل تطوعاً من بعد فريضة (أخرجه الإمام أحمد، وهو جزء من حديث طويل، وقد رواه مسلم في صحيحه بنحوه). وروي عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: كُنْتُ أَجْعَلُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصِيرًا يُصَلِّي عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَتَسَامَعَ النَّاسُ بِهِ فَاجْتَمَعُوا فَخَرَجَ كَالْمُغْضَبِ وَكَانَ بِهِمْ رَحِيمًا فَخَشِيَ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِمْ قِيَامُ اللَّيْلِ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ اكْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ مِنَ الثَّوَابِ حَتَّى تَمَلُّوا مِنَ الْعَمَلِ وَخَيْرُ الْأَعْمَالِ مَا دِيمَ عَلَيْهِ» وَنَزَلَ الْقُرْآنُ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِّصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ﴾ حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يَرْبِطُ الْحَبْلَ وَيَتَعَلَّقُ، فَمَكَثُوا بِذَلِكَ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ فَرَأَى اللَّهُ مَا يَبْتَغُونَ مِنْ رِضْوَانِهِ فَرَحِمَهُمْ فَرَدَّهُمْ إِلَى الْفَرِيضَةِ وَتَرَكَ قِيَامَ الليل.
وقال ابن جرير: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿يِا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ قَامُوا حَوْلًا حتى ورمت أقدامهم وسوقهم حتى نزلت: ﴿فاقرأوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ قال: فاسترح الناس. وقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً﴾ أَيْ أَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِهِ، وَانْقَطِعْ إِلَيْهِ، وَتَفَرَّغْ لِعِبَادَتِهِ إذا فرغت من أشغالك، كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فانصب﴾ أي إذا فرغت من أشغالك فَانْصَبْ فِي طَاعَتِهِ، وَعِبَادَتِهِ لِتَكُونَ فَارِغَ الْبَالِ، ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً﴾ أَيْ أَخْلِصْ لَهُ الْعِبَادَةَ، وقال الحسن: اجتهد وابتل إِلَيْهِ نَفْسَكَ، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: يُقَالُ لِلْعَابِدِ متبتل، ومنه الحديث المروي (نَهَى عَنِ التَّبَتُّلِ) يَعْنِي الِانْقِطَاعَ إِلَى الْعِبَادَةِ وترك التزوج، وقوله تَعَالَى: ﴿رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً﴾ أَيْ هُوَ الْمَالِكُ الْمُتَصَرِّفُ في المشارق والمغارب الذي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَكَمَا أَفْرَدْتَهُ بِالْعِبَادَةِ فأفرده بالتوكل فاتخذه وكيلاً، كما قال تعالى: ﴿فاعبده وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾، وكقوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نستعين﴾.
564
- ١٠ - وَاصْبِرْ عَلَى مَآ يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا
- ١١ - وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً
- ١٢ - إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيمًا
- ١٣ - وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً
- ١٤ - يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَهِيلًا
- ١٥ - إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً
- ١٦ - فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا
- ١٧ - فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا
- ١٨ - السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً
يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّبْرِ، على ما يقوله سُفَهَاءِ قَوْمِهِ، وَأَنْ يَهْجُرَهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا، وَهُوَ الَّذِي لَا عِتَابَ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ متهدداً لكفار قومه: ﴿وَذَرْنِي والمكذبين أُوْلِي النعمة﴾ أي والمكذبين المترفين أصحاب الأموال، ﴿وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً﴾ أي رويداً، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾، ولهذا قال ههنا: ﴿إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً﴾ وَهِيَ الْقُيُودُ، قَالَهُ ابْنُ عباس وعكرمة والسدي وَغَيْرُ وَاحِدٍ، ﴿وَجَحِيمًا﴾ وَهِيَ السَّعِيرُ الْمُضْطَرِمَةُ، ﴿وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَنْشَبُ فِي الْحَلْقِ فَلَا يَدْخُلُ وَلَا يَخْرُجُ، {وَعَذَاباً أَلِيماً * يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ
564
وَالْجِبَالُ} أَيْ تُزَلْزَلُ، ﴿وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً﴾ أي تصير ككثبان الرمال بَعْدَ مَا كَانَتْ حِجَارَةً صَمَّاءَ، ثُمَّ إِنَّهَا تُنْسَفُ نَسْفًا فَلَا يَبْقَى مِنْهَا شَيْءٌ إِلَّا ذَهَبَ، حَتَّى تَصِيرَ الْأَرْضُ ﴿قَاعاً صَفْصَفاً لاَّ تَرَى فِيهَا عِوَجًا﴾ أَيْ وَادِيًا ﴿وَلَا أَمْتًا﴾ أَيْ رَابِيَةً، وَمَعْنَاهُ لَا شَيْءَ يَنْخَفِضُ وَلَا شَيْءَ يَرْتَفِعُ، ثُمَّ قَالَ مُخَاطِبًا لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ وَالْمُرَادُ سَائِرُ النَّاسِ: ﴿إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ﴾ أَيْ بِأَعْمَالِكُمْ، ﴿كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً﴾، قال ابن عباس ﴿أَخذاً وَبِيلاً﴾ أي شديداً، فَاحْذَرُوا أَنْتُمْ أَنْ تُكَذِّبُوا هَذَا الرَّسُولَ، فَيُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَ فِرْعَوْنَ حَيْثُ أَخَذَهُ اللَّهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخرة والأولى﴾، وقوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يوماً يجعل الوالدان شِيباً﴾ أي فَكَيْفَ تَخَافُونَ أَيُّهَا النَّاسُ يَوْماً يَجْعَلُ الْوَلَدَانَ شِيبًا إِنْ كَفَرْتُمْ بِاللَّهِ وَلَمْ تُصَدِّقُوا بِهِ؟ وكيف يَحْصُلُ لَكُمْ أَمَانٌ مِنْ يَوْمِ هَذَا الْفَزَعِ العظيم إن كفرتم؟ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا﴾ أَيْ مِنْ شَدَّةِ أَهْوَالِهِ وَزَلَازِلِهِ وَبَلَابِلِهِ، وَذَلِكَ حِينَ يقول الله تعالى لِآدَمَ: ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ، فَيَقُولُ: مِنْ كَمْ؟ فَيَقُولُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ إِلَى النار وواحد إلى الجنة، وقوله تعالى: ﴿السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ﴾ قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: أَيْ بسببه من شدته وهوله، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً﴾ أَيْ كَانَ وَعْدُ هَذَا الْيَوْمِ مَفْعُولًا، أَيْ وَاقِعًا لَا مَحَالَةَ وَكَائِنًا لَا مَحِيدَ عَنْهُ.
565
- ١٩ - إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً
- ٢٠ - إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله فاقرؤوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُم
مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندِ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
يَقُولُ تَعَالَى: ﴿إنَّ هذِهِ﴾ أَيِ السُّورَةَ ﴿تَذْكِرَةٌ﴾ أَيْ يَتَذَكَّرُ بِهَا أُولُو الْأَلْبَابِ، وَلِهَذَا قال تعالى: ﴿فَمَن شَآءَ اتخذ لى رَبِّهِ سَبِيلاً﴾ أي ممن شاء الله تعالى هدايته، ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾ أَيْ تَارَةً هَكَذَا وَتَارَةً هَكَذَا، وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْكُمْ، وَلَكِنْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى الْمُوَاظَبَةِ عَلَى مَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْكُمْ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ أَيْ تَارَةً يعتدلان، وتارة يأخذ هذا من هذا، وهذا مِنْ هَذَا، ﴿عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ﴾ أَيِ الفرض الذي أوجبه عليكم ﴿فاقرأوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ أَيْ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِوَقْتٍ، أَيْ وَلَكِنْ قُومُوا مِّن اللَّيْلِ مَا تَيَسَّرَ، وَعَبَّرَ عَنِ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ كَمَا قال: ﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ﴾ أَيْ بِقِرَاءَتِكَ ﴿وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا﴾، وقد استدل أبو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: ﴿فاقرأوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ عَلَى أَنَّهُ لَا يجب تعين قراءة الفاتحة في الصلاة، واعتضد
565
بحديث المسيء صلاته: «ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» (جزء من حديث مشهور رواه الشيخان)، وقد أجاب الجمهور بحديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (أخرجه البخاري ومسلم). وعن أبي هريرة مرفوعاً: «لا تجزىء صلاة من لم يقرأ بأُمّ القرآن» (أخرجه ابن خزيمة في صحيحة). وقوله تَعَالَى: ﴿عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أَيْ عَلِمَ أَنْ سيكون من هذه الأمة ذوو أعذار، من مرضى لا يستطيعون القيام ومسافرين يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ فِي الْمَكَاسِبِ وَالْمَتَاجِرِ، وآخرين مشغولين بالغزو في سبيل الله، ولهذا قال تعالى: ﴿فاقرأوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ أَيْ قُومُوا بِمَا تَيَسَّرَ عليكم منه، روى ابن جرير، عن أبي رجاء قَالَ، قُلْتُ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَدِ اسْتَظْهَرَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، وَلَا يَقُومُ بِهِ إِنَّمَا يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ؟ قَالَ: يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ لَعَنَ اللَّهُ ذاك، قال تَعَالَى لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ: ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا علمناه﴾، ﴿وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ﴾، قلت: يا أبا سعيد قال الله تعالى ﴿فاقرأوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾، قَالَ: نَعَمْ، وَلَوْ خَمْسَ آيَاتٍ، وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ مَذْهَبِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَرَى حَقًّا وَاجِبًا عَلَى حَمَلَةِ الْقُرْآنِ، أَنْ يَقُومُوا وَلَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ فِي اللَّيْلِ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَامَ حَتَّى أَصْبَحَ؟ فَقَالَ: «ذَاكَ رجُل بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذنه» فَقِيلَ مَعْنَاهُ نام عن الصلاة المكتوبة، وقيل عن قيام الليل.
وقوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ﴾ أَيْ أَقِيمُوا صَلَاتَكُمُ الْوَاجِبَةَ عَلَيْكُمْ وَآتُوا الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَهَذَا يَدُلُّ لمن قال بأن فَرْضَ الزَّكَاةِ نَزَلَ بِمَكَّةَ، لَكِنَّ مَقَادِيرَ النُّصُبِ وَالْمَخْرَجِ لَمْ تُبَيَّنْ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وقد قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَسَخَتِ الَّذِي كَانَ اللَّهُ قَدْ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوَّلًا مِنْ قِيَامِ الليل، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ»، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنَّ تَطَوَّعَ»، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَقْرِضُواُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ يَعْنِي مِنَ الصَّدَقَاتِ، فَإِنَّ اللَّهَ يُجَازِي عَلَى ذَلِكَ أحسن الجزاء وأوفره كما قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَنًا قيضاعفه لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً﴾، وقوله تعالى: ﴿وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً﴾ أَيْ جَمِيعُ ما تقدموه بين أيديكم فهو لَكُمْ حَاصِلٌ، وَهُوَ خَيْرٌ مِمَّا أَبْقَيْتُمُوهُ لِأَنْفُسِكُمْ في الدنيا، عن عبد الله بن مسعود قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّكُمْ مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مَنْ مَالِ وَارِثِهِ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنَّا مِنْ أَحَدٌ إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ وَارِثِهِ، قَالَ: «اعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ»، قَالُوا: مَا نَعْلَمُ إِلَّا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «إِنَّمَا مَالُ أَحَدِكُمْ مَا قَدَّمَ، وَمَالُ وَارِثِهِ ما أخر» (أخرجه الحافظ الموصلي، ورواه البخاري والنسائي بنحوه)، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أَيْ أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ فِي أُمُورِكُمْ كُلِّهَا، فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ لِمَنِ استغفره.
566
- ٧٤ - سورة المدثر.
567
سورة المزمل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُزمِّل) سورة مكية، نزلت بعد سورة (القلم)، وقد ابتدأت بملاطفةِ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفِه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتِه وتهيئته لحَمْلِ هذه الدعوةِ العظيمة؛ بأن يَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ التوكل عليه، لا سيما في قيامه الليل، وكما أرشدت النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى بَدْءِ الدعوة، فإنها جاءت بتهديدِ الكفار ووعيدهم.

ترتيبها المصحفي
73
نوعها
مكية
ألفاظها
200
ترتيب نزولها
3
العد المدني الأول
20
العد المدني الأخير
18
العد البصري
19
العد الكوفي
20
العد الشامي
20

* كان بين نزولِ أول (المُزمِّلِ) وآخرِها سنةٌ:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ أوَّلُ المُزمِّلِ، كانوا يقومون نحوًا مِن قيامِهم في شهرِ رمضانَ، حتى نزَلَ آخِرُها، وكان بَيْنَ أوَّلِها وآخِرِها سنةٌ». أخرجه أبو داود (١٣٠٥).

* (المُزمِّل):

سُمِّيت سورة (المُزمِّل) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بوصفِ النبي صلى الله عليه وسلم بـ(المُزمِّل)؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1].

1. إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الدعوة (١-١٠).

2. تهديد الكفار وتوعُّدُهم (١١-١٩).

3. تذكيرٌ وإرشاد بأنواع الهداية (٢٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /430).

مقصدُ السورة ملاطفةُ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتُه على حَمْلِ رسالة هذا الدِّين؛ بالالتزام بمحاسنِ الأعمال، ولا سيما الصلاة في جوف الليل؛ ليَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ الالتجاء إليه؛ ليُكمِل تبيلغَ هذه الرسالة الثقيلة العظيمة، التي يَخِفُّ حَمْلُها بحُسْنِ التوكل على الله.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /131)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /255).