تفسير سورة المزّمّل

تفسير الشافعي

تفسير سورة سورة المزمل من كتاب تفسير الشافعي
لمؤلفه الشافعي . المتوفي سنة 204 هـ

٤٣٣- قال الشافعي رحمه الله تعالى : سمعت من أثق بخبره وعلمه يذكر أن الله أنزل فرضا في الصلاة، ثم نسخه بفرض غيره، ثم نسخ الثاني بالفرض في الصلوات الخمس، قال : كأنه يعني قول الله عز وجل :﴿ يَاأَيُّهَا اَلْمُزَّمِّلُ قُمِ اِليْلَ إِلا قَلِيلا نِّصْفَهُ أَوُ اَنقُصْ مِنْهُ قَلِيلا ﴾ الآية، ثم نسخها في السورة معه بقول الله جل ثناؤه :﴿ اِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِن ثُلُثَىِ اِليْلِ وَنِصْفِهِ ﴾١ إلى قوله :﴿ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ اَلْقُرْءَانِ ﴾٢ فنسخ قيام الليل أو نصفه أو أقل أو أكثر بما تيسر، وما أشبه ما قال بما قال، وإن كنت أحب أن لا يدع أحد أن يقرا ما تيسر عليه من ليلته.
ويقال : نسخت ما وصفت من المزمل بقول الله عز وجل :﴿ اَقِمِ اِلصَّلَواةَ لِدُلُوكِ اِلشَّمْسِ ﴾٣ ودلوكها : زوالها ﴿ إِلَى غَسَقِ اِليْلِ ﴾٤ العتمة ﴿ وَقُرْءَانَ اَلْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ اَلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾٥ الصبح ﴿ وَمِنَ اَليْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ ﴾٦ فأعلمه أن صلاة الليل نافلة لا فريضة، وأن الفرائض فيما ذكر من ليل أو نهار.
ويقال في قول الله عز وجل :﴿ فَسُبْحَانَ اَللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ ﴾٧ المغرب والعشاء ﴿ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴾٨ الصبح ﴿ وَلَهُ اَلْحَمْدُ فِى اِلسَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ وَعَشِيًّا ﴾٩ العصر ﴿ وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴾١٠ الظهر. وما أشبه ما قيل من هذا بما قيل، والله تعالى أعلم.
قال : وبيان ما وصفت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخبرنا مالك، عن عمه أبي سهيل ابن مالك، عن أبيه، أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول :« جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« خمس صلوات في اليوم والليلة » فقال : هل علي غيرها ؟ فقال :« لا، إلا أن تطوع »١١.
قال الشافعي : ففرائض الصلوات خمس، وما سواها تطوع. ( الأم : ١/٦٨. ون أحكام الشافعي : ١/٥٤-٥٧. والرسالة : ١١٣-١١٧. ومناقب الشافعي : ٢٨٩-٢٩٠. )
١ - المزمل: ٢٠..
٢ - المزمل: ٢٠..
٣ - الإسراء: ٧٨..
٤ - الإسراء: ٧٨..
٥ - الإسراء: ٧٨..
٦ - الإسراء: ٧٩..
٧ - الروم: ١٧..
٨ - الروم: ١٧..
٩ - الروم: ١٨.
١٠ - الروم: ١٨..
١١ - سبق تخريجه..
٤٣٤- قال الشافعي رحمه الله تعالى : قال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :{ وَرَتِّلِ اِلْقُرْءَانَ
تَرْتِيلاً }١ قال الشافعي : وأقل الترتيل ترك العجلة في القرآن عن الإبانة، وكلما زاد على أقل الإبانة في القراءة كان أحبَّ إلي، ما لم يبلغ أن تكون الزيادة فيها تمطيطا. وأحب ما وصفت لكل قارئ في صلاة وغيرها، وأنا له في المصلى أشد استحبابا منه للقارئ في غير صلاة. فإذا أيقن المصلي أن لم يبق من القراءة شيء إلا نطق به أجزأته قراءته. ولا يجزئه أن يقرا في صدره القرآن ولم ينطق به لسانه. ( الأم : ١/١٠٩-١١٠. ون أحكام الشافعي : ١/٦٤. ومناقب الشافعي : ١/٢٩٠-٢٩١. )
١ - المزمل: ٤..
سورة المزمل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُزمِّل) سورة مكية، نزلت بعد سورة (القلم)، وقد ابتدأت بملاطفةِ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفِه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتِه وتهيئته لحَمْلِ هذه الدعوةِ العظيمة؛ بأن يَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ التوكل عليه، لا سيما في قيامه الليل، وكما أرشدت النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى بَدْءِ الدعوة، فإنها جاءت بتهديدِ الكفار ووعيدهم.

ترتيبها المصحفي
73
نوعها
مكية
ألفاظها
200
ترتيب نزولها
3
العد المدني الأول
20
العد المدني الأخير
18
العد البصري
19
العد الكوفي
20
العد الشامي
20

* كان بين نزولِ أول (المُزمِّلِ) وآخرِها سنةٌ:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ أوَّلُ المُزمِّلِ، كانوا يقومون نحوًا مِن قيامِهم في شهرِ رمضانَ، حتى نزَلَ آخِرُها، وكان بَيْنَ أوَّلِها وآخِرِها سنةٌ». أخرجه أبو داود (١٣٠٥).

* (المُزمِّل):

سُمِّيت سورة (المُزمِّل) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بوصفِ النبي صلى الله عليه وسلم بـ(المُزمِّل)؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1].

1. إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الدعوة (١-١٠).

2. تهديد الكفار وتوعُّدُهم (١١-١٩).

3. تذكيرٌ وإرشاد بأنواع الهداية (٢٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /430).

مقصدُ السورة ملاطفةُ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتُه على حَمْلِ رسالة هذا الدِّين؛ بالالتزام بمحاسنِ الأعمال، ولا سيما الصلاة في جوف الليل؛ ليَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ الالتجاء إليه؛ ليُكمِل تبيلغَ هذه الرسالة الثقيلة العظيمة، التي يَخِفُّ حَمْلُها بحُسْنِ التوكل على الله.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /131)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /255).