تفسير سورة المزّمّل

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

تفسير سورة سورة المزمل من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ﴾ [ المزمل : ٥ ].
وصف القرآن بالثّقل، لثقله بنزول الوحي على نبيّه، حتى كان يعرف في اليوم الثاني، أو لثقل العمل بما فيه، أو لثقله في الميزان، أو لثقله على المنافقين.
قوله تعالى :﴿ السماء منفطر به... ﴾ [ المزمل : ١٨ ] أي بذلك اليوم لشدّته، وإنما لم يؤنث صفة السماء مع أنها مؤنثة، لأنها بمعنى السقف، تقول : هذا سماء البيت أي سقفه، قال تعالى :﴿ وجعلنا السماء سقفا محفوظا ﴾ [ الأنبياء : ٣٢ ].
أو لأنها تذكّر وتؤنّث، أو جاء " منفطر " على النّسب أي ذات انفطار، كامرأة مرضع وحائض، أي ذات إرضاع، وذات حيض.
قوله تعالى :﴿ فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ﴾ [ المزمل : ١٩ ].
إن قلتَ : إن جُعل ﴿ اتخذ إلى ربه سبيلا ﴾ جوابا فأين الشرط ؟ أو " شاء " لا يصلح شرطا بدون ذكر مفعوله، أو جعل المجموع شرطا فأين الجواب ؟
قلتُ : معناه فمن شاء النّجاة، اتّخذ إلى ربه سبيلا.
أو فمن شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا، اتّخذ إلى ربه سبيلا، كقوله تعالى :﴿ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ﴾ [ الكهف : ٢٩ ] أي فمن شاء الإيمان فليؤمن، ومن شاء الكفر فليكفر.
قوله تعالى :﴿ فاقرؤوا ما تيسّر من القرآن... ﴾ [ المزمل : ٢٠ ] أي في الصلاة، بأن تصلّوا ما تيسّر من الصلاة، بما تيسّر من القرآن، وهذا يرجع إلى قول بعضهم : إن المراد ب " اقرؤوا " صلّوا، وإن عبّر بالقراءة عن الصلاة، التي هي بعض واجباتها، فهو من إطلاق " الجزء على الكل " ( ١ ) وقوله بعده " فاقرؤوا ما تيسّر منه " تأكيد، حثا على قيام الليل بما تيسّر.
١ - يسمى هذا في علم البلاغة "المجاز المرسل" فقد أطلق القراءة وأراد بها الصلاة، فهو من إطلاق الجزء على الكلّ، لأن القراءة أحد أركان الصلاة..
سورة المزمل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُزمِّل) سورة مكية، نزلت بعد سورة (القلم)، وقد ابتدأت بملاطفةِ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفِه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتِه وتهيئته لحَمْلِ هذه الدعوةِ العظيمة؛ بأن يَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ التوكل عليه، لا سيما في قيامه الليل، وكما أرشدت النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى بَدْءِ الدعوة، فإنها جاءت بتهديدِ الكفار ووعيدهم.

ترتيبها المصحفي
73
نوعها
مكية
ألفاظها
200
ترتيب نزولها
3
العد المدني الأول
20
العد المدني الأخير
18
العد البصري
19
العد الكوفي
20
العد الشامي
20

* كان بين نزولِ أول (المُزمِّلِ) وآخرِها سنةٌ:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ أوَّلُ المُزمِّلِ، كانوا يقومون نحوًا مِن قيامِهم في شهرِ رمضانَ، حتى نزَلَ آخِرُها، وكان بَيْنَ أوَّلِها وآخِرِها سنةٌ». أخرجه أبو داود (١٣٠٥).

* (المُزمِّل):

سُمِّيت سورة (المُزمِّل) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بوصفِ النبي صلى الله عليه وسلم بـ(المُزمِّل)؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1].

1. إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الدعوة (١-١٠).

2. تهديد الكفار وتوعُّدُهم (١١-١٩).

3. تذكيرٌ وإرشاد بأنواع الهداية (٢٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /430).

مقصدُ السورة ملاطفةُ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتُه على حَمْلِ رسالة هذا الدِّين؛ بالالتزام بمحاسنِ الأعمال، ولا سيما الصلاة في جوف الليل؛ ليَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ الالتجاء إليه؛ ليُكمِل تبيلغَ هذه الرسالة الثقيلة العظيمة، التي يَخِفُّ حَمْلُها بحُسْنِ التوكل على الله.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /131)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /255).