تفسير سورة التين

مختصر تفسير ابن كثير

تفسير سورة سورة التين من كتاب تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير المعروف بـمختصر تفسير ابن كثير.
لمؤلفه محمد نسيب الرفاعي . المتوفي سنة 1412 هـ

اختلف المفسرون هاهنا على أقوال كثيرة فقيل : المراد بالتين دمشق، وقيل : الجبل الذي عندها، وقال القرطبي : هو مسجد أصحاب الكهف، وروي عن ابن عباس : أنه مسجد نوح الذي على الجودي، وقال مجاهد : هو تينكم هذا ﴿ والزيتون ﴾ قال قتادة : هو مسجد بيت المقدس، وقال مجاهد وعكرمة : هو هذا الزيتون الذي تعصرون، ﴿ وَطُورِ سِينِينَ ﴾ هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام، ﴿ وهذا البلد الأمين ﴾ يعني مكة، قاله ابن عباس ومجاهد، وقال بعض الائمة : هذه محال ثلاثة، بعث الله في كل واحد منها نبياً مرسلاً من أولي العزم، أصحاب الشرائع الكبار. ( فالأول ) محله التين والزيتون وهي ( بيت المقدس ) التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم عليه السلام، ( والثاني ) طور سينين وهو ( طور سيناء ) الذي كلم الله عليه موسى بن عمران، ( والثالث ) مكة وهو ( البلد الأمين ) الذي من دخله كان آمناً، وهو الذي أرسل فيه محمداً ﷺ، قالوا : وفي آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة : جاء الله من طور سيناء - يعني الذي كلم الله عليه موسى بن عمران - وأشرق من ساعير - يعني جبل المقدس الذي بعث الله منه عيسى - واستعلن من جبال فاران - يعني جبال مكة التي أرسل الله منها محمداً ﷺ، فذكرهم مخبراً عنهم على الترتيب الوجودي، بحسب ترتيبهم في الزمان، ولهذا أقسم بالأشراف ثم الأشراف منه، ثم بالأشراف منهما، وقوله تعالى :﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ هذه هو المقسم عليه، وهو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة وشكل؛ منتصب القامة، سويّ الأعضاء حسنها. ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴾ أي إلى النار. أي بعد هذا الحسن والنضارة، مصيره إلى النار إن لم يطع اله ويتبع الرسل، ولهذا قال :﴿ إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾، وقال بعضهم :﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴾ أي إلى أرذل العمر. واختار ذلك ابن جرير، ولو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك، لأن الهرم قد يصيب بعضهم، وإنما المراد ما ذكرناه كقوله تعالى :﴿ والعصر * إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾ [ العصر : ١-٣ ]، وقوله :﴿ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ أي غير مقطوع، ثم قال :﴿ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ ﴾ أي يا ابن آدم ﴿ بالدين ﴾ ؟ أي بالجزاء في المعاد، ولقد علمت البدأة وعرفت أن من قدر على البدأة فهو ق در على الرجعة بطريق الأولى : فأي شيء يحملك على التكذيب بالمعاد وقد عرفت هذا؟ روى ابن أبي حاتم عن منصور قال : قلت لمجاهد :﴿ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بالدين ﴾ عنى به النبي ﷺ ؟ قال :« معاذ الله » عنى به الإنسان، وقوله تعالى :﴿ أَلَيْسَ الله بِأَحْكَمِ الحاكمين ﴾ أي أما هو أحكم الحاكمين الذي لا يجور ولا يظلم أحداً، ومن عدله أن يقيم القيامة فينتصف للمظلوم في الدنيا ممن ظلمه، وقد قدمنا في حديث أبي هريرة مرفوعاً : فإذا قرأ أحدكم والتين والزيتون فأتى على آخرها ﴿ أَلَيْسَ الله بِأَحْكَمِ الحاكمين ﴾ فليقل : بلى وأنا على ذلك من الشاهدين.
سورة التين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التِّين) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (البُرُوج)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بأربعة أشياء: بـ(التِّين، والزَّيتون، وطورِ سِينينَ، والبَلَد الأمين)، وتمحورت حول حقيقةِ الفِطْرة القويمة التي فطَر اللهُ الناس عليها؛ من حُبِّ الخير، والإقبال على الخالق، وفي ذلك دعوةٌ إلى الاستجابة لأمر الله، والإيمانِ بوَحْدانيته، وموافقةِ الفِطْرة السليمة.

ترتيبها المصحفي
95
نوعها
مكية
ألفاظها
34
ترتيب نزولها
28
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
8
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورة (التِّين):

سُمِّيت سورة (التِّين) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(التِّين).

1. الأقسام الأربعة (١-٣) .

2. المُقسَم عليه (٤-٦).

3. قدرة الخالق (٧-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /242).

التنبيه على خَلْقِ اللهِ الإنسانَ في أحسَنِ خِلْقة، وبفِطْرة سليمة قويمة.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «احتوت هذه السورةُ على التنبيه بأن اللهَ خلَق الإنسان على الفِطْرة المستقيمة؛ ليَعلَموا أن الإسلامَ هو الفطرة؛ كما قال في الآية الأخرى: {فَأَقِمْ ‌وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطْرَتَ اْللَّهِ اْلَّتِي فَطَرَ اْلنَّاسَ عَلَيْهَاۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اْللَّهِۚ} [الروم: 30]، وأن ما يخالِفُ أصولَه بالأصالة أو بالتحريف فسادٌ وضلال، ومتَّبِعي ما يخالف الإسلامَ أهلُ ضلالة، والتعريض بالوعيد للمكذِّبين بالإسلام».

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /419).