تفسير سورة التين

تفسير النسفي

تفسير سورة سورة التين من كتاب مدارك التنزيل وحقائق التأويل المعروف بـتفسير النسفي.
لمؤلفه أبو البركات النسفي . المتوفي سنة 710 هـ
سورة التين مكية وهى ثماني آيات.

وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١)
﴿والتين والزيتون﴾ أقسم بهما لأنهما عجيبان من بين الأشجار المثمرة روي أنه أهدي لرسول الله ﷺ طبق من تين فأكل منه وقال لأصحابه كلوا فلو قلت أن فاكهة أنزلت من الجنة لقلت هذه لأن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوها فإنها تقطع البواسير وتنفع من النقرس وقال نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة يطيب الفم ويذهب بالحفرة وقال هي سواكي وسواك الأنبياء قبلي وعن ابن عباس رضى الله عنهما هو تينكم هذا وزيتونكم هذا وقيل هما جبلان بالشام منبتاهما
وَطُورِ سِينِينَ (٢)
﴿وَطُورِ سِينِينَ﴾ أضيف الطور وهو الجبل إلى سينين وهي البقعة ونحو سينون بيرون في جواز الإعراب بالواو والياء والإقرار على الياء وتحريك النون بحركات الإعراب
وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣)
﴿وهذا البلد﴾ يعني مكة ﴿الأمين﴾ من أمن الرجل أمانة فهو أمين وأمانته أنه يحفظ من دخله كما يحفظ الأمين ما يؤتمن عليه ومعنى القسم بهذه الأشياء الإبانة عن شرف البقاع المباركة وما ظهر فيها من الخير والبركة بسكنى الأنبياء والأولياء فنبت التين والزيتون مهاجر إبراهيم ومولد عيسى ومنشؤه والطور المكان الذي نودي منه موسى ومكة مكان البيت الذي هو هدى للعالمين ومولد نبينا ومبعثه صلوات الله عليهم أجمعين أو الأولان قسم بمهبط الوحي على عيسى والثالث على موسى والرابع على محمد عليهم السلام وجواب القسم
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)
﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان﴾ وهو جنس ﴿فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ في أحسن تعديل لشكله وصورته وتسوية اعضائه
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥)
﴿ثُمَّ رددناه أَسْفَلَ سافلين﴾ أي ثم كان عاقبة أمره حين لم يشكر نعمة تلك الخلقة الحسنة القويمة السوية أن رددناه أسفل من سفل خلقاً وتركيباً يعني أقبح من قبح صورة وهم أصحاب النار أو أسفل من سفل من أهل الدركات أو ثم رددناه بعد ذلك التقويم والتحسين أسفل من سفل في حسن الصورة والشكل حيث نكسناه في خلقه فقوس ظهره بعد اعتداله وابيض شعره بعد سواده وتشننّ جلده وكلّ سمعه وبصره وتغير كل شئ منه فمشيه دليف وصونه
حفات وقوته ضعف وشهامته خوف
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦)
﴿إلا الذين آمنوا وَعَمِلُواْ الصالحات فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ ودخل الفاء هنا دون سورة الانشقاق للجمع بين اللغتين والاستثناء على الأول متصل وعلى الثاني منقطع أي ولكن الذين كانوا صالحين من الهرمى والزمنى فلهم ثواب غير منقطع على
660
طاعتهم وصبرهم عل الابتلاء بالشيخوخة والهرم وعلى مقاساة المشاق والقيام بالعبادة
661
فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧)
والخطاب في ﴿فَمَا يُكَذّبُكَ بَعْدُ بالدين﴾ للإنسان على طريقة الالتفات أي فما سبب تكذيبك بعد هذا البيان القاطع والبرهان الساطع بالجزاء والمعنى أن خلق الإنسان من نطفة وتقويمه بشراً سوياً وتدريجه في مراتب الزيادة إلى أن يكمل ويستوى ثم تنكيسه إلى أن يبلغ أرذل العمر لا ترى دليلاً أوضح منه على قدرة الخالق وأن من قدر على خلق الإنسان وعلى هذا كله لم يعجز عن اعادته فما سبب تكذبيك بالجزاء أو لرسول الله ﷺ فمن ينسبك إلى الكذب بعد هذا الدليل فما بمعنى من
أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨)
﴿أَلَيْسَ الله بِأَحْكَمِ الحاكمين﴾ وعيد للكفار وأنه يحكم عليهم بما هم أهله وهو من الحكم والقضاء والله أعلم
661
سورة العلق مكية وهي تسع عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم

662
سورة التين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التِّين) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (البُرُوج)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بأربعة أشياء: بـ(التِّين، والزَّيتون، وطورِ سِينينَ، والبَلَد الأمين)، وتمحورت حول حقيقةِ الفِطْرة القويمة التي فطَر اللهُ الناس عليها؛ من حُبِّ الخير، والإقبال على الخالق، وفي ذلك دعوةٌ إلى الاستجابة لأمر الله، والإيمانِ بوَحْدانيته، وموافقةِ الفِطْرة السليمة.

ترتيبها المصحفي
95
نوعها
مكية
ألفاظها
34
ترتيب نزولها
28
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
8
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورة (التِّين):

سُمِّيت سورة (التِّين) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(التِّين).

1. الأقسام الأربعة (١-٣) .

2. المُقسَم عليه (٤-٦).

3. قدرة الخالق (٧-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /242).

التنبيه على خَلْقِ اللهِ الإنسانَ في أحسَنِ خِلْقة، وبفِطْرة سليمة قويمة.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «احتوت هذه السورةُ على التنبيه بأن اللهَ خلَق الإنسان على الفِطْرة المستقيمة؛ ليَعلَموا أن الإسلامَ هو الفطرة؛ كما قال في الآية الأخرى: {فَأَقِمْ ‌وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطْرَتَ اْللَّهِ اْلَّتِي فَطَرَ اْلنَّاسَ عَلَيْهَاۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اْللَّهِۚ} [الروم: 30]، وأن ما يخالِفُ أصولَه بالأصالة أو بالتحريف فسادٌ وضلال، ومتَّبِعي ما يخالف الإسلامَ أهلُ ضلالة، والتعريض بالوعيد للمكذِّبين بالإسلام».

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /419).