تفسير سورة التين

النهر الماد من البحر المحيط

تفسير سورة سورة التين من كتاب النهر الماد من البحر المحيط
لمؤلفه أبو حيان الأندلسي . المتوفي سنة 745 هـ

﴿ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ ﴾ هذه السورة مكية ولما ذكر فيما قبلها من كمله الله تعالى خلقاً وفضله على سائر العالم ثم ذكر هنا حالة من يعاد به وأنه يرده إلى أسفل السافلين في الدنيا والآخرة وأقسم تعالى بما أقسم به أنه خلقه مهيأ لقبول الحق نقله كما أراد إلى الحالة السافلة والظاهر أن التين والزيتون هما المشهور إذ بهذا الإِسم وفي الحديث" مدح التين وأنه يقطع البواسير وينفع من النقرس "وقال تعالى:﴿ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ ﴾[المؤمنون: ٢٠] أقسم تعالى بمنابتهما فالتين ينبت كثيراً بدمشق والزيتون بايليا فأقسم بالأرضين وقيل هما جبلان بالشام على أحدهما دمشق على الآخر بيت المقدس ومعنى سينين ذو الشجر.﴿ وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ ﴾ هو مكة وأمين للمبالغة أي آمن من فيه ومن دخله وما فيهن من طير وحيوان ومعنى القسم بهذه الأشياء إبانة شرفها وما ظهر فيها من الخير بسكنى الأنبياء والصالحين. فمنبت التين والزيتون مهاجر إبراهيم عليه السلام ومولد عيسى ومنشأ والطور المكان الذي نودي عليه موسى عليه السلام ومكة مكان مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه ومكان البيت الذي هو هدى للعالمين.﴿ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ في أحسن صورته وحواسه والإِنسان هنا إسم جنس وأحسن صفة لمحذوف تقديره في تقويم أحسن تقويم.﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ ﴾ أي بالهرم وذهول العقل وتغلب الكبر حتى يصير لا يعلم شيئاً أما المؤمن فمرفوع عنه القلم والاستثناء على هذا منقطع وليس المعنى أن كل إنسان يعتريه هذا بل في الجنس من يعتريه ذلك ومن لا يعتريه وفي الحديث وفيه أيضاً" أن المؤمن إذا رد إلى أرذل العمر كتب له خير ما كان يعمل في قوته "وذلك أجر غير ممنون أي غير مرفوع ولا مقطوع أو محسوب يمن به عليهم والخاب في فما يكذبك للإِنسان الكافر أي ما الذي يجعلك مكذباً بالدين تجعل لله تعالى أنداداً وتزعم أن لا بعث بعد هذه الدلائل.﴿ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ ﴾ وعيد للكفار وإخبار بعدله تعالى.
سورة التين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التِّين) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (البُرُوج)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بأربعة أشياء: بـ(التِّين، والزَّيتون، وطورِ سِينينَ، والبَلَد الأمين)، وتمحورت حول حقيقةِ الفِطْرة القويمة التي فطَر اللهُ الناس عليها؛ من حُبِّ الخير، والإقبال على الخالق، وفي ذلك دعوةٌ إلى الاستجابة لأمر الله، والإيمانِ بوَحْدانيته، وموافقةِ الفِطْرة السليمة.

ترتيبها المصحفي
95
نوعها
مكية
ألفاظها
34
ترتيب نزولها
28
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
8
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورة (التِّين):

سُمِّيت سورة (التِّين) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(التِّين).

1. الأقسام الأربعة (١-٣) .

2. المُقسَم عليه (٤-٦).

3. قدرة الخالق (٧-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /242).

التنبيه على خَلْقِ اللهِ الإنسانَ في أحسَنِ خِلْقة، وبفِطْرة سليمة قويمة.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «احتوت هذه السورةُ على التنبيه بأن اللهَ خلَق الإنسان على الفِطْرة المستقيمة؛ ليَعلَموا أن الإسلامَ هو الفطرة؛ كما قال في الآية الأخرى: {فَأَقِمْ ‌وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطْرَتَ اْللَّهِ اْلَّتِي فَطَرَ اْلنَّاسَ عَلَيْهَاۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اْللَّهِۚ} [الروم: 30]، وأن ما يخالِفُ أصولَه بالأصالة أو بالتحريف فسادٌ وضلال، ومتَّبِعي ما يخالف الإسلامَ أهلُ ضلالة، والتعريض بالوعيد للمكذِّبين بالإسلام».

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /419).