تفسير سورة التين

غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني

تفسير سورة سورة التين من كتاب غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني المعروف بـغاية الأماني في تفسير الكلام الرباني.
لمؤلفه أحمد بن إسماعيل الكَوْرَاني . المتوفي سنة 893 هـ

سُورَةُ التِّينِ
مكية، وهي ثمان آيات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) أقسم بجبال الأرض المقدسة. والأولان سميا باسم الشجرتين النابتتين بهما. والطور: هو الجبل الذي كلم اللَّه تعالى عليه موسى. و (سِينِينَ) وسيناء: اسم البقعة التي بها الجبل. قال ابن زيد: التين: مسجد دمشق، والزيتون: مسجد بيت المقدس. وقيل: أراد الشجرتين لكثرة منافعهما، وليس بقوي؛ لأنَّ النخلة أشرف الأشجار حتى قال رسول اللَّه - ﷺ - في مدحها: " مثلها مثل المسلم "، ولعدم الملائمة بين المعطوف والمعطوف عليه.
(وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) الحافظ داخله. هي مكة شرفها اللَّه كأنه قال: والأرض المباركة ديناً ودنياً، والبلد الذي من دخله كان آمنا في الدارين. وفيه نهج الترقي، إذ لا مطمح وراء أمنِ الدارين.
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) تعديل. شكلاً وصورة، لا ترى في الكائنات أحسن منه، حتى يبلغ منه سرّ الملاحة حداً يعجز الواصف عن إبرازه قطعاً.
(ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) وهو الكافر. في النار سِنّه مثل أحد، ويجر شفته على الأرض، والوجه أسود مظلم، وما بين كتفيه ما بين مكة والمدينة. عافانا اللَّه. أو رددناه في الدنيا بعد ذلك الحسن والجمال أسفل، من تسفل: تقوّس ظهره بعد اعتداله، وابيض شعره بعد اسوداده، وكَلَّ سمعهُ وبصره، وتناقصت قواه وعقله، وأَنِفَه من كان يحبه.
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ... (٦) استثناء متصل على الأول ظاهر الاتصال، منقطع على الثاني. أي: لكن الذين آمنوا وكانوا صالحين من الهرمى. (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) غير مقطوع. بل يجري عليهم ثواب الأعمال التي كانوا يعملونها وهم أقوياء.
(فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّين (٧) الخطاب للإنسان، أي: بعد هذه الدلائل المشاهدة أيّ شيء يجعلك كاذباً بالإعادة؟، فإن مكذب الحق كاذب. و " الباء " للسببية. أو لرسول اللَّه - ﷺ - إلهاباً له، أو تعريضاً بالمكذبين، أي: بعد هذا البيان لا يكذبك شيء كهؤلاء الذين لا يبالون بآيات اللَّه تعالى. وعلى الأول استفهام توبيخ.
(أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨) أليس ذلك الموصوف أقدر من كل قادر؟. فما وجه إنكار الإعادة بعد إخباره؟. وآثر الاسم الأعظم؛ دلالة على أنَّ ذلك من خواص الألوهية.
* * *
تمت سورة التين، والحمد للَّه رب العالمين، والصلاة على سيد المرسلين، وآله وصحبه أجمعين.
* * *
سورة التين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التِّين) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (البُرُوج)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بأربعة أشياء: بـ(التِّين، والزَّيتون، وطورِ سِينينَ، والبَلَد الأمين)، وتمحورت حول حقيقةِ الفِطْرة القويمة التي فطَر اللهُ الناس عليها؛ من حُبِّ الخير، والإقبال على الخالق، وفي ذلك دعوةٌ إلى الاستجابة لأمر الله، والإيمانِ بوَحْدانيته، وموافقةِ الفِطْرة السليمة.

ترتيبها المصحفي
95
نوعها
مكية
ألفاظها
34
ترتيب نزولها
28
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
8
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورة (التِّين):

سُمِّيت سورة (التِّين) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(التِّين).

1. الأقسام الأربعة (١-٣) .

2. المُقسَم عليه (٤-٦).

3. قدرة الخالق (٧-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /242).

التنبيه على خَلْقِ اللهِ الإنسانَ في أحسَنِ خِلْقة، وبفِطْرة سليمة قويمة.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «احتوت هذه السورةُ على التنبيه بأن اللهَ خلَق الإنسان على الفِطْرة المستقيمة؛ ليَعلَموا أن الإسلامَ هو الفطرة؛ كما قال في الآية الأخرى: {فَأَقِمْ ‌وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطْرَتَ اْللَّهِ اْلَّتِي فَطَرَ اْلنَّاسَ عَلَيْهَاۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اْللَّهِۚ} [الروم: 30]، وأن ما يخالِفُ أصولَه بالأصالة أو بالتحريف فسادٌ وضلال، ومتَّبِعي ما يخالف الإسلامَ أهلُ ضلالة، والتعريض بالوعيد للمكذِّبين بالإسلام».

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /419).