تفسير سورة التين

تفسير السمرقندي

تفسير سورة سورة التين من كتاب بحر العلوم المعروف بـتفسير السمرقندي.
لمؤلفه أبو الليث السمرقندي . المتوفي سنة 373 هـ
سورة التين مكية، وهي ثماني آيات.

سورة التين
وهي ثمان آيات مكيّة
[سورة التين (٩٥) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)
ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥)
قوله تعالى: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وهما مسجدان بالشام، ويقال: هما جبلان بالشام التِّينِ جبل بيت المقدس وَالزَّيْتُونِ جبل بدمشق وقال قتادة: التِّينِ الجبل الذي عليه دمشق وَالزَّيْتُونِ الجبل الذي عليه بيت المقدس. ويقال: التِّينِ الذي يؤكل. وروي عن ابن عباس- رضي الله عنهما، أنه قال: تينكم وزيتونكم هذا. وقال مجاهد: هو الذي يؤكل، وهو قول سعيد بن جبير، والشعبي.
ثم قال: وَطُورِ سِينِينَ يعني: الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى، صلوات الله على نبينا وعليه ويقال الطور اسم الجبل سِينِينَ يعني: ذا شجر. ويقال: التين معناه علي بن أبي طالب- رضي الله عنه وَالزَّيْتُونِ فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنها، وَطُورِ سِينِينَ هما الحسن والحسين سيد الشهداء في دار الدنيا، وهذا لا يصح في اللغة وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ يعني: مكة أمين من أن يهاج فيها، من دخل فيها. ويقال:
الْأَمِينِ لجميع الحيوان الذي لا يجري عليه القلم.
ثم قال عز وجل: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ يعني: في أحسن صورة، لأنه يمشي مستوياً، وليس منكوساً، وله لسان ذلق، ويد وأصابع يقبض بها. قال بعضهم: نزلت في شأن الوليد بن المغيرة، وقال بعضهم نزلت في كلدة بن أسيد، وقال بعضهم هذا عام.
ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ يعني: رددناه بعد القوة والشباب، والحسن إلى الضعف والهرم، يعني: يصير كالصبي في الحال الأولى، يعني: رددناه إلى أرذل العمر. ويقال: رددناه. يعني:
الفاجر والكافر بعد موته، إلى أسفل السافلين في النار.

[سورة التين (٩٥) : الآيات ٦ الى ٨]

إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (٨)
ثم قال عز وجل: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعني: صدقوا بوحدانية الله تعالى، وَعَمِلُواْ الصالحات فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ يعني: غير منقوص، وذلك أن المؤمن إذا عمل في حالة شبابه، وقوته وحياته، فإذا مرض أو هرم، أو مات، فإنه يكتب له حسناته، كما كان يعمل في حال شبابه وقوته، إلى يوم القيامة ويقال: غَيْرُ مَمْنُونٍ يعني: غير مقطوع ويقال: غَيْرُ مَمْنُونٍ يعني: لا يُمَنُّ عليه. وروي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «إنَّ المُؤْمِنُ إذَا مَاتَ، صَعِدَ مَلَكَاهُ إلى السَّمَاءِ، فَيَقُولاَنِ: إنَّ عَبْدَكَ فُلاَناً قَدْ مَاتَ، فَأْذَنْ لَنَا حَتَّى نَعْبُدَكَ عَلَى السَّمَاءِ، فَيَقُولُ الله تَعَالَى: إِنَّ سَمَاوَاتِي مَمْلُوْءةٌ بِمَلاَئِكَتِي، وَلَكِنْ اذْهَبَا إلَى قَبْرِهِ، فَاكْتُبَا لَهُ حَسَنَاتِهِ إلى يوم القيامة».
فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ يعني: أيها الإنسان ما الذي حملك، بعد ما خلقك الله تعالى في أحسن تقويم، حتى كذبت بيوم الدين والقضاء أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ يعني: بأعدل العادلين، يعمل بالعدل مع الكفار، ومع المؤمنين بالفضل. وقال مقاتل: فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ يعني: فما يكذبك أيها الإنسان، بعد بيان الصورة الحسنة، والشباب والهرم بالحساب، لا تغتر في صورتك وشبابك، فهو قادر على أن يبعثك. ويقال: معنى قوله إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ [العصر: ٣] يعني: لا يحزن ولا يذهب عقله، من كان عالماً عاملاً به. وروي عن ابن عمر، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «طُوبَى لِمَنْ طَالَ عُمرهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ». والله أعلم.
سورة التين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التِّين) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (البُرُوج)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بأربعة أشياء: بـ(التِّين، والزَّيتون، وطورِ سِينينَ، والبَلَد الأمين)، وتمحورت حول حقيقةِ الفِطْرة القويمة التي فطَر اللهُ الناس عليها؛ من حُبِّ الخير، والإقبال على الخالق، وفي ذلك دعوةٌ إلى الاستجابة لأمر الله، والإيمانِ بوَحْدانيته، وموافقةِ الفِطْرة السليمة.

ترتيبها المصحفي
95
نوعها
مكية
ألفاظها
34
ترتيب نزولها
28
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
8
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورة (التِّين):

سُمِّيت سورة (التِّين) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(التِّين).

1. الأقسام الأربعة (١-٣) .

2. المُقسَم عليه (٤-٦).

3. قدرة الخالق (٧-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /242).

التنبيه على خَلْقِ اللهِ الإنسانَ في أحسَنِ خِلْقة، وبفِطْرة سليمة قويمة.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «احتوت هذه السورةُ على التنبيه بأن اللهَ خلَق الإنسان على الفِطْرة المستقيمة؛ ليَعلَموا أن الإسلامَ هو الفطرة؛ كما قال في الآية الأخرى: {فَأَقِمْ ‌وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطْرَتَ اْللَّهِ اْلَّتِي فَطَرَ اْلنَّاسَ عَلَيْهَاۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اْللَّهِۚ} [الروم: 30]، وأن ما يخالِفُ أصولَه بالأصالة أو بالتحريف فسادٌ وضلال، ومتَّبِعي ما يخالف الإسلامَ أهلُ ضلالة، والتعريض بالوعيد للمكذِّبين بالإسلام».

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /419).