تفسير سورة التين

الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية

تفسير سورة سورة التين من كتاب الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المعروف بـالفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية.
لمؤلفه النخجواني . المتوفي سنة 920 هـ

إليك من حيث لا تحتسب. ثم كرر سبحانه مبالغة وتأكيدا
إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ الذي ألم بك الآن من قبل أعدائك يُسْراً ناشئا منا مترقبا من عموم الجهات كيف ما اتفق وفي تعريف العسر أولا وإعادته ايضا معرفة وتنكير اليسر أولا وإعادته نكرة ايضا اشعار بقلة طرق العسر وأسبابه وكثرة طرق اليسر وموجباته يعنى لا تيأس من العسر الطارئ عليك أحيانا معهودة معدودة عن يسر ملازم لك في اكثر الأوقات وأغلبها بل مصاحب معك في جميع حالاتك وبعد ما قد امرناك يا أكمل الرسل بتبليغ الرسالة وأرسلناك لنشرها فلك ان تمتثل بالمأمور به على مقتضى الوحى والإلهام
فَإِذا فَرَغْتَ عن الدعوة والتبليغ على مقتضى منصب الرسالة ومرتبة النبوة فَانْصَبْ نفسك وأتعبها بالمجاهدات والرياضات القالعة لعرق لوازم الإمكان عن أصلها على مقتضى رتبة الولاية
وَبالجملة إِلى رَبِّكَ لا الى غيره من وسائل المظاهر واسبابها فَارْغَبْ في خلواتك وفي خلال سؤلك وصلواتك وفي عموم أوقاتك وحالاتك بلا رؤية الوسائل في البين والوسائط في العين
خاتمة سورة الانشراح
عليك ايها الطالب الراغب الى الله القاصد المعكوف حول بابه ان تفرغ بالك عن مطلق الأماني والآمال وعموم الاشغال المانعة عن الوصول الى فنائه سبحانه وترغب عن الدنيا وما فيها وتتوجه نحو الحق من طريق الفناء فيه وتطرح لوازم الحياة المستعارة ومقتضيات القوى والهوى عن هويتك بالكلية حتى تصل الى مرتبة الموت الإرادي المستلزم للبقاء الأبدي الأزلي السرمدي. جعلنا الله من زمرة ارباب الرغبة الى المولى وعن الدنيا بمنه وجوده
[سورة التين]
فاتحة سورة التين
لا يخفى على من انكشف عنده رفعة رتبة الإنسان ووضح لديه علو شأنه وسمو برهانه ان من انحط عن الرتبة الانسانية التي هي عبارة عن الخلافة الإلهية وسقط عنها الى مهاوي الإمكان واغوار الطبائع والأركان فقد لحق بأنزل المراتب وادنى المنازل لذا عبر سبحانه عنه بأسفل السافلين واقسم سبحانه بمعظمات مظاهره لإثبات لحوق الإنسان بأسفل دركات النيران بعد ما انحط عن أعلى غرفات الجنان فقال بعد التيمن بِسْمِ اللَّهِ الذي خلق الإنسان في احسن تقويم الرَّحْمنِ عليه بأنواع التعظيم والتكريم الرَّحِيمِ عليه يوصله الى روضات النعيم
[الآيات]
وَبحق التِّينِ وَالزَّيْتُونِ هما جبلان في الأرض المقدسة يكثر فيهما كلتا الفاكهتين
وَبحق طُورِ سِينِينَ اى الجبل الذي قد ناجى عليه مع ربه موسى الكليم
وَلا سيما بحق هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ يعنى مكة شرفها الله سماها أمينا لان من دخله مؤمنا محتسبا كان آمنا من العذاب الأليم وبالجملة بحق هذه المقسمات العظام
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ اى جنسه فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وأقوم تعديل إذ لا مظهر اعدل منه وأقوم بحسب الظاهر والباطن لذلك اصطفيناه لخلافتنا من بين خليقتنا واجتبيناه لرسالتنا الى عموم بريتنا
ثُمَّ بعد ما تعلقت ارادتنا لرداءة فعله رَدَدْناهُ وحططناه من تلك المرتبة العلية والدرجة السنية أَسْفَلَ سافِلِينَ ألا وهي مقتضيات الإمكان المستلزم لدركات النيران وسلاسل أمانيها وأغلال آمالها الطوال
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا بوحدة الحق
سورة التين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التِّين) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (البُرُوج)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بأربعة أشياء: بـ(التِّين، والزَّيتون، وطورِ سِينينَ، والبَلَد الأمين)، وتمحورت حول حقيقةِ الفِطْرة القويمة التي فطَر اللهُ الناس عليها؛ من حُبِّ الخير، والإقبال على الخالق، وفي ذلك دعوةٌ إلى الاستجابة لأمر الله، والإيمانِ بوَحْدانيته، وموافقةِ الفِطْرة السليمة.

ترتيبها المصحفي
95
نوعها
مكية
ألفاظها
34
ترتيب نزولها
28
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
8
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورة (التِّين):

سُمِّيت سورة (التِّين) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(التِّين).

1. الأقسام الأربعة (١-٣) .

2. المُقسَم عليه (٤-٦).

3. قدرة الخالق (٧-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /242).

التنبيه على خَلْقِ اللهِ الإنسانَ في أحسَنِ خِلْقة، وبفِطْرة سليمة قويمة.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «احتوت هذه السورةُ على التنبيه بأن اللهَ خلَق الإنسان على الفِطْرة المستقيمة؛ ليَعلَموا أن الإسلامَ هو الفطرة؛ كما قال في الآية الأخرى: {فَأَقِمْ ‌وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطْرَتَ اْللَّهِ اْلَّتِي فَطَرَ اْلنَّاسَ عَلَيْهَاۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اْللَّهِۚ} [الروم: 30]، وأن ما يخالِفُ أصولَه بالأصالة أو بالتحريف فسادٌ وضلال، ومتَّبِعي ما يخالف الإسلامَ أهلُ ضلالة، والتعريض بالوعيد للمكذِّبين بالإسلام».

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /419).