تفسير سورة التين

تفسير ابن جزي

تفسير سورة سورة التين من كتاب التسهيل لعلوم التنزيل المعروف بـتفسير ابن جزي.
لمؤلفه ابن جُزَيِّ . المتوفي سنة 741 هـ
سورة التين
مكية وآياتها ٨ نزلت بعد البروج.

سورة التين
مكية وآياتها ٨ نزلت بعد البروج بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة التين) وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فيها قولان: الأول أنه التين الذين يؤكل والزيتون الذي يعصر أقسم الله بهما لفضيلتهما على سائر الثمار. روي أن رسول الله ﷺ أكل مع أصحابه تينا فقال: لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه: لأن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوه فإنه يقطع البواسير وينفع من النقرس. وقال صلى الله عليه وسلم: نعم السواك الزيتون فإنه من الشجرة المباركة هي سواكي وسواك الأنبياء من قبلي «١». القول الثاني أنهما موضعان ثم اختلف فيهما فقيل هي سواكي وسواك الأنبياء من قبلي «٢». القول الثاني أنهما موضعان ثم اختلف فيهما فقيل هما جبلان بالشام أحدهما بدمشق ينبت فيه التين والآخر بإيلياء ينبت فيه الزيتون فكأنه قال ومنابت التين والزيتون وقيل التين مسجد دمشق والزيتون مسجد بيت المقدس، وقيل التين مسجد نوح والزيتون مسجد ابراهيم، والأظهر أنهما الموضعان من الشام وهما اللذان كان فيهما مولد عيسى ومسكنه، وذلك أن الله ذكر بعد هذا الطور الذي كلم عليه موسى والبلد الذي بعث منه محمد ﷺ فتكون الآية نظير ما في التوراة: «أن الله تعالى جاء من طور سيناء وطلع من ساعد وهو موضع عيسى وظهر من جبال باران» وهي مكة وأقسم الله بهذه المواضع التي ذكر في التوراة لشرفها بالأنبياء المذكورين وَطُورِ سِينِينَ هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى هو بالشام، وأضافه الله إلى سينين ومعنى سينين مبارك فهو من إضافة الموصوف إلى الصفة، وقيل: معناه ذو الشجر واحدها سينه، قاله الأخفش وقال الزمخشري: ويجوز أن يعرب إعراب الجمع المذكر بالواو والياء وأن يلزم الياء وتحريك النون بحركات الإعراب وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ هو مكة باتفاق والأمين من الأمانة أو من الأمن لقوله: اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً [البقرة: ١٢٦].
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ فيه قولان: أحدهما أن أحسن التقويم هو
(١). هذان الحديثان لم أعثر عليهما وإنما في الزيتون ورد قوله: كلوا الزيت وادّهنوا به فإنه ينبت من شجرة مباركة. رواه أحمد عن أبي أسيد الساعدي ج ٣ ص ٤٩٧.
(٢). هذان الحديثان لم أعثر عليهما وإنما في الزيتون ورد قوله: كلوا الزيت وادّهنوا به فإنه ينبت من شجرة مباركة. رواه أحمد عن أبي أسيد الساعدي ج ٣ ص ٤٩٧. [.....]
﴿ وطور سينين ﴾ هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى، وهو بالشام، وأضافه الله إلى سينين، ومعنى سينين : مبارك، فهو من إضافة الموصوف إلى الصفة. وقيل : معناه ذو الشجر، واحدها سينه، قاله الأخفش. وقال الزمخشري : ويجوز أن يعرب إعراب الجمع المذكر بالواو والياء، وأن يلزم الياء وتحريك النون بحركات الإعراب.
﴿ وهذا البلد الأمين ﴾ هو مكة باتفاق، والأمين من الأمانة أو من الأمن لقوله :﴿ اجعل هذا بلدا آمنا ﴾
[ البقرة : ١٢٦ ].
﴿ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن أحسن التقويم هو حسن الصورة وكمال العقل والشباب والقوة، وأسفل سافلين الضعف والهرم والخرف فهو كقوله تعالى :﴿ ومن نعمره ننكسه في الخلق ﴾ [ يس : ٦٨ ] وقوله :﴿ جعل من بعد قوة ضعفا ﴾ [ الروم : ٥٤ ] وقوله :﴿ إلا الذين آمنوا ﴾ بعد هذا غير متصل بما قبله، والاستثناء على هذا القول منقطع بمعنى لكن ؛ لأنه خارج عن معنى الكلام الأول.
والآخر : أن حسن التقويم الفطرة على الإيمان، وأسفل سافلين الكفر أو تشويه الصورة في النار، والاستثناء على هذا متصل ؛ لأن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لم يردوا أسفل سافلين.
حسن الصورة وكمال العقل والشباب والقوة وأسفل سافلين الضعف والهرم والخرف فهو كقوله تعالى: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ [يس: ٦٨] وقوله ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً [الروم: ٥٤] وقوله إلا الذين آمنوا بعد هذا غير متصل بما قبله، والاستثناء على هذا القول منقطع بمعنى لكن لأنه خارج عن معنى الكلام الأول. والآخر أن حسن التقويم:
الفطرة على الإيمان وأسفل سافلين الكفر أو تشويه الصورة في النار، والاستثناء على هذا متصل، لأن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لم يردوا أسفل سافلين
غَيْرُ مَمْنُونٍ قد ذكر فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ فيه قولان: أحدهما: أنه خطاب للنبي ﷺ والدين شريعته، والمعنى المعنى أي شيء يكذبك بالدين بعد هذه الدلائل التي تشهد بصحة نبوّتك؟ والآخر أنه خطاب للإنسان الكافر، والدين على هذا الشريعة أو الجزاء الأخروي ومعنى يكذبك على هذا يجعلك كاذبا، لأن من أنكر الحق فهو كاذب والمعنى أي شيء يجعلك كاذبا بسبب كفرك بالدين بعد أن علمت أن الله خلقك في أحسن تقويم، ثم ردّك أسفل سافلين، ولا شك أنه يقدر على بعثك كما قدر على هذا، فلأي شيء تكذب بالبعث والجزاء؟
أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ؟ تقرير ووعيد للكفار بأن يحكم عليهم بما يستحقون وكان رسول الله ﷺ إذا قرأها قال: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤:﴿ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن أحسن التقويم هو حسن الصورة وكمال العقل والشباب والقوة، وأسفل سافلين الضعف والهرم والخرف فهو كقوله تعالى :﴿ ومن نعمره ننكسه في الخلق ﴾ [ يس : ٦٨ ] وقوله :﴿ جعل من بعد قوة ضعفا ﴾ [ الروم : ٥٤ ] وقوله :﴿ إلا الذين آمنوا ﴾ بعد هذا غير متصل بما قبله، والاستثناء على هذا القول منقطع بمعنى لكن ؛ لأنه خارج عن معنى الكلام الأول.
والآخر : أن حسن التقويم الفطرة على الإيمان، وأسفل سافلين الكفر أو تشويه الصورة في النار، والاستثناء على هذا متصل ؛ لأن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لم يردوا أسفل سافلين.


﴿ غير ممنون ﴾ قد ذكر.
﴿ فما يكذبك بعد بالدين ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والدين شريعته، والمعنى : أي شيء يكذبك بالدين بعد هذه الدلائل التي تشهد بصحة نبوتك ؟
والآخر : أنه خطاب للإنسان الكافر، والدين على هذا الشريعة أو الجزاء الأخروي، ومعنى يكذبك على هذا يجعلك كاذبا ؛ لأن من أنكر الحق فهو كاذب، والمعنى : أي شيء يجعلك كاذبا بسبب كفرك بالدين بعد أن علمت أن الله خلقك في أحسن تقويم ثم ردك أسفل سافلين ؟ ولا شك أنه يقدر على بعثك كما قدر على هذا، فلأي شيء تكذب بالبعث والجزاء ؟
﴿ أليس الله بأحكم الحاكمين ﴾ تقرير ووعيد للكفار بأن يحكم عليهم بما يستحقون، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأها قال :" بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ".
سورة التين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التِّين) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (البُرُوج)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بأربعة أشياء: بـ(التِّين، والزَّيتون، وطورِ سِينينَ، والبَلَد الأمين)، وتمحورت حول حقيقةِ الفِطْرة القويمة التي فطَر اللهُ الناس عليها؛ من حُبِّ الخير، والإقبال على الخالق، وفي ذلك دعوةٌ إلى الاستجابة لأمر الله، والإيمانِ بوَحْدانيته، وموافقةِ الفِطْرة السليمة.

ترتيبها المصحفي
95
نوعها
مكية
ألفاظها
34
ترتيب نزولها
28
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
8
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورة (التِّين):

سُمِّيت سورة (التِّين) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(التِّين).

1. الأقسام الأربعة (١-٣) .

2. المُقسَم عليه (٤-٦).

3. قدرة الخالق (٧-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /242).

التنبيه على خَلْقِ اللهِ الإنسانَ في أحسَنِ خِلْقة، وبفِطْرة سليمة قويمة.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «احتوت هذه السورةُ على التنبيه بأن اللهَ خلَق الإنسان على الفِطْرة المستقيمة؛ ليَعلَموا أن الإسلامَ هو الفطرة؛ كما قال في الآية الأخرى: {فَأَقِمْ ‌وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطْرَتَ اْللَّهِ اْلَّتِي فَطَرَ اْلنَّاسَ عَلَيْهَاۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اْللَّهِۚ} [الروم: 30]، وأن ما يخالِفُ أصولَه بالأصالة أو بالتحريف فسادٌ وضلال، ومتَّبِعي ما يخالف الإسلامَ أهلُ ضلالة، والتعريض بالوعيد للمكذِّبين بالإسلام».

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /419).