تفسير سورة التين

معاني القرآن للفراء

تفسير سورة سورة التين من كتاب معاني القرآن للفراء المعروف بـمعاني القرآن للفراء.
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

[حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ] «١» قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: [وَحَدَّثَنِي] «٢» قيس بْن الربيع عنْ أَبِي حصين، قَالَ: مرّ شريح برجلين يصطرعان، فَقَالَ: ليس بهذا أُمِرَ الفارغ «٣»، إنَّما قَالَ اللَّه تبارك وتعالى: «فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ، وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ»، فكأنه فِي قول شريح: إِذَا فرغ الفارغ من الصلاة أو غيرها.
ومن سورة التين «٤»
قوله عز وجل: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١).
قَالَ ابْنُ عَبَّاس: هُوَ تينكم هَذَا وزيتونكم، وَيُقَال: إنهما جبلان بالشام، وقَالَ مرة أخرى:
مسجدان بالشام، أحدهما الَّذِي كلّم اللَّه تبارك وتعالى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ. قال الفراء:
وسمعت [١٤٣/ ا] رجلًا من أهل الشام وكان صاحب تفسير قال: التين جبال ما بين حلوان إلى همدان، والزيتون: جبال «٥» الشام، «وَطُورِ سِينِينَ» (٢) : جبل.
وقوله عزَّ وجلَّ: وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣).
مكَّة، يريد: الآمِن، والعرب تَقُولُ للآمن. الأمين، قَالَ الشَّاعِر «٦» :
ألم تعْلمي يا أسْم ويْحكِ أنني حَلفتُ يمينًا لا أخون أميني؟
يريد آمني.
وقوله عزَّ وجلَّ: فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤).
يَقُولُ: إنا لنبلغ بالآدمي أحسن تقويمه، وهو اعتداله واستواء شبابه، وهو أحسن ما يكون، ثُمَّ نرده بعد ذَلِكَ إلى أرذل العمر، وهو وإن كَانَ واحدًا، فإنه يراد بِهِ نفعل ذا بكثير من الناس، وقد
(١) سقط فى ش.
(٢) فى ش: حدثنى
(٣) عبارة القرطبي ج ٢٠: ١٠٩ قال ابن العربي: «روى عن شريح أنه مر بقوم يلعبون يوم عيد فقال ما بهذا أمر الشارع»
(٤) فى ش: والتين.
(٥) وكذا فى معجم البلدان لياقوت.
(٦) نقله القرطبي عن الفراء ٢٠/ ١١٣ ولم ينسبه.
276
تَقُولُ العرب «١» : أنْفَق فلان ماله عَلَى فلان، وإنما أنفق بعضه، وهو كَثِير فِي التنزيل من ذَلِكَ قوله فِي أَبِي بَكْر: «الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى «٢» » لم يُرد كل ماله إنَّما أراد بعضه.
ويقال: «ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ» (٥).
إلى النار ثُمَّ استثنى فَقَالَ: «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا» استثناء «٣» من الْإِنْسَان: لأنّ معنى الْإِنْسَان:
الكثير. ومثله: «إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا «٤» » وهي فِي قراءة عَبْد اللَّه «أسفل السافلين «٥» »، ولو كانت: أسفل سافل لكان «٦» صوابًا لأنّ لفظ الْإِنْسَان. واحدٌ، فقيل:
«سافِلِينَ» عَلَى الجمع لأن الْإِنْسَان فِي معنى جمع، وأنت تَقُولُ: هَذَا أفضل قائم، ولا تقول: هَذَا أفضل قائمين لأنك تضمر لواحد، فإذا كَانَ الواحد غير مقصود «٧» لَهُ رجع اسمه بالتوحيد وبالجمع كقوله «وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ «٨» » وقَالَ فِي عَسَقَ: «وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ «٩» » فردّ الْإِنْسَان عَلَى جمع، ورد تصبهم عَلَى الإنسان للذى أنبأتك بِهِ.
وقوله عزَّ وجلَّ: فَما يُكَذِّبُكَ [١٤٣/ ب] (٧).
يَقُولُ: فما الَّذِي يكذبك بأن النَّاس يدانون بأعمالهم، كأنه قَالَ، فمن يقدر عَلَى تكذيبك بالثواب والعقاب بعد ما تبين لَهُ من خلقنا الإنسان على ما وصفنا.
(١) فى ب: العربي.
(٢) سورة الليل الآية: ١٨.
(٣) سقط فى ش.
(٤) سورة العصر: ٢، ٣. [.....]
(٥) انظر البحر المحيط: (٨/ ٤٩٠).
(٦) فى ش: كان.
(٧) فى الأصل: «مصمود» وظاهره أنه خطأ، والتصويب من (الطبري: ٣٠- ٢٤٦)
(٨) سورة الزمر الآية: ٣٣.
(٩) سورة الشورى الآية: ٤٨.
277
سورة التين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التِّين) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (البُرُوج)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بأربعة أشياء: بـ(التِّين، والزَّيتون، وطورِ سِينينَ، والبَلَد الأمين)، وتمحورت حول حقيقةِ الفِطْرة القويمة التي فطَر اللهُ الناس عليها؛ من حُبِّ الخير، والإقبال على الخالق، وفي ذلك دعوةٌ إلى الاستجابة لأمر الله، والإيمانِ بوَحْدانيته، وموافقةِ الفِطْرة السليمة.

ترتيبها المصحفي
95
نوعها
مكية
ألفاظها
34
ترتيب نزولها
28
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
8
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورة (التِّين):

سُمِّيت سورة (التِّين) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(التِّين).

1. الأقسام الأربعة (١-٣) .

2. المُقسَم عليه (٤-٦).

3. قدرة الخالق (٧-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /242).

التنبيه على خَلْقِ اللهِ الإنسانَ في أحسَنِ خِلْقة، وبفِطْرة سليمة قويمة.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «احتوت هذه السورةُ على التنبيه بأن اللهَ خلَق الإنسان على الفِطْرة المستقيمة؛ ليَعلَموا أن الإسلامَ هو الفطرة؛ كما قال في الآية الأخرى: {فَأَقِمْ ‌وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطْرَتَ اْللَّهِ اْلَّتِي فَطَرَ اْلنَّاسَ عَلَيْهَاۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اْللَّهِۚ} [الروم: 30]، وأن ما يخالِفُ أصولَه بالأصالة أو بالتحريف فسادٌ وضلال، ومتَّبِعي ما يخالف الإسلامَ أهلُ ضلالة، والتعريض بالوعيد للمكذِّبين بالإسلام».

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /419).