ﰡ
قوله: ﴿وَيُؤَخِّرْكُمْ إلى أَجَلٍ﴾ قال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: كيف قال:» ويُؤَخِّرْكم «مع إخبارِه بامتناعِ تأخيرِه؟ قلت: قضى اللَّهُ أنَّ قوم نوحٍ إنْ آمنوا عَمَّرَهم ألفَ سنةٍ، وإن بَقُوا على كُفْرِهم أَهْلكهم على رأس تسعمِئة. فقيل لهم: إن آمنتم أُخِّرْتم إلى الأجلِ الأطولِ، ثم أخبرهم أنَّه إذا جاء ذلك الأجلُ الأمَدُّ لا يُؤَخَّرُ» انتهى. وقد تَعَلَّق بهذه الآيةِ مَنْ يقولُ بالأَجَلَيْنِ. وتقدَّم جوابُه. وقوله: ﴿لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ جوابُها محذوفٌ أي: لبادَرْتُمْ إلى ما أَمَرَكم به.
قوله: ﴿لَيْلاً وَنَهَاراً﴾ ظرفان ل «دَعَوْت» والمرادُ الإِخبارُ باتصالِ
٤٣٤٠ - فإنْ أفاقَ قد طارَتْ عَمَايَتُه | والمَرْءُ يُخْلَقُ طَوْراً بعد أطوارِ |
وقوله: ﴿وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً﴾ يُحتمل أَنْ يكونَ التقديرُ: وجعل الشمسَ فيهِنَّ، كما تقدَّم. والشمس قيل: في الرابعةِ. وقيل: في الخامسةِ. وقيل: في الشتاءِ في الرابعة، وفي الصيف في السابعةِ. واللَّهُ أعلمُ: أيُّ ذلك صحيحٌ.
٤٣٤١ - يا بِكرَ آمنةَ المباركَ وِلْدُها | مِنْ وُلْدِ مُحْصَنَةٍ بسَعْدٍ الأَسْعُدِ |
٤٣٤٢ - والمرءُ يُلْحِقُه بفِتيان النَّدى | خُلُقُ الكريمِ وليس بالوُضَّاء |
٤٣٤٣ - بَيْضاءُ تصطادُ القلوبَ وتَسْتَبي | بالحسنِ قلبَ المسلمِ القُرَّاء |
٤٣٤٤ - حَيَّاكَ وَدٌّ فإنَّا لا يَحِلُّ لنا | لَهْوُ النساءِ وإنَّ الدين قد عزما |
٤٣٤٥ - فحيَّاكِ وَدٌّ مِنْ هُداكِ لفِتْيَةٍ | وخُوْصٍ بأعلى ذي فُضالةَ مُنْجِدِ |
ونقل أبو الفضل الصَّرْفَ فيهما عن الأشهبِ العُقَيْليِّ ثم قال: «جَعَلهما فَعُولاً؛ فلذلك صرفهما، فأمَّا في العامَّة فإنهما صفتان من الغَوْث والعَوْق». قلت: وهذا كلامٌ مُشْكِلٌ. أمَّا قولُه: «فَعُولاً» فليس بصحيحٍ، إذ مادةُ «يغث» و «يعق» مفقودةٌ. وأمَّا قولُه: «صفتان من الغَوْث والعَوْق» فليس في الصفاتِ ولا في الأسماءِ «يَفْعُل» والصحيحُ ما قَدَّمْتُه. وقال الزمخشري: «وهذه قراءةٌ مُشْكِلة؛ لأنهما إنْ كانا عربيَّيْنِ أو أعجميَّيْنِ ففيهما مَنْعُ الصَّرْفِ، ولعله قَصَدَ الازدواجَ فصرَفهما. لمصادفتِه أخواتِهما منصرفاتٍ: وَدَّاً وسُوعاً ونَسْراً». قال الشيخ: «كأنه لم يَطَّلعْ على أنَّ صَرْفَ ما لا ينصرفُ لغةٌ».
قوله: ﴿فَأُدْخِلُواْ﴾ يجوز أَنْ يكونَ من التعبيرِ عن المستقبلِ بالماضي، لتحقُّقِ وقوعِه، نحو: ﴿أتى أَمْرُ الله﴾ [النحل: ١] وأَنْ يكونَ على بابِه، والمرادُ عَرْضُهم على النار في قبورِهم، كقولِه في آلِ فرعونَ: ﴿النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً﴾ [غافر: ٤٦].
وقال مكي: «وأصلُه دَيْوار، ثم أَدْغَموا الواوَ في الياءِ مثلَ» مَيِّت «أصلُه مَيْوِت، ثم أَدْغموا الثاني في الأولِ. ويجوز أَنْ يكونَ أَبْدلوا من الواوِ ياءً، ثم أدغموا الياءَ الأولى في الثانية». قلت: قولُه: «أدغموا الثاني في الأول» هذا لا يجوزُ؛ إذ القاعدةُ المستقرةُ في المتقارَبَيْنِ قَلْبُ
سورة نوح
سورة (نوح) من السُّوَر المكية، وقد جاءت على ذكرِ قصة (نوح) مع قومه، وما عاناه في طريق الدعوة إلى الله من عنادهم وتكبُّرهم، مع بيانِ موقف الكافرين ومآلهم، وفي ذلك تسليةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم، وتحذيرٌ للكافرين أن يُنزِلَ الله بهم ما أنزله بقوم (نوح) عليه السلام، كما ثبَّتتِ السورةُ كلَّ من هو على طريق الدعوة إلى الله؛ ليكون (نوح) أسوةً له بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
ترتيبها المصحفي
71نوعها
مكيةألفاظها
227ترتيب نزولها
71العد المدني الأول
30العد المدني الأخير
30العد البصري
29العد الكوفي
28العد الشامي
29
* سورة (نوح):
سُمِّيت سورة (نوح) بهذا الاسم؛ لورود قصةِ نوح عليه السَّلام فيها.
1. نوح عليه السلام يدعو قومه (١-٢٠).
2. موقف الكافرين ومآلهم (٢١-٢٧).
3. الخاتمة (٢٨).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /367).
يقول ابن عاشور رحمه الله: «أعظمُ مقاصدِ السورة ضربُ المثَلِ للمشركين بقوم نوح، وهم أول المشركين الذين سُلِّط عليهم عقابٌ في الدنيا، وهو أعظم عقابٍ؛ أعني: الطوفان.
وفي ذلك تمثيلٌ لحال النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه بحالهم». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /186).