تفسير سورة طه

معاني القرآن

تفسير سورة سورة طه من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ

قال :﴿ طه ﴾ ( ١ ) منهم من يزعم أنها حرفان مثل { حَمّ ] ومنهم من يقول ﴿ طه ﴾ يعني : يا رجل في بعض لغات العرب.
وقال ﴿ إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى ﴾ ( ٣ ) بدلاَ من قوله ﴿ لِتَشْقَى ﴾ ( ٢ ) فجعله " ما أنْزَلْنا القُرآنَ عَلَيْكَ إِلاَّ تَذْكِرَةً ".
وقال ﴿ تَنزِيلاً ﴾ ( ٤ ) أي : أَنْزَلَ اللهُ ذلِكَ تنزيلا.
وقال ﴿ الرَّحْمَانُ ﴾ ( ٥ ) أي : هُوَ الرَّحْمن. وقال بعضهم ﴿ الرَّحْمَانِ ﴾ أي : تنزيلا من الرحمن.
وقال ﴿ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ ( ٥ ) يقول " عَلاَ " ومعنى " عَلاَ " : قَدَر. ولم يزل قادرا ولكن أخبر بقدرته.
وقال ﴿ مَآرِبُ أُخْرَى ﴾ ( ١٨ ) وواحدتها : " مَأْرُبَةٌ ".
وقال ﴿ آيَةً أُخْرَى ﴾ ( ٢٢ ) أي : أَخْرَج آيةً أُخْرى وجعله بدلا من قوله ﴿ بَيْضَاءَ ﴾ ( ٢٢ ).
وقال ﴿ وَلاَ تَنِيَا ﴾ ( ٤٢ ) وهي من " وَنَى " و " يَنِي " وَنْياً " و " وُنِيّاً ".
وقال ﴿ لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ ﴾ ( ٤٤ ) نحو قول الرجل لصاحبه : " افِْرَعْ لَعَلَّنَا نَتَغَدّى " والمعنى : " لِنَتَغَدّى " و " حتّى نَتَغَدّىَ ". وتقول للرجل : " اِعْمَلْ عَمَلَكَ لَعَلَّكَ تَأْخُذُ أَجْرَكَ " أي : لِتَأْخُذَه.
وقال ﴿ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى ﴾ ( ٥٣ ) يريد : " أَزْواجاً شَتَّى من نَبَاتٍ " أوْ يكونُ النباتُ هو شتى. كلُّ ذلك مستقيم.
وقال ﴿ إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ ﴾ ( ٦٣ ) خفيفة في معنى ثقيلة. وهي لغة لقوم يرفعون ويدخلون اللام ليفرقوا بينها وبين التي تكون في معنى " ما " ونقرؤها ثقيلة وهي لغة لبني الحارث بن كعب.
[ ١٥١ ء ] وقال ﴿ الْمُثْلَى ﴾ ( ٦٣ ) تأنيث " الأَمْثَل " مِثْل : " القُصْوَى " و " ألأَقْصَى ".
وقال ﴿ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ ( ٦٩ ) وفي حرف ابن مسعود ﴿ أيْنَ أَتَى ﴾ وتقول العرب : " جِئْتُكَ من أيْنَ لا تَعْلَم " و " مِنْ حَيْثُ لا تَعْلَم ".
وقال ﴿ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ﴾ ( ٧٢ ) يقول : " لَنْ نُؤْثِرَكَ على الَّذِي فَطَرَنا ".
وقال ﴿ لاَّ تَخَافُ دَرَكاً ﴾ ( ٧٧ ) [ ١٥١ ب ] أي ﴿ اِضْرِبْ لَهُمْ طَريقا ﴾ ﴿ لاَّ تَخَافُ ﴾ فيه ﴿ دَرَكاً ﴾ وحذف " فيه " كما تقول : " زيدٌ أَكْرَمْتُ " تريد : " أَكْرَمْتُهُ " وكما قال ﴿ وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً ﴾ أيْ لا تجزى فيه.
وقال ﴿ فَيَحِلَّ ﴾ ( ٨١ ) وفسره على " يَجِب " وقال بعضهم ﴿ يَحُلَّ ﴾ على " النُزُول " فضم. وقال ﴿ يَصِدُّونَ ﴾ على " يَضِجُّونَ " ولا أراها إلا لغة مثل " يَعْكِفُ " " ويَعْكُف " في معنى " يَصدّ ".
وقال ﴿ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ ﴾ ( ١١١ ) يقول : " عَنَتْ " " تَعْنُو " " عُنُوّاً ".
وقال ﴿ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً ﴾ ( ١٢٩ ) يريد : ولولا ﴿ أَجَلٌ مُّسَمًّى ﴾ ( ١٢٩ ) لَكانَ لِزاما.
وقال ﴿ لِلتَّقْوَى ﴾ ( ١٣٢ ) لأَِهْلِ التقوى وفي حرف ابن مسعود ﴿ وإِنْ العاقِبَةَ لِلتَّقْوى ﴾.
سورة طه
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (طه) من السُّوَر المكية التي افتُتِحت بتعظيمِ القرآن الكريم، وبيَّنتْ أن هذا الكتابَ هو كتابُ سعادة وهناءٍ، ولم يُنزِلْهُ اللهُ عز وجل للتعاسةِ والشَّقاء، كما اشتملت على تعظيمِ الله عز وجل؛ ببيانِ عُلُوِّه فوق خَلْقه: عُلُوِّ قهرٍ وغَلَبة، وعُلُوِّ استواءٍ على عرشه كما يليقُ بجلاله، كما تطرَّقتِ الآياتُ لقصة موسى عليه السلام، وفيها تكليمُ اللهِ موسى عليه السلام، ورعايتُه له، وذكَرتْ مشاهدَ من يومِ القيامة وأهواله.

ترتيبها المصحفي
20
نوعها
مكية
ألفاظها
1351
ترتيب نزولها
45
العد المدني الأول
134
العد المدني الأخير
134
العد البصري
132
العد الكوفي
135
العد الشامي
140

* سورة (طه):

سُمِّيتْ سورة (طه) بهذا الاسمِ؛ لافتتاحِها به.

 * سورة (طه) من العِتَاق الأُوَل التي تعلَّمها الصحابة :

عن عبد الرَّحمنِ بن يَزيدَ بن جابرٍ، قال: «سَمِعْتُ ابنَ مسعودٍ يقولُ في (بَنِي إسرائِيلَ)، و(الكَهْفِ)، و(مَرْيَمَ)، و(طه)، و(الأنبياءِ) : إنَّهُنَّ مِن العِتَاقِ الأُوَلِ، وهُنَّ مِن تِلادي». أخرجه البخاري (4994).

قال أبو عُبَيدٍ: «قولُه: «مِن تِلَادي» : يعني: مِن قديمِ ما أخَذْتُ مِن القرآنِ؛ وذلك أنَّ هذه السُّوَرَ نزَلتْ بمكَّةَ». "فضائل القرآن" للقاسم بن سلام (ص247).

* فيها اسمُ اللهِ الأعظَمُ:

فعن أبي أُمَامةَ الباهليِّ رضي الله عنه، قال: «اسمُ اللهِ الأعظَمُ الذي إذا دُعِيَ به أجابَ في ثلاثِ سُوَرٍ مِن القُرْآنِ: في (البقرةِ)، و(آلِ عِمْرانَ)، و(طه)». أخرجه الطبراني (٧٩٢٥).

وقد التمَسها بعضُ العلماء في هذه السُّوَرِ؛ فوجَدها في:

- (البقرةِ): {اْللَّهُ ‌لَآ ‌إِلَٰهَ ‌إِلَّا ‌هُوَ اْلْحَيُّ اْلْقَيُّومُۚ} [البقرة: 255].

- وفاتحةِ (آلِ عِمْرانَ): {اْللَّهُ ‌لَآ ‌إِلَٰهَ ‌إِلَّا ‌هُوَ اْلْحَيُّ اْلْقَيُّومُ} [آل عمران: 2].

- وفي (طه): {وَعَنَتِ اْلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ اْلْقَيُّومِۖ} [طه: 111].

ورَدتْ في سورة (طه) الموضوعات الآتية:

1. الافتتاحية (١-٨).

2. قصة موسى عليه السلام (٩-٩٨).

3. جزاء المُعرِضين عن القرآن (٩٩-١٠٤).

4. مَشاهِدُ يوم القيامة (١٠٥-١١٢).

5. مُحمَّد عليه السلام والقرآن (١١٣-١١٤).

6. آدَمُ وعداوة إبليس له ولذريته (١١٥-١٢٧).

7. إنذارٌ للمشركين، وإرشادٌ للنبي صلى الله عليه وسلم (١٢٨-١٣٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /490).

احتوت السورةُ على مقاصدَ عظيمةٍ؛ منها:

* التحدِّي بالقرآن؛ بذِكْرِ (الحروف المُقطَّعة) في مُفتتَحِها.

* والتنويه بأنه تنزيلٌ من الله لِهَدْيِ القابلين للهداية؛ فأكثرها في هذا الشأن.

* والتنويه بعظمةِ الله تعالى، وإثبات رسالة مُحمَّد صلى الله عليه وسلم؛ بأنها تُماثِل رسالةَ أعظَمِ رسولٍ قبله شاع ذِكْرُه في الناس؛ فضرب المَثَل لنزول القرآن على مُحمَّد صلى الله عليه وسلم بكلام اللهِ موسى عليه السلام.

* وتذكير الناس بعداوة الشيطان للإنسان بما تضمَّنتْهُ قصةُ خَلْقِ آدمَ.

* ورُتِّب على ذلك سُوءُ الجزاء في الآخرة لمن جعلوا مَقادتَهم بيد الشيطان، وإنذارُهم بسُوءِ العقاب في الدنيا.

* وتسلية النبيِّ صلى الله عليه وسلم على ما يقولونه، وتثبيته على الدِّين.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (16 /182).