تفسير سورة طه

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة طه من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿الحُسْنَى﴾ مُؤَنَّثُ الأحسنِ المُفَضَّل عَلَى الحَسَنِ.
﴿بِقَبَسٍ﴾ بنارٍ مُقْتَبَسَةٍ في رأسِ فتيلةٍ أو عُودٍ.
﴿طُوًى﴾ اسم لِلْوَادِي.
﴿فَتَرْدَى﴾ فَتَهْلِكُ.
﴿وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي﴾ أضربُ بها الشجرَ لِيَتَسَاقَطَ الورقُ عَلَى غنمي فتأكلُ منه، ويحتمل أن يكون المرادُ: أَسُوقُ بها غَنَمِي.
﴿وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ﴾ أَصْلُ الجناحِ للطائرِ ثم أُطْلِقَ عَلَى اليدِ والعَضُدِ والجَنْبِ وهو المرادُ هنا، وقيل: أَصْلُ الجناحِ من الجُنُوحِ وهو الميلُ؛ لأن الطائرَ يَمِيلُ به في طَيَرَانِه، وَعَضُدُ الإنسانِ جناحُه؛ لأن مِنْ جهتِه يُمِيلُ اليدَ حيث شاء صاحبُها، فالمعنى: اجْعَلْ يَدَكَ إلى جَنْبِكَ تَحْتَ عَضُدِكَ، وَجَنَاحَا الإنسانِ: جَنْبَاهُ.
﴿عُقْدَةً﴾ حُبْسَةً كَغُرْفَةٍ، والعقدةُ: مَوْضِعُ رَبْطِ بعضِ الخيطِ أو الخيطِ ببعضٍ آخَرَ، وأُطْلِقَتْ عَلَى عُسْرِ النطقِ بالكلامِ، أو ببعضِ الحروفِ، ويقال: حُبْسَةٌ، فَشَبَّهَ مُوسَى حُبْسَةَ لِسَانِهِ بالعُقْدَةِ في الحَبْلِ ونَحْوِهِ.
﴿يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ أي: يَفْهَمُوا قولي، وهو فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجْزُومٌ؛ لأنه جوابُ الدعاءِ أي الطلب، وعلامةُ جَزْمِهِ حذفُ النونِ.
﴿أَزْرِي﴾ ظَهْرِي.
﴿مَنَنَّا﴾ أَنْعَمْنَا.
﴿التَّابُوتِ﴾ الصُّنْدُوقِ.
﴿وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا﴾ أي: اخْتَبَرْنَاكَ اخْتِبَارًا، اخْتَبَرَهُ بالخوفِ والهربِ، واختبره بالغربةِ ومفارقةِ الأهلِ والوطنِ، وَامْتَحَنَهُ بالخدمةِ وَرَعْيِ الغَنَمِ، قال «ابن عباس»: الفُتُونُ: وُقُوعُهُ في محنةٍ بعد محنةٍ، وقد خَلَّصَهُ اللهُ منها.
﴿وَلَا تَنِيَا﴾ أي: لا تَفْتُرَا ولا تُقَصِّرَا.
﴿أَنْ يَفْرُطَ﴾ أي: أَنْ يَعْجَلَ علينا بالقتلِ والعقوبةِ، وَالْفَارِطُ: الَّذِي يَتَقَدَّمُ القومَ إلى الماءِ.
﴿أُولِي النُّهَى﴾ أي: أصحابُ العقولِ؛ لأن النُّهْيَةَ العقلُ، وَسُمِّيَ نُهْيَةً لأنه يَنْهَى صَاحِبَهُ عن القبائحِ.
﴿مَكَانًا سُوًى﴾ مَكَانًا عَدْلًا وَسَطًا تَسْتَوِي مَسَافَةُ الفَرِيقَيْنِ إِلَيْهِ.
﴿يَوْمُ الزِّينَةِ﴾ أي: يومُ عِيدٍ لَهُمْ، كانوا يَتَزَيَّنُونَ فيه وَيَقْعُدُونَ عن العملِ.
﴿فَيُسْحِتَكُمْ﴾ أي: يَسْتَأْصِلُكُمْ وَيُهْلِكُكُمْ بعذابٍ شديدٍ.
﴿المُثْلَى﴾ مُؤَنَّثُ الأَمْثَلِ وهو الأَشْرَفُ.
﴿نُّؤْثِرَكَ﴾ نُفَضِّلَكَ وَنَخْتَارَكَ.
﴿دَرَكًا﴾ أي: لَا تَخَافُ إِدْرَاكَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ.
﴿هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي﴾ آتُونَ بَعْدِي وَلَيْسُوا بِبَعِيدِينَ.
﴿خُوَارٌ﴾ صَوْتُ البَقَرِ.
﴿تَرْقُبْ﴾ أي: لم تَحْفَظْ قَوْلِي لَكَ: ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ﴾، والرقيبُ: الحافظُ.
﴿مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ﴾ مِنْ أَثَرِ حَافِرِ فَرَسِ الرَّسُولِ جِبْرِيلَ.
﴿لَا مِسَاسَ﴾ لا يَمَسَّنِي أَحَدٌ، فَعُقُوبَتُكَ أنه لا يَقْتَرِبُ مِنْكَ أَحَدٌ.
﴿يَتَخَافَتُونَ﴾ أَصْلُ الخَفْتِ في اللُّغَةِ: السُّكُونُ، ثم قِيلَ لمن خَفَضَ صَوْتَهُ: خَفَتَهُ، والمعنى يقول بعضهم لبعض في المَحْشَرِ سِرًّا.
﴿أَمْثَلُهُمْ﴾ أَعْدَلُهُمْ.
﴿صَفْصَفًا﴾ أي: أَرْضًا مَلْسَاءَ مُسْتَوِيَةً لا نباتَ فيها، والقاعُ: الأرضُ الملساءُ بلا نباتٍ ولا بناءٍ، والصفصفُ: المُسْتَوِي من الأرض، كأنه عَلَى صَفٍّ وَاحِدٍ في اسْتِوَائِهِ.
﴿لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾ أي: لا تَرَى انْخِفَاضًا ولا ارْتِفَاعًا، أي: سُوِّيَتْ فلا عُلُوَّ فيها ولا انْخِفَاضَ، وَأَصْلُ العِوَجِ المَيْلُ، وَيُسْتَعْمَلُ في المَعَانِي بِكَسْرِ العَيْنِ، وفي الأعيان بِفَتْحِهَا، ولما سُوِّيَتِ الأرضُ استواءً لا يُوجَدُ فيها أيُّ اعوجاجٍ جَرَتْ مَجْرَى المَعَانِي، وَالأَمْتُ في اللغة: المَكَانُ المُرْتَفِعُ.
﴿هَمْسًا﴾ أي: صَوْتًا خَفِيًّا بتحريكِ الشفاهِ، أو بتحريكِ الأقدامِ، وَأَصْلُ الهَمْسِ: الخَفَاءِ.
﴿وَلَا هَضْمًا﴾ أي: بِنَقْصٍ من حَسَنَاتِهِ، وَأَصْلُ الهَضْمِ: النَّقْصُ وَالْكَسْرُ.
﴿يَخْصِفَانِ﴾ يُلْصِقَانِ الورقَ بعضَه عَلَى بعضٍ، ومنه: خَصَفْتُ نَعْلِي، إذا أطبقتَ عليها رُقْعَةً، وَأَطْبَقْتَ طَاقًا عَلَى طَاقٍ.
﴿ضَنْكًا﴾ أي: عَيْشًا ضَيِّقًا نَكِدًا، وَالضَّنْكُ: الضِّيقُ.
﴿زَهْرَةَ الحَيَاةِ الدُّنيَا﴾ بَهْجَتَهَا وَبُهْرُجَهَا؛ شَبَّهَ الدنيا بجمالِ الزَّهْرَةِ الَّذِي يبدو بَهِيجًا، ثم لا يَلْبَثُ أن يَذْبُلَ وَيَضْمَحِلَّ.
131
سُورة الأَنْبِيَاءِ
سورة طه
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (طه) من السُّوَر المكية التي افتُتِحت بتعظيمِ القرآن الكريم، وبيَّنتْ أن هذا الكتابَ هو كتابُ سعادة وهناءٍ، ولم يُنزِلْهُ اللهُ عز وجل للتعاسةِ والشَّقاء، كما اشتملت على تعظيمِ الله عز وجل؛ ببيانِ عُلُوِّه فوق خَلْقه: عُلُوِّ قهرٍ وغَلَبة، وعُلُوِّ استواءٍ على عرشه كما يليقُ بجلاله، كما تطرَّقتِ الآياتُ لقصة موسى عليه السلام، وفيها تكليمُ اللهِ موسى عليه السلام، ورعايتُه له، وذكَرتْ مشاهدَ من يومِ القيامة وأهواله.

ترتيبها المصحفي
20
نوعها
مكية
ألفاظها
1351
ترتيب نزولها
45
العد المدني الأول
134
العد المدني الأخير
134
العد البصري
132
العد الكوفي
135
العد الشامي
140

* سورة (طه):

سُمِّيتْ سورة (طه) بهذا الاسمِ؛ لافتتاحِها به.

 * سورة (طه) من العِتَاق الأُوَل التي تعلَّمها الصحابة :

عن عبد الرَّحمنِ بن يَزيدَ بن جابرٍ، قال: «سَمِعْتُ ابنَ مسعودٍ يقولُ في (بَنِي إسرائِيلَ)، و(الكَهْفِ)، و(مَرْيَمَ)، و(طه)، و(الأنبياءِ) : إنَّهُنَّ مِن العِتَاقِ الأُوَلِ، وهُنَّ مِن تِلادي». أخرجه البخاري (4994).

قال أبو عُبَيدٍ: «قولُه: «مِن تِلَادي» : يعني: مِن قديمِ ما أخَذْتُ مِن القرآنِ؛ وذلك أنَّ هذه السُّوَرَ نزَلتْ بمكَّةَ». "فضائل القرآن" للقاسم بن سلام (ص247).

* فيها اسمُ اللهِ الأعظَمُ:

فعن أبي أُمَامةَ الباهليِّ رضي الله عنه، قال: «اسمُ اللهِ الأعظَمُ الذي إذا دُعِيَ به أجابَ في ثلاثِ سُوَرٍ مِن القُرْآنِ: في (البقرةِ)، و(آلِ عِمْرانَ)، و(طه)». أخرجه الطبراني (٧٩٢٥).

وقد التمَسها بعضُ العلماء في هذه السُّوَرِ؛ فوجَدها في:

- (البقرةِ): {اْللَّهُ ‌لَآ ‌إِلَٰهَ ‌إِلَّا ‌هُوَ اْلْحَيُّ اْلْقَيُّومُۚ} [البقرة: 255].

- وفاتحةِ (آلِ عِمْرانَ): {اْللَّهُ ‌لَآ ‌إِلَٰهَ ‌إِلَّا ‌هُوَ اْلْحَيُّ اْلْقَيُّومُ} [آل عمران: 2].

- وفي (طه): {وَعَنَتِ اْلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ اْلْقَيُّومِۖ} [طه: 111].

ورَدتْ في سورة (طه) الموضوعات الآتية:

1. الافتتاحية (١-٨).

2. قصة موسى عليه السلام (٩-٩٨).

3. جزاء المُعرِضين عن القرآن (٩٩-١٠٤).

4. مَشاهِدُ يوم القيامة (١٠٥-١١٢).

5. مُحمَّد عليه السلام والقرآن (١١٣-١١٤).

6. آدَمُ وعداوة إبليس له ولذريته (١١٥-١٢٧).

7. إنذارٌ للمشركين، وإرشادٌ للنبي صلى الله عليه وسلم (١٢٨-١٣٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /490).

احتوت السورةُ على مقاصدَ عظيمةٍ؛ منها:

* التحدِّي بالقرآن؛ بذِكْرِ (الحروف المُقطَّعة) في مُفتتَحِها.

* والتنويه بأنه تنزيلٌ من الله لِهَدْيِ القابلين للهداية؛ فأكثرها في هذا الشأن.

* والتنويه بعظمةِ الله تعالى، وإثبات رسالة مُحمَّد صلى الله عليه وسلم؛ بأنها تُماثِل رسالةَ أعظَمِ رسولٍ قبله شاع ذِكْرُه في الناس؛ فضرب المَثَل لنزول القرآن على مُحمَّد صلى الله عليه وسلم بكلام اللهِ موسى عليه السلام.

* وتذكير الناس بعداوة الشيطان للإنسان بما تضمَّنتْهُ قصةُ خَلْقِ آدمَ.

* ورُتِّب على ذلك سُوءُ الجزاء في الآخرة لمن جعلوا مَقادتَهم بيد الشيطان، وإنذارُهم بسُوءِ العقاب في الدنيا.

* وتسلية النبيِّ صلى الله عليه وسلم على ما يقولونه، وتثبيته على الدِّين.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (16 /182).