تفسير سورة النجم

أسباب نزول القرآن - الواحدي

تفسير سورة سورة النجم من كتاب أسباب نزول القرآن - الواحدي
لمؤلفه .

قوله تعالى: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ...﴾ الآية. [٣٢].
أخبرنا أبو بكر بن الحارث، قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، قال: حدَّثنا أحمد بن سعد، قال: حدَّثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن لَهيعَة، عن الحارث بن يزيد، عن ثابت بن الحارث الأنصاري، قال:
كانت اليهود تقول إذا هلك لهم صبي صغير: هو صدِّيق. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كذبت يهود، ما من نسمة يخلقها الله تعالى في بطن أمه إلا أنه شقي أو سعيد، وأنزل الله تعالى عند ذلك هذه الآية: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ إلى آخرها.
قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ * وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ...﴾ الآيات. [٣٣-٣٤].
قال ابن عباس والسدي والكلبي والمُسَيَّب بن شَرِيك: نزلت في عثمان بن عفان، كان يتصدق وينفق في الخير، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن أبي سَرْح: ما هذا الذي تصنع؟ يُوشِك أن لا يبقى لك شيء. فقال عثمان: إن لي ذنوباً وخطايا، وإني أَطلب بما أصنع رضا الله سبحانه وتعالى [عليّ] وأرجو عفوه. فقال له عبد الله: أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها، فأعطاه وأشهد عليه، وأمسك عن بعض ما كان يصنع من الصدقة، فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ * وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ﴾ فعاد عثمان إلى أحسن ذلك وأجمله.
وقال مجاهد وابن زيد: نزلت في الوليد بن المُغِيرة، وكان قد ابتع رسول الله صلى الله عليه وسلم على دينه، فعَيَّرَه بعضُ المشركين وقال [له]: لم تركت دين الأشياخ وضللتهم وزعمت أنهم في النار؟ قال: إني خشيت عذاب الله. فضمن له - إن هو أعطاه شيئاً من ماله ورجع إلى شركه - أن يتحمل عنه عذاب الله سبحانه وتعالى، فأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له ثم بخل ومنعه، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾. [٤٣].
أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الواعظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله [الحسين بن محمد الثقفي، حدَّثنا عبد الله بن] الفضل، قال: حدَّثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، قال: حدَّثنا دَلاَل بنت أبي المدل، قالت: حدَّثتنا الصَّهْباء، عن عائشة قالت:
مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم يضحكون فقال: لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً، فنزل عليه جبريل عليه السلام فقال: إن الله تعالى يقول: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ فرجع إليهم فقال: ما خَطوت أربعين خطوة حتى تلقاني جبريل عليه السلام فقال: ائت هؤلاء وقل لهم: إن الله عز وجل يقول: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾.
سورة النجم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّجْم) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الإخلاص)، وقد أشارت إلى صدقِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في تبليغه الرسالةَ، ونفيِ الهوى عنه، وأن كلَّ ما جاء به هو وحيٌ من عند الله، عن طريق جبريلَ عليه السلام؛ فحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يفتريَ على الله الكذبَ، كما جاءت السورةُ الكريمة بإثبات بطلان الآلهة التي يَدْعُونها من دُونِ الله؛ فهو وحده المستحِقُّ للعبادة.

ترتيبها المصحفي
53
نوعها
مكية
ألفاظها
361
ترتيب نزولها
23
العد المدني الأول
61
العد المدني الأخير
61
العد البصري
61
العد الكوفي
62
العد الشامي
61

*  سورة (النَّجْم):

سُمِّيت سورة (النَّجْم) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَم الله عز وجل بالنَّجْم.

* سورة (النَّجْم) هي أولُ سورةٍ أُنزلت فيها سجدةٌ:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «أولُ سورةٍ أُنزِلتْ فيها سَجْدةٌ: {وَاْلنَّجْمِ}، قال: فسجَدَ رسولُ اللهِ ﷺ، وسجَدَ مَن خَلْفَه، إلا رجُلًا رأَيْتُه أخَذَ كفًّا مِن ترابٍ فسجَدَ عليه، فرأَيْتُه بعدَ ذلك قُتِلَ كافرًا؛ وهو أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ». أخرجه البخاري (٤٨٦٣).

1. إثبات الوحيِ، وتزكيةُ مَن أُنزِلَ عليه (١-١٨).

2. الظنُّ لا يغني من الحق شيئًا (١٩-٣٢).

3. ذمُّ المشركين، وبيانُ وَحْدة رسالة التوحيد (٣٣- ٦٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /490).

مقصدُ السورة الأعظم هو إثبات صدقِ النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، ونفيِ الهوى عنه، فلا يَتكلَّم إلا بما علَّمه اللهُ إياه عن طريق الوحيِ؛ فهو الصادقُ المصدوق المبعوث من عند القويِّ المتعال، وفي ذلك يقول ابنُ عاشور رحمه الله مشيرًا إلى مقصودها: «تحقيقُ أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادقٌ فيما يبلغه عن الله تعالى، وأنه مُنزَّه عما ادَّعَوْهُ.

وإثباتُ أن القرآن وحيٌ من عند الله بواسطة جبريل.

وتقريبُ صفة نزول جبريل بالوحيِ في حالينِ؛ زيادةً في تقرير أنه وحيٌ من الله واقع لا محالةَ.

وإبطالُ إلهيَّة أصنام المشركين.

وإبطال قولهم في اللاتِ والعُزَّى ومَناةَ: بناتُ الله، وأنها أوهام لا حقائقَ لها، وتنظيرُ قولهم فيها بقولهم في الملائكة: إنهم إناثٌ». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /88).

وينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /35).