تفسير سورة النجم

غريب القرآن لابن قتيبة

تفسير سورة سورة النجم من كتاب غريب القرآن المعروف بـغريب القرآن لابن قتيبة.
لمؤلفه ابن قتيبة الدِّينَوري . المتوفي سنة 276 هـ

سورة النجم
مكية كلها
١- وَالنَّجْمِ إِذا هَوى. يقال: «كان القرآن ينزل نجوما، فأقسم الله بالنجم منه إذا نزل».
وقال مجاهد: «أقسم بالثّريّا إذا غابت» والعرب تسمى الثّريا- وهي ستة أنجم ظاهرة- نجما.
[و] قال أبو عبيدة: «أقسم بالنجم إذا سقط في الغور». وكأنه لم يخصّص الثّريّا دون غيرها.
٥- عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى: جبريل عليه السلام. وأصله من «قوي الحبل»، وهي طاقاته. الواحدة: قوة.
٦- و ٧- ذُو مِرَّةٍ، أي ذو قوة. وأصل «المرّة» : الفتل.
ومنه
الحديث «١» :«لا تحلّ الصدقة لغنى، ولا لذي مرة سوى».
وقوله: فَاسْتَوى [وَهُوَ]، أي استوى هو وجبريل- صلوات الله عليهما بِالْأُفُقِ الْأَعْلى.
(١) وهو قول مجاهد.
٨- و ٩- ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى، فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «١» أي قدر قوسين عربيتين.
وقال قوم: «القوس: الذراع، أي كان ما بينهما قدر ذراعين».
والتفسير الأول اعجب إليّ،
لقول النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم: «لقاب قوس أحدكم من الجنة، او موضع قدّه- خير له من الدنيا وما فيها».
و «القدّ» : السوط.
١٠- فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى
عن الله عز وجل.
١١- ما رَأى يقول بعض المفسرين. «إنه أراد: رؤية بصر القلب».
١٢- أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى: أفتجادلونه. من «المراء».
ومن قرأ: أفتمرونه، أراد: أفتجحدونه.
١٦- إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى: من امر الله تعالى.
١٧- ما زاغَ الْبَصَرُ أي ما عدل، وَما طَغى: ما زاد، ولا جاوز.
١٩- ٢٠-
٢١- أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى «٢»، وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى؟ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى؟! كانوا يجعلونها بنات الله، فقال: ألكم الذكور من الولد، وله الإناث؟!
(١) أخرج البخاري قال: حدثنا عبد الواحد، حدثنا الشيباني قال: سمعت زر عن عبد الله: فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى قال: حدثنا ابن مسعود أنه رأى جبريل له سبعمائة جناح.
(٢) أخرج البخاري قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا أبو الأشهب حدثنا أبو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: اللات والعزى، كان اللات رجلا يلت سويق الحاج.
٢٢- تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى أي جائرة «١». يقال: ضزت في الحكم، أي جرت.
و «وضيزي» : فعلى، فكسرت الضاد للياء. وليس في النعوت «فعلى».
٢٣- ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ أي حجة.
٣٢- اللَّمَمَ: صغار الذنوب «٢». وهو من «ألمّ بالشيء» : إذا لم يتعمق فيه، ولم يلزمه. ويقال: «الّلمم: ان يلمّ [الرجل] بالذنب، ولا يعود».
٣٤- وَأَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى أي قطع. وهو من «كدية الرّكيّة».
وهي: الصلاة فيها، وإذا بلغها الحافر يئس من حفرها، فقطع الحفر. فقيل لكل من طلب شيئا فلم يبلغ آخره، او أعطى ولم يتمّم-: أكدي.
٣٥- أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى أي يعرف ما غاب عنه: من امر الآخرة وغيرها؟!
٣٧- وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى أي بلّغ.
٣٩- وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى أي ما عمل لآخرته.
٤٠- و ٤١- وَأَنَّ سَعْيَهُ: عمله سَوْفَ يُرى أي يعلم، ثُمَّ يُجْزاهُ: يجزى به.
٤٦- مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى أي تقدر وتخلق. يقال: ما تدري ما يمني لك الماني، أي ما يقدّر لك الله.
٤٧- وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى أي الخلق الثاني للبعث يوم القيامة.
(١) قاله الطبري.
(٢) قاله الطبري.
٤٨- وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى [أي اعطى ما يقتني] : من القنية والنّشب. يقال: أقنيت كذا، [وأقنانية الله].
٤٩- وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى: الكوكب [المضيء الذي يطلع] بعد الجوزاء. وكان ناس في الجاهلية يعبدونها.
٥٣- وَالْمُؤْتَفِكَةَ: مدينة قوم لوط، لأنها ائتفكت [بهم]، أي انقلبت. أَهْوى: أسقط. يقال: هوى، إذا سقط. وأهواه الله، أي أسقطه.
٥٤- فَغَشَّاها: من العذاب والحجارة، ما غَشَّى.
٥٦- هذا نَذِيرٌ يعني: محمدا صلّى الله عليه وسلّم، مِنَ النُّذُرِ الْأُولى يعني من الأنبياء المتقدمين.
٥٧- أَزِفَتِ الْآزِفَةُ أي قربت القيامة.
٥٨- لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ: ليس لعلمها كاشف ومبين دون الله ومثله: لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ [سورة الأعراف آية: ١٨٧].
وتأنيث «كاشفة» كما قال: فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ [سورة الحاقة آية ٨] أي بقاء. و [كما قيل] : العاقبة، وليست له ناهية.
٦١- وَأَنْتُمْ سامِدُونَ: لأهون «١»، ببعض اللغات. يقال للجارية: اسمدي لنا، أي غني لنا.
(١) قاله الطبري.
سورة النجم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّجْم) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الإخلاص)، وقد أشارت إلى صدقِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في تبليغه الرسالةَ، ونفيِ الهوى عنه، وأن كلَّ ما جاء به هو وحيٌ من عند الله، عن طريق جبريلَ عليه السلام؛ فحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يفتريَ على الله الكذبَ، كما جاءت السورةُ الكريمة بإثبات بطلان الآلهة التي يَدْعُونها من دُونِ الله؛ فهو وحده المستحِقُّ للعبادة.

ترتيبها المصحفي
53
نوعها
مكية
ألفاظها
361
ترتيب نزولها
23
العد المدني الأول
61
العد المدني الأخير
61
العد البصري
61
العد الكوفي
62
العد الشامي
61

*  سورة (النَّجْم):

سُمِّيت سورة (النَّجْم) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَم الله عز وجل بالنَّجْم.

* سورة (النَّجْم) هي أولُ سورةٍ أُنزلت فيها سجدةٌ:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «أولُ سورةٍ أُنزِلتْ فيها سَجْدةٌ: {وَاْلنَّجْمِ}، قال: فسجَدَ رسولُ اللهِ ﷺ، وسجَدَ مَن خَلْفَه، إلا رجُلًا رأَيْتُه أخَذَ كفًّا مِن ترابٍ فسجَدَ عليه، فرأَيْتُه بعدَ ذلك قُتِلَ كافرًا؛ وهو أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ». أخرجه البخاري (٤٨٦٣).

1. إثبات الوحيِ، وتزكيةُ مَن أُنزِلَ عليه (١-١٨).

2. الظنُّ لا يغني من الحق شيئًا (١٩-٣٢).

3. ذمُّ المشركين، وبيانُ وَحْدة رسالة التوحيد (٣٣- ٦٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /490).

مقصدُ السورة الأعظم هو إثبات صدقِ النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، ونفيِ الهوى عنه، فلا يَتكلَّم إلا بما علَّمه اللهُ إياه عن طريق الوحيِ؛ فهو الصادقُ المصدوق المبعوث من عند القويِّ المتعال، وفي ذلك يقول ابنُ عاشور رحمه الله مشيرًا إلى مقصودها: «تحقيقُ أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادقٌ فيما يبلغه عن الله تعالى، وأنه مُنزَّه عما ادَّعَوْهُ.

وإثباتُ أن القرآن وحيٌ من عند الله بواسطة جبريل.

وتقريبُ صفة نزول جبريل بالوحيِ في حالينِ؛ زيادةً في تقرير أنه وحيٌ من الله واقع لا محالةَ.

وإبطالُ إلهيَّة أصنام المشركين.

وإبطال قولهم في اللاتِ والعُزَّى ومَناةَ: بناتُ الله، وأنها أوهام لا حقائقَ لها، وتنظيرُ قولهم فيها بقولهم في الملائكة: إنهم إناثٌ». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /88).

وينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /35).