تفسير سورة المزّمّل

تفسير الإمام مالك

تفسير سورة سورة المزمل من كتاب تفسير الإمام مالك
لمؤلفه مالك بن أنس . المتوفي سنة 179 هـ

الآية الأولى : قوله تعالى :﴿ ورتل القرآن ترتيلا ﴾ [ المزمل : ٤ ].
٩١٨- ابن رشد : سئل مالك عن الهد١ في القرآن فقال : من الناس من إذا هد كان أخف عليه وإذا رتل٢ أخطأ، ومن الناس من لا يحسن. يهد والناس في ذلك على حالهم فيما يخف عليهم، وذلك واسع قال تعالى :﴿ ورتل القرآن ترتيلا ﴾. ٣
١ - الهدّ: الصوت الغليظ. القاموس..
٢ - رتل: رتّل الكلام ترتيلا: أحسن تأليفه. القاموس..
٣ - البيان والتحصيل: ١٧/٤٩٨. وقال ابن دراج السبتي: كره مالك رضي الله عنه القراءة بالتلحين في سماع ابن القاسم. وقال القاضي أبو الوليد بن رشد رضي الله عنه عن مالك في جامع المقدمات له، ولا تجوز قراءة القرآن بالألحان المطربة كالغناء الملهية لسماعها عن الخشوع والاعتبار بآيات القرآن والخشية لله وتجديد التوبة عند سماع مواعظه، فالواجب أن ينزه القرآن عن ذلك ولا يقرأ إلا على الوجه الذي يخشع القلب ويزيد في الإيمان ويشوق إلى ما عند الله عز وجل لقول الله تعالى: ﴿إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون﴾ [الأنفال: ٢] كتاب الإمتاع والانتفاع بمسألة سماع السماع ٢٨.
وقال أيضا: "والألحان يكره في الشعر فكيف في القرآن" ينظر: المقدمات: ٣/٤٦٣..

الآية الثانية : قوله تعالى :﴿ إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ﴾ [ المزمل : ٥ ].
٩١٩- القاضي عياض : قال مصعب : سئل مالك عن مسألة. فقال : لا أدري، فقال له السائل : إنها مسألة حقيقية سهلة وإنما أردت أن أعلم بها الأمير، وكان السائل ذا قدر فغضب مالك وقال : مسألة حقيقية سهلة ؟ ليس في العلم شيء خفيف أما سمعت قول الله تعالى :﴿ إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ﴾ فالعلم كله ثقيل، وبخاصة ما يسأل عنه يوم القيامة. ١
١ - ترتيب المدارك: ١/١٨٤-١٨٥، وينظر: الجواهر الحسان: ٤/٣٥٣. وانظر الموطأ باب ما جاء في القرآن..
الآية الثالثة : قوله تعالى :﴿ إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ﴾ [ المزمل : ٦ ].
٩٢٠- ابن رشد : سئل مالك عن تفسير :﴿ إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ﴾ قال : هي قيام الليل وهي بلسان الحبشة إذا قام الرجل قالوا : قد نشأ فلان. ١
قوله تعالى :﴿ إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ﴾ [ المزمل : ٦ ].
٩٢١- ابن العربي : قال مالك :﴿ وأقوم قيلا ﴾ هدوا من القلب وفراغا له. ٢
١ - البيان والتحصيل: ١٧/١٣١. وتعقب محمد بن رشد تفسير مالك قائلا: "قول مالك في ناشئة الليل قيام الليل مروي عن ابن عباس. روي عنه أنه قال: ناشئة الليل هي ما وراء العشاء إلى الفجر وأنه قال: الصلاة بعد العشاء ناشئة الليل وروي مثله عن قتادة وقال مجاهد: ساعة تسجد من الليل فهي ناشئة، وسكت مالك عن تفسير بقية الآية". ينظر: أحكام القرآن لابن العربي: ٤/١٨٧٧. وقد علق على قول مالك قائلا: "وهو الذي يعطيه اللفظ وتقتضيه اللغة". وينظر: الجامع: ١٩/٤٠..
٢ - أحكام القرآن لابن العربي: ٤/١٨٧٧..
سورة المزمل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُزمِّل) سورة مكية، نزلت بعد سورة (القلم)، وقد ابتدأت بملاطفةِ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفِه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتِه وتهيئته لحَمْلِ هذه الدعوةِ العظيمة؛ بأن يَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ التوكل عليه، لا سيما في قيامه الليل، وكما أرشدت النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى بَدْءِ الدعوة، فإنها جاءت بتهديدِ الكفار ووعيدهم.

ترتيبها المصحفي
73
نوعها
مكية
ألفاظها
200
ترتيب نزولها
3
العد المدني الأول
20
العد المدني الأخير
18
العد البصري
19
العد الكوفي
20
العد الشامي
20

* كان بين نزولِ أول (المُزمِّلِ) وآخرِها سنةٌ:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ أوَّلُ المُزمِّلِ، كانوا يقومون نحوًا مِن قيامِهم في شهرِ رمضانَ، حتى نزَلَ آخِرُها، وكان بَيْنَ أوَّلِها وآخِرِها سنةٌ». أخرجه أبو داود (١٣٠٥).

* (المُزمِّل):

سُمِّيت سورة (المُزمِّل) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بوصفِ النبي صلى الله عليه وسلم بـ(المُزمِّل)؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1].

1. إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الدعوة (١-١٠).

2. تهديد الكفار وتوعُّدُهم (١١-١٩).

3. تذكيرٌ وإرشاد بأنواع الهداية (٢٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /430).

مقصدُ السورة ملاطفةُ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتُه على حَمْلِ رسالة هذا الدِّين؛ بالالتزام بمحاسنِ الأعمال، ولا سيما الصلاة في جوف الليل؛ ليَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ الالتجاء إليه؛ ليُكمِل تبيلغَ هذه الرسالة الثقيلة العظيمة، التي يَخِفُّ حَمْلُها بحُسْنِ التوكل على الله.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /131)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /255).