تفسير سورة المزّمّل

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة المزمل من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ﴾ المُتَغَطِّي بِثِيَابِهِ: أي النبيُّ - ﷺ -.
﴿قُمِ اللَّيْلَ﴾ للصلاةِ والعبادةِ، وَحَدُّ الليلِ مِنْ غُرُوبِ الشمسِ إلى طلوعِ الفَجْرِ.
﴿قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ أي: قُرْآنًا «ثَقِيلًا» ثَقِيلًا العَمَلُ به لما يَحْوِي مِنَ التَّكَالِيفِ.
﴿نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ سَاعَةَ اللَّيْلِ، وَكُلُّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الليلِ نَاشِئَةٌ.
﴿أَشَدُّ وَطْئًا﴾ أي: أَثْقَلُ عَلَى المُصَلِّي مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ، وذلك لِأَنَّ الليلَ وَقْتُ مَنَامٍ، فَمَنْ شَغَلَهُ بالعبادةِ فَقَدْ تَحَمَّلَ المَشَقَّةَ العظيمةَ، وقيل: أَشَدُّ مُوَاطَأَةً للقلبِ عَلَى تَفَهُّمِ القُرْآنِ؛ لأن الليلَ أَجْمَعُ للخَوَاطِرِ وَأَفْرَغُ لِلْقَلْبِ.
﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ أَشَدُّ اسْتِقَامَةً وَأَثْبَتُ قِرَاءَةً، وَأَبْيَنُ تِلَاوَةً لحضُوُر ِالقَلْبِ في الليلِ لهدوءِ الأصواتِ وانقطاع الحَرَكَاتِ.
﴿سَبْحًا طَوِيلًا﴾ أي: دُمْ عَلَى ذِكْرِهِ في الليلِ والنهارِ بالتسبيحِ والتهليلِ والتحميدِ والتكبيرِ والصلاةِ وقراءةِ القُرْآنِ.
﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ أي: انْقَطِعْ بِعِبَادَتِكَ له، وَأَخْلِصْ له بها ولا تُشْرِكْ به غَيْرَهُ، والتَّبَتُّلُ: هُوَ الانقطاعُ إلى عبادةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
﴿هَجْرًا جَمِيلًا﴾ الهَجْرُ الجَمِيلُ: هُوَ الَّذِي لا يُصَاحِبُهُ أَذًى.
﴿ذَرْنِي وَالمُكَذِّبِينَ﴾ أي: دَعْنِي وإياهم ولا تَهْتَمَّ بهم؛ فإني أَكْفِيكَ أَمْرَهُمْ، وَأَنْتَقِمُ لَكَ مِنْهُمْ.
﴿أُولِي النَّعْمَةِ﴾ المُتْرَفِينَ أصحابِ النِّعَمِ وَالْغِنَى وَالتَّرَفِ.
﴿أَنكَالًا﴾ جَمْعُ نِكْلٍ وَهُوَ القيدُ الثقيلُ يُوضَعُ في الأَرْجُلِ فَيمْنَعُ من الحركةِ.
﴿ذَا غُصَّةٍ﴾ لا يَسُوغٌ في الحَلْقِ كَالزَّقُّومِ وَالضَّرِيعِ وَالْغِسْلِينِ.
﴿تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾ تَتَحَرَّكُ وَتَضْطَرِبُ بِمَنْ عَلَيْهَا، وَالرَّجْفَةُ: الزَّلْزَلَةُ الشَّدِيدَةُ.
﴿كَثِيبًا مَّهِيلًا﴾ رَمْلًا سَائِلًا يَتَحَرَّكُ أَسْفَلُهُ فَيَنْهَالُ أَعْلَاهُ.
﴿أَخْذًا وَبِيلًا﴾ أَيْ: شَدِيدًا بَلِيغًا.
﴿السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ﴾ مُنْشَقٌّ بِهِ، والسماءُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ.
﴿لَن تُحْصُوهُ﴾ تُطِيقُوا قِيَامَهُ، أو تَحْفَظُوا مَوَاقِيتَهُ، وَأَصْلُ الإِحْصَاءِ مَعْرِفَةُ عَدَدِ الشَّيْءِ؛ لأنهم كانوا إذا عَدُّوا شَيْئًا جَعَلُوا لكلِّ وَاحِدٍ حَصَاةً.
﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾ أَيْ: فَخَفَّفَ عَنْكُمْ وَأَمَرَكُمْ بما تَيَسَّرَ عليكم، سواءٌ زَادَ عَلَى المِقْدَارِ أو نَقَصَ.
﴿يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ يُسَافِرُونَ فيها للتِّجَارَةِ.
﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ المَفْرُوضَةَ.
﴿قَرْضًا حَسَنًا﴾ القَرْضُ الحَسَنُ: مَا كَانَ مِنَ المَالِ الحَلَالِ، وما كان خَالِصًا لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى.
20
سُورة الْمُدَّثِّر
سورة المزمل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُزمِّل) سورة مكية، نزلت بعد سورة (القلم)، وقد ابتدأت بملاطفةِ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفِه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتِه وتهيئته لحَمْلِ هذه الدعوةِ العظيمة؛ بأن يَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ التوكل عليه، لا سيما في قيامه الليل، وكما أرشدت النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى بَدْءِ الدعوة، فإنها جاءت بتهديدِ الكفار ووعيدهم.

ترتيبها المصحفي
73
نوعها
مكية
ألفاظها
200
ترتيب نزولها
3
العد المدني الأول
20
العد المدني الأخير
18
العد البصري
19
العد الكوفي
20
العد الشامي
20

* كان بين نزولِ أول (المُزمِّلِ) وآخرِها سنةٌ:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ أوَّلُ المُزمِّلِ، كانوا يقومون نحوًا مِن قيامِهم في شهرِ رمضانَ، حتى نزَلَ آخِرُها، وكان بَيْنَ أوَّلِها وآخِرِها سنةٌ». أخرجه أبو داود (١٣٠٥).

* (المُزمِّل):

سُمِّيت سورة (المُزمِّل) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بوصفِ النبي صلى الله عليه وسلم بـ(المُزمِّل)؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1].

1. إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الدعوة (١-١٠).

2. تهديد الكفار وتوعُّدُهم (١١-١٩).

3. تذكيرٌ وإرشاد بأنواع الهداية (٢٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /430).

مقصدُ السورة ملاطفةُ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتُه على حَمْلِ رسالة هذا الدِّين؛ بالالتزام بمحاسنِ الأعمال، ولا سيما الصلاة في جوف الليل؛ ليَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ الالتجاء إليه؛ ليُكمِل تبيلغَ هذه الرسالة الثقيلة العظيمة، التي يَخِفُّ حَمْلُها بحُسْنِ التوكل على الله.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /131)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /255).