تفسير سورة التين

التفسير الشامل

تفسير سورة سورة التين من كتاب التفسير الشامل
لمؤلفه أمير عبد العزيز . المتوفي سنة 2005 هـ
هذه السورة مكية وآياتها ثمان.

بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ والتين والزيتون ١ وطور سينين ٢ وهذا البلد الأمين ٣ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ٤ ثم رددناه أسفل سافلين ٥ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ٦ فما يكذّبك بعد بالدين ٧ أليس الله بأحكم الحاكمين ﴾.
يقسم الله بهذين الصنفين من الثمار وهما التين والزيتون. وعن ابن عباس ( رضي الله عنهما ) قال : هو تينكم هذا وزيتونكم هذا. وقيل : المراد بهما مسجد دمشق والمسجد الأقصى. والمعنى الأول أولى بالصواب، استنادا إلى ظاهر الكلام.
وقد خصّ الله التين والزيتون من بين الثمار بالقسم لحكمة يعلمها هو سبحانه. ولا ندري أكثر من كونهما نافعين مرغوبين. فإن كلاّ منهما طيب ونافع. فالتين غذاء لطيف ومشتهى وهو سريع الهضم وذو فوائد للجسم كثيرة منها قطع البواسير، وتطهير الكليتين، والمثانة من الأدران. وكذلك الزيتون فإنه يعتصر منه الزيت، هذا الغذاء الطيب النافع المبارك الذي يستشفى به من كثير من علل الجسم.
قوله :﴿ وطور سينين ﴾ أقسم الله بطور سينين وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام.
قوله :﴿ وهذا البلد الأمين ﴾ أي البلد الآمن، مكة. وهي البلد الذي يأمن فيه من دخله فلا يمسه أذى أو سوء.
قوله :﴿ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ﴾ والإنسان، هنا اسم جنس. وهذا المقسوم عليه. وهو أنا خلقنا الإنسان في أحسن هيئة وأكمل صورة، من انتصاب القامة، وتمام النطق والكلام، وتسوية الأعضاء وانسجامها، واتساق النوازع والغرائز والميول وغير ذلك من مركبات النفس والبدن.
قوله :﴿ ثم رددناه أسفل سافلين ﴾ أي جعلناه في أسفل الدركات من النار بسبب عصيانه أمر ربه واستنكافه عن دينه وشرعه.
قوله :﴿ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴾ استثنى الله من المتردين في النار والهاوين إلى أسفل الدركات فيها – الذين آمنوا بربهم وأطاعوه فيما أمر وانتهوا عما نهى عنه وزجر.
وقوله :﴿ فلهم أجر غير ممنون ﴾ أي جزاؤهم عند الله عظيم وهو لا ينقطع ولا يزول.
قوله :﴿ فما يكذبك بعد بالدين ﴾ فما سبب تكذيبك بيوم القيامة الذي بيناه لك من الأدلة والمعالم التي تكشف عن عظمة الله وبالغ قدرته.
قوله :﴿ أليس الله بأحكم الحاكمين ﴾ بلى، إن الله هو أحكم الحاكمين. فإنه لا يجور في حكمه، ولا يحيف في قضائه، ولا يظلم أحدا من خلقه. وفي الحديث " إذا قرأ أحدكم ﴿ والتين والزيتون ﴾ فأتى آخرها ﴿ أليس الله بأحكم الحاكمين ﴾ فليقل : بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين " ١.
١ تفسير النسفي جـ ٤ ص ٣٦٧ وتفسير البيضاوي ص ٨٠٤ وتفسير ابن كثير جـ ٤ ص ٥٢٩..
سورة التين
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التِّين) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (البُرُوج)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بأربعة أشياء: بـ(التِّين، والزَّيتون، وطورِ سِينينَ، والبَلَد الأمين)، وتمحورت حول حقيقةِ الفِطْرة القويمة التي فطَر اللهُ الناس عليها؛ من حُبِّ الخير، والإقبال على الخالق، وفي ذلك دعوةٌ إلى الاستجابة لأمر الله، والإيمانِ بوَحْدانيته، وموافقةِ الفِطْرة السليمة.

ترتيبها المصحفي
95
نوعها
مكية
ألفاظها
34
ترتيب نزولها
28
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
8
العد البصري
8
العد الكوفي
8
العد الشامي
8

* سورة (التِّين):

سُمِّيت سورة (التِّين) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(التِّين).

1. الأقسام الأربعة (١-٣) .

2. المُقسَم عليه (٤-٦).

3. قدرة الخالق (٧-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /242).

التنبيه على خَلْقِ اللهِ الإنسانَ في أحسَنِ خِلْقة، وبفِطْرة سليمة قويمة.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «احتوت هذه السورةُ على التنبيه بأن اللهَ خلَق الإنسان على الفِطْرة المستقيمة؛ ليَعلَموا أن الإسلامَ هو الفطرة؛ كما قال في الآية الأخرى: {فَأَقِمْ ‌وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطْرَتَ اْللَّهِ اْلَّتِي فَطَرَ اْلنَّاسَ عَلَيْهَاۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اْللَّهِۚ} [الروم: 30]، وأن ما يخالِفُ أصولَه بالأصالة أو بالتحريف فسادٌ وضلال، ومتَّبِعي ما يخالف الإسلامَ أهلُ ضلالة، والتعريض بالوعيد للمكذِّبين بالإسلام».

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /419).