تفسير سورة النصر

كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل

تفسير سورة سورة النصر من كتاب كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
لمؤلفه أبو بكر الحدادي اليمني .

﴿ إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾ ؛ قال ابنُ عبَّاس :((نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فِي الْحُدَيْبيَةِ))، ومعناهُ : إذا جاءَ نصرُ الله على الأعداءِ من قُريشٍ وغيرِهم، وجاءَ فتحُ مكَّة، ﴿ وَرَأَيْتَ ﴾ ؛ يا مُحَمَّدُ، ﴿ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ ﴾ ؛ الإسلامِ، ﴿ أَفْوَاجاً ﴾ ؛ جماعاتٍ جَماعاتٍ بعدَ أن كانوا في ابتداءِ الإسلام واحداً واحداً واثنين اثنينِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾ ؛ أي صَلِّ له مع شُكرِك إياهُ على إنعامه عليكَ، ﴿ وَاسْتَغْفِرْهُ ﴾ ؛ لذنبكَ وللمؤمنين والمؤمناتِ، ﴿ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ﴾ ؛ أي مُتجاوزاً على المستغفرِين. " فلمَّا نزَلت هذه السُّورة جعلَ رسولُ الله ﷺ يُكثِرُ التسبيحَ، وعاشَ رسولُ الله ﷺ بعدَ هذه السُّورة سنتينَ، وكان كثيراً ما يقولُ :" سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبحَمْدِكَ، أسْتَغْفِرُكَ وَأتُوبُ إلَيْكَ " فقِيلَ له في ذلكَ، فقالَ ﷺ :" قَدْ جُعِلَتْ لِي عَلاَمَةٌ فِي أُمَّتِي، إذا رَأيْتُهَا قُلْتُهَا " ".
وكان الحسنُ يقول :((اخْتُمُوا أعْمَالَكُمْ بخَيْرٍ، فَإنَّ النَّبيَّ ﷺ لَمَّا قَرُبَ أجَلُهُ أُمِرَ بكَثْرَةِ التَّسْبيحِ وَالاسْتِغْفَار)).
سورة النصر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّصْرِ) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (التوبة)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل رُبُعَ القرآن، وقد نزلت للإعلام بتمام الدِّين، وانتصارِ النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين، وانتشارِ الإسلام في أرجاء الجزيرة العربية، وانحسار  الشرك، والإخبارِ بدُنُوِّ أجَلِ النبي  صلى الله عليه وسلم - كما فَهِم ذلك ابن عباس رضي الله عنهما -، وأمرِه بتسبيح ربِّه وحمدِه عند الفتوحات، وفي كلِّ حين.


ترتيبها المصحفي
110
نوعها
مدنية
ألفاظها
19
ترتيب نزولها
114
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* سورة (النَّصْرِ):

سُمِّيت سورة (النَّصْرِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بذكرِ النصر؛ وهو: فتحُ مكَّةَ المكرَّمة.

* سورة: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}:

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لافتتاحها به، وقد وردت هذه التسميةُ في كلام السلف رضوان الله عليهم؛ ومن ذلك:

ما جاء عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: «ما صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم صلاةً بعد أن نزَلتْ عليه: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ} إلا يقولُ فيها: «سُبْحانَك ربَّنا وبحمدِك، اللهمَّ اغفِرْ لي»». أخرجه البخاري (4967).

* سورة (النَّصْر) تَعدِل رُبُعَ القرآن:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).

تمام الدِّين، وانتصارُ النبي عليه السلام (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /422).

الوعدُ بنصرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفتحِ مكة، ودخولِ الناس في هذا الدِّين أفواجًا، والإيماءُ إلى أنه حين يقع ذلك، فقد اقترب انتقالُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرَّفيقِ الأعلى.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /589).