تفسير سورة النصر

تيسير التفسير

تفسير سورة سورة النصر من كتاب تيسير التفسير
لمؤلفه إبراهيم القطان . المتوفي سنة 1404 هـ
سورة النصر مدنية، وآياتها ثلاث، نزلت بعد سورة التوبة، وهذه السورة الكريمة من آخر ما نزل من القرآن. قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : نزلت سورة النصر بمِنى في حجة الوداع. ثم نزلت ﴿ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ﴾، فعاش بعدها النبي صلى الله عليه وسلم ثمانين يوما.
قد فهم عدد من الصحابة الكرام أنها تنعى رسول الله، وأنه قرب أجله. روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان عمر يُدخلني مع أشياخ بدر، فإن بعضهم وجد في نفسه فقال : لِمَ تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله ؟
فقال عمر : إنه مَن علمتم. فدعاني ذات يوم فأدخلني معهم. فقال عمر : ما تقولون في قول الله تعالى :﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ﴾ ؟ فقال بعضهم : أمرنا بأن نحمد الله ونستغفره إذ نصرنا وفتح علينا. وسكت بعضهم فلم يقل شيئا.
فقال : هكذا تقول يا ابن عباس ؟ قلت : لا، قال : فما تقول ؟ قلت : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه إياه، فقال :﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ﴾ فذلك علامة أجلك ﴿ فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ﴾.
فقال عمر : والله ما أعلم منها إلا ما تقول.

النصر : الإعانة والتأييد، نصره : أعانه وأيّده.
الفتح : غَلَبة الأعداء وفتح البلاد، والمراد به هنا فتح مكة.
إذا نصرك الله يا محمد على أعدائك، وتحقَّقَ وعدُ الله بالنصر للمؤمنين وهزيمة المشركين، وفَتَحَ الله لكم ديارَكم ودخلْتُم مكّة.
أفواجا : جماعاتٍ جماعات، واحده فوج.
﴿ وَرَأَيْتَ الناس يَدْخُلُونَ فِي دِينِ الله أَفْوَاجاً ﴾
جماعاتٍ جماعات. وقد تحقَّق ذلك بعدَ فتحِ مكة، فدخَل الناسُ في الإسلام أفواجا، وعمّ الإسلامُ جزيرةَ العرب.
واستغفِرهُ : اسأل المغفرة لك ولأُمتك.
توّابا : كثير القبول لتوبة عباده.
فاشكر ربك، وسبّح بحمده، ونزّهْه عن كل شريك، لما حقّق لك وللمؤمنين من النصر العظيم.
واطلُب المغفرةَ لك ولأمتك من الله تعالى، فإنه يَقْبَلُ التوبةَ، وبابُه مفتوحٌ دائما للتوابين.
روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُكثر في آخر أمره من قوله :" سبحانَ الله وبحمدِه، أستغفرُ الله وأتوبُ إليه ". قال : " إن ربي أخبرني أني سأرى علامةً في أُمتي، وأمرني إذا رأيتُها أن أسبّحه وأستغفرَه، إنّه كان توابا. فقد رأيتها... ﴿ إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح... ﴾ رواه مسلم أيضا.
وهكذا تم النصرُ والفتح، وأشْرَقت الأرضُ بنورِ ربّها، وعمّ الإسلامُ جوانبَ الأرض.
نسأل الله تعالى أن يُلهم زعماءَنا وكبراءنا التوفيقَ وسَدادَ الرأي، فتجتمعَ كلمتُهم على نصرِ دين الله، وتتوحّدَ صفوفهم، ويجتمعَ شملُهم ليعملوا على إنقاذ هذه الأُمة، وردِّ كرامتها، واستردادِ الأرض المقدّسة بإذن الله.
سورة النصر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّصْرِ) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (التوبة)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل رُبُعَ القرآن، وقد نزلت للإعلام بتمام الدِّين، وانتصارِ النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين، وانتشارِ الإسلام في أرجاء الجزيرة العربية، وانحسار  الشرك، والإخبارِ بدُنُوِّ أجَلِ النبي  صلى الله عليه وسلم - كما فَهِم ذلك ابن عباس رضي الله عنهما -، وأمرِه بتسبيح ربِّه وحمدِه عند الفتوحات، وفي كلِّ حين.


ترتيبها المصحفي
110
نوعها
مدنية
ألفاظها
19
ترتيب نزولها
114
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* سورة (النَّصْرِ):

سُمِّيت سورة (النَّصْرِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بذكرِ النصر؛ وهو: فتحُ مكَّةَ المكرَّمة.

* سورة: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}:

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لافتتاحها به، وقد وردت هذه التسميةُ في كلام السلف رضوان الله عليهم؛ ومن ذلك:

ما جاء عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: «ما صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم صلاةً بعد أن نزَلتْ عليه: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ} إلا يقولُ فيها: «سُبْحانَك ربَّنا وبحمدِك، اللهمَّ اغفِرْ لي»». أخرجه البخاري (4967).

* سورة (النَّصْر) تَعدِل رُبُعَ القرآن:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).

تمام الدِّين، وانتصارُ النبي عليه السلام (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /422).

الوعدُ بنصرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفتحِ مكة، ودخولِ الناس في هذا الدِّين أفواجًا، والإيماءُ إلى أنه حين يقع ذلك، فقد اقترب انتقالُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرَّفيقِ الأعلى.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /589).