تفسير سورة النصر

التفسير الواضح

تفسير سورة سورة النصر من كتاب التفسير الواضح
لمؤلفه محمد محمود حجازي .

سورة النصر
مدنية. وآياتها ثلاث آيات، وفيها البشارة للنبي وصحبه بنزول العون لهم ونصرة دينهم وفتح قلوب الناس لهذا الدين، ثم أمرهم بالتسبيح والتنزيه لله- تعالى- على أنه سبب النجاح.
[سورة النصر (١١٠) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (٣)
المفردات:
نَصْرُ اللَّهِ: عونه ومعونته. وَالْفَتْحُ بمعنى: فتح البلاد، أو الحكم في القضية التي بينكم وبين خصوم الإسلام. أَفْواجاً: جمع فوج، بمعنى الجماعات. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ التسبيح: هو التقديس والتنزيه، والحمد: هو الثناء عليه بما هو أهله.
المعنى:
كان النبي صلّى الله عليه وسلّم شديد الحرص على إيمان الناس وخاصة قريش والعرب، والنبي كبشر لا يعلم الغيب ولذا كان قلقا ضجرا بعض الشيء على الدعوة، فأتت هذه السورة تبشره وتذكره بأن هذا كان الأولى أن تبتعد عنه، وهذا من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين فقد يكون الشيء حسنة عندك وهو عند غيرك لمم- صغير من الذنوب- يصح الاستغفار منه.
914
وإذا جاء نصر الله وعونه وهو لا بد حاصل، وجاء الفتح للبلاد المغلقة والقلوب المقفلة إذا جاء هذا وذاك، ورأيت الناس يدخلون في دين الله جماعات كثيرة إذا حصل هذا فالواجب مقابلته بالشكر والثناء على الله بما هو أهله، إذا حصل هذا فسبح ربك وقدسه تقديسا، ونزهه تنزيها يليق بجنابه، سبحه حامدا له فعله الجميل ذاكرا له صفاته المناسبة وأسماءه الحسنى، واستغفر لذنبك واطلب المغفرة مما قد تكون ألممت به وهو لا يليق بك كخاتم الأنبياء والمرسلين، استغفر الله إنه كان توابا كثير القبول لتوبة عباده، إنه يقبل التوبة ويعفو عن السيئة، ويعلم ما نفعل، والخطاب في السورة للنبي صلّى الله عليه وسلّم ولكل من يصلح له الخطاب.
روى أن هذه السورة كانت بمثابة نعى الله لنبيه، فإنه إذا حصل هذا فقد أدى محمد صلّى الله عليه وسلّم رسالته كاملة، وإذا أداها فسيلحق بالرفيق الأعلى، ولقد فهم هذا المعنى بعض الصحابة وبكى على رسول الله.
915
سورة النصر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّصْرِ) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (التوبة)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل رُبُعَ القرآن، وقد نزلت للإعلام بتمام الدِّين، وانتصارِ النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين، وانتشارِ الإسلام في أرجاء الجزيرة العربية، وانحسار  الشرك، والإخبارِ بدُنُوِّ أجَلِ النبي  صلى الله عليه وسلم - كما فَهِم ذلك ابن عباس رضي الله عنهما -، وأمرِه بتسبيح ربِّه وحمدِه عند الفتوحات، وفي كلِّ حين.


ترتيبها المصحفي
110
نوعها
مدنية
ألفاظها
19
ترتيب نزولها
114
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* سورة (النَّصْرِ):

سُمِّيت سورة (النَّصْرِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بذكرِ النصر؛ وهو: فتحُ مكَّةَ المكرَّمة.

* سورة: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}:

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لافتتاحها به، وقد وردت هذه التسميةُ في كلام السلف رضوان الله عليهم؛ ومن ذلك:

ما جاء عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: «ما صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم صلاةً بعد أن نزَلتْ عليه: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ} إلا يقولُ فيها: «سُبْحانَك ربَّنا وبحمدِك، اللهمَّ اغفِرْ لي»». أخرجه البخاري (4967).

* سورة (النَّصْر) تَعدِل رُبُعَ القرآن:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).

تمام الدِّين، وانتصارُ النبي عليه السلام (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /422).

الوعدُ بنصرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفتحِ مكة، ودخولِ الناس في هذا الدِّين أفواجًا، والإيماءُ إلى أنه حين يقع ذلك، فقد اقترب انتقالُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرَّفيقِ الأعلى.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /589).