تفسير سورة النصر

جامع البيان في تفسير القرآن

تفسير سورة سورة النصر من كتاب جامع البيان في تفسير القرآن
لمؤلفه الإيجي محيي الدين . المتوفي سنة 905 هـ
سورة النصر مدنية
وهي ثلاث آيات.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ إذا جاء نصر الله ﴾ أي : لك على أعدائك ﴿ والفتح ﴾ : فتح مكة، فسر به جمهور السلف.
﴿ ورأيت الناس يدخلون ﴾ هو حال إن جعلت رأيت بمعنى أبصرت ﴿ في دين الله أفواجا ﴾ جماعات بعد ما كان يدخل واحدا واحدا، أو اثنين اثنين، كانت أحياء العرب ينتظرون فتح مكة، يقولون : إن ظهر على قومه فهو نبي ؛ لأنهم أهل الحرم، وقد أجارهم الله من أصحاب الفيل، يعني إذا فتحت مكة قريتك التي أخرجتك، ودخل الناس في دين الله أفواجا، فقد فرغ شغلنا في الدنيا بك، فتهيأ للقدوم علينا، ولذلك قال :﴿ فسبح بحمد ربك ﴾.
﴿ فسبح بحمد ربك ﴾ : نزهه عما يقول الظالمون، حامدا له ﴿ واستغفره ﴾ : عما فرط منك من التقصير، أو عن أمتك ﴿ إنه كان توابا ﴾ : لمن استغفر منذ خلق الخلق، وكان عليه السلام حين أنزلت أخذ في أشد ما كان اجتهادا في أمر الآخرة. وعن الإمام أحمد : قال عليه السلام لما نزلت :﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ﴾ :" نعيت إليّ نفسي " ١، بأنه مقبوض في تلك السنة، وعن أكثر السلف : إنها أجله عليه السلام، وفي مسلم، والطبراني، والنسائي : إنها آخر سورة نزلت من القرآن جميعا. وعن البيهقي وغيره أنها نزلت في أيام التشريق بمنى في حجة الوداع، فيكون نزولها بعد فتح مكة بسنتين، فلا بد أن نقول : إن " إذا " -الذي هو للاستقبال- سلبت عن معناه. وقيل : إن فتح مكة أم الفتوح، والدستور لما يكون بعده من الفتوحات، فهو وإن كان متحققا في نفسه، لكنه متركب باعتبار ما يدل عليه.
١ قال الشيخ أحمد شارك (٣٢٠١): إسناده صحيح..
سورة النصر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّصْرِ) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (التوبة)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل رُبُعَ القرآن، وقد نزلت للإعلام بتمام الدِّين، وانتصارِ النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين، وانتشارِ الإسلام في أرجاء الجزيرة العربية، وانحسار  الشرك، والإخبارِ بدُنُوِّ أجَلِ النبي  صلى الله عليه وسلم - كما فَهِم ذلك ابن عباس رضي الله عنهما -، وأمرِه بتسبيح ربِّه وحمدِه عند الفتوحات، وفي كلِّ حين.


ترتيبها المصحفي
110
نوعها
مدنية
ألفاظها
19
ترتيب نزولها
114
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* سورة (النَّصْرِ):

سُمِّيت سورة (النَّصْرِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بذكرِ النصر؛ وهو: فتحُ مكَّةَ المكرَّمة.

* سورة: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}:

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لافتتاحها به، وقد وردت هذه التسميةُ في كلام السلف رضوان الله عليهم؛ ومن ذلك:

ما جاء عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: «ما صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم صلاةً بعد أن نزَلتْ عليه: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ} إلا يقولُ فيها: «سُبْحانَك ربَّنا وبحمدِك، اللهمَّ اغفِرْ لي»». أخرجه البخاري (4967).

* سورة (النَّصْر) تَعدِل رُبُعَ القرآن:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).

تمام الدِّين، وانتصارُ النبي عليه السلام (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /422).

الوعدُ بنصرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفتحِ مكة، ودخولِ الناس في هذا الدِّين أفواجًا، والإيماءُ إلى أنه حين يقع ذلك، فقد اقترب انتقالُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرَّفيقِ الأعلى.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /589).