تفسير سورة النصر

تفسير القرآن

تفسير سورة سورة النصر من كتاب تفسير القرآن
لمؤلفه الصنعاني . المتوفي سنة 211 هـ
سورة إذا جاء نصر الله والفتح ( مدنية ).

بسم الله الرحمن الرحيم١.
عبد الرزاق، عن معمر، عن الحسن قال : كان إذا قرأ :﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ﴾ قال : احتسب٢ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقورب له، فقارب والله ما قورب له، فالحمد لله الذي أقر٣ بعينه، وأسرع به إلى كرامته، وحيث وعد بحظه.
عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة أن ابن عباس قال في قوله تعالى :﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ﴾ إلى آخرها، قال : علم وحده حده الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم، ونعى إليه نفسه : إنك لن تعيش بعد فتح مكة إلا قليلا.
عبد الرزاق، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين قال : سمعت أبا هريرة يقول : لنا نزلت ﴿ إذا جاء نصر الله ﴾ قال النبي صلى الله عليه وسلم :" أتاكم أهل اليمن، هم أرق قلوبا، الإيمان يمان، الفقه يمان، الحكمة يمانية٤.
عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، إلا أن معمرا لم يقل حين نزلت :﴿ إذا جاء نصر الله ﴾.
عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة قال : لما نزلت ﴿ إذا جاء نصر الله ﴾ [ قال : النبي صلى الله عليه وسلم :" جاء نصر الله ]٥، وجاء الفتح، وجاء أهل اليمن "، قالوا : يا رسول الله، وما أهل اليمن ؟ قال : رقيقة قلوبهم، لينة٦ طاعتهم، الإيمان يمان، الفقه يمان، الحكمة يمانية ".
عبد الرزاق قال : أنا هشيم بن بشير، عن أبي بشر٧، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن عمر دعا نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم عن ﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ﴾، فلم يقولوا شيئا. قال ابن عباس : فقلت :﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ﴾ فتح مكة ﴿ ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك ﴾٨.
١ قوله (مدنية) والبسملة من (م)..
٢ في (م) أجيب..
٣ في (م) قر بعينه..
٤ أخرجه ابن مردويه عن أبي هريرة. انظر الدر ج ٦ ص ٤٠٨.
ورواه الترمذي في المناقب ج ٥ ص ٣٨٣..

٥ ما بيت المعكوفتين سقط من (م)..
٦ في (م) بينة. رواه ابن عساكر بلفظ قريب انظر الدر ج ٦ ص ٤٠٨..
٧ سقطت كلمة (عن أبي بشر) من (م)..
٨ هكذا جاءت الرواية مبتورة في النسختين، ورواية البخاري:... عن ابن عباس قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال: لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه من حيث علمتم فدعا ذات يوم فأدخله معهم فما رؤيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم. قال: ما تقولون في قول الله تعالى: ﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾، فقال بعضهم: أمرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا، فقال لي أكذلك تقول يا ابن عباس؟ فقلت لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول والله صلى الله عليه وسلم أعلمه له، قال: ﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾ وذلك علامة أجلك، ﴿فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان ثوابا﴾، فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول. انظر البخاري ج ٦ ص ٩٤..
سورة النصر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّصْرِ) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (التوبة)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل رُبُعَ القرآن، وقد نزلت للإعلام بتمام الدِّين، وانتصارِ النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين، وانتشارِ الإسلام في أرجاء الجزيرة العربية، وانحسار  الشرك، والإخبارِ بدُنُوِّ أجَلِ النبي  صلى الله عليه وسلم - كما فَهِم ذلك ابن عباس رضي الله عنهما -، وأمرِه بتسبيح ربِّه وحمدِه عند الفتوحات، وفي كلِّ حين.


ترتيبها المصحفي
110
نوعها
مدنية
ألفاظها
19
ترتيب نزولها
114
العد المدني الأول
3
العد المدني الأخير
3
العد البصري
3
العد الكوفي
3
العد الشامي
3

* سورة (النَّصْرِ):

سُمِّيت سورة (النَّصْرِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بذكرِ النصر؛ وهو: فتحُ مكَّةَ المكرَّمة.

* سورة: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}:

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لافتتاحها به، وقد وردت هذه التسميةُ في كلام السلف رضوان الله عليهم؛ ومن ذلك:

ما جاء عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: «ما صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم صلاةً بعد أن نزَلتْ عليه: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ} إلا يقولُ فيها: «سُبْحانَك ربَّنا وبحمدِك، اللهمَّ اغفِرْ لي»». أخرجه البخاري (4967).

* سورة (النَّصْر) تَعدِل رُبُعَ القرآن:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).

تمام الدِّين، وانتصارُ النبي عليه السلام (١-٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /422).

الوعدُ بنصرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفتحِ مكة، ودخولِ الناس في هذا الدِّين أفواجًا، والإيماءُ إلى أنه حين يقع ذلك، فقد اقترب انتقالُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرَّفيقِ الأعلى.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /589).