تفسير سورة الفرقان

جهود الإمام الغزالي في التفسير

تفسير سورة سورة الفرقان من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ

﴿ وإذ رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا ﴾.
٧٩٦- أي تعظيما وحنقا. ( الدرة الفاخرة في كشف علو الآخرة ضمن المجموعة رقم ٦ ص : ١٢٧ ).
﴿ ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ﴾.
٧٩٧- إظهاره القدرة بقبض الظل إذ قال تعالى :﴿ ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ﴾ وهو وقت قبض ظل الليل ببسط نور الشمس ( الإحياء : ١/٣٩٤ ).
﴿ وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورا ﴾.
٧٩٨- أي يخلف أحدهما الآخر ليتدارك في أحدهما ما فات في الآخر. ( نفسه : ١/٣٩٣ ).
٧٩٩- أي يخلف أحدهما الآخر في الفضل، والثاني : أنه يخلفه فيتدارك فيه ما فات في أحدهما. ( نفسه : ١/٤٠٢ )
﴿ وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ﴾.
٨٠٠- قال عطاء بن أبي رباح١ :﴿ يمشون على الأرض هونا ﴾ أي حلماء. ( نفسه : ٣/١٨٨-١٨٩ )
٨٠١- ﴿ وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ﴾ أي سلامة، والألف بدل من الهاء ومعناه : إنا سلمنا من إثمكم وأنتم سلمتم من شرنا. ( نفسه : ٢/١٨٨ )
١ هو أبو محمد عطاء بن أبي رباح القرشي تابعي مفسر، فقيه سمع عبد الله ابن عمر، وروى عنه عمرو بن دينار (ت: ١١٥هـ).
ن: تهذيب الأسماء: ١/٣٣٣ وصفة الصفوة: ٢/٢١١..

٨٠٢- الآية نص في مضاعفة عذاب من جمع بين الكفر والقتل والزنا، لا كمن جمع بين الكفر والأكل والشرب. ( المستصفى : ١/٩٢ )
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٨:٨٠٢- الآية نص في مضاعفة عذاب من جمع بين الكفر والقتل والزنا، لا كمن جمع بين الكفر والأكل والشرب. ( المستصفى : ١/٩٢ )
﴿ وإذا مروا باللغو مروا كراما ﴾.
٨٠٣- قال مجاهد :﴿ وإذا مروا باللغو مروا كراما ﴾ أي إذا أوذوا صفحوا. وروي أن ابن مسعود مر بلغو معرضا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أصبح ابن مسعود وأمسى كريما )١ ثم تلا إبراهيم بن ميسرة٢ وهو الراوي قوله تعالى :﴿ وإذا مروا باللغو مروا كراما ﴾. ( الإحياء : ٣/١٨٩ ).
١ قال الحافظ العراقي: أخرجه ابن المبارك في البر والصلة. ن: المغني بهامش الإحياء: ١/٩٢..
٢ إبراهيم بن ميسرة هو الطائفي الفقيه نزيل مكلة، حدث عن أنس بن مالك وطاوس وغيرهما وعنه ابن جريج والسفيانان. ن تهذيب التهذيب: ١/١٧٢ وشذرات الذهب: ١/١٨٩ وسير أعلام النبلاء: ٦/١٢٣..
سورة الفرقان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الفُرْقان) من السُّوَر المكِّية التي تحدَّثتْ عن معجزةِ النبي صلى الله عليه وسلم، وما أيَّده اللهُ به؛ وهو هذا القرآنُ الكريم، ودلَّلت السورة على أن هذا الكتابَ جاء فُرْقانًا بين الحق والباطل؛ فلم يترُكْ خيرًا إلا دلَّ عليه، ولم يترُكْ شرًّا إلا حذَّر منه، وقد جاءت هذه السورة بشُبهاتِ الكفار والمعانِدين، ورَدَّتْها بما يؤيد صِدْقَ رسالته صلى الله عليه وسلم، وقد أقامت الحُجَّةَ على كلِّ مَن ترك الحقَّ ومال إلى الباطل؛ لأن اللهَ أوضَحَ طريقَ الحق، وأبانه أيَّما بيانٍ؛ فللهِ الحُجَّةُ البالغة!

ترتيبها المصحفي
25
نوعها
مكية
ألفاظها
897
ترتيب نزولها
42
العد المدني الأول
77
العد المدني الأخير
77
العد البصري
77
العد الكوفي
77
العد الشامي
77

* قوله تعالى: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «سألتُ أو سُئِلَ رسولُ اللهِ ﷺ: أيُّ الذَّنْبِ عند اللهِ أكبَرُ؟ قال: «أن تَجعَلَ للهِ نِدًّا وهو خلَقَك»، قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: «ثم أن تقتُلَ ولَدَك خشيةَ أن يَطعَمَ معك»، قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: أن تُزَانِيَ بحَلِيلةِ جارِك»، قال: ونزَلتْ هذه الآيةُ تصديقًا لقولِ رسولِ اللهِ ﷺ: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]». أخرجه البخاري (٤٧٦١).

وفيها سببٌ آخَرُ:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ ناسًا مِن أهلِ الشِّرْكِ كانوا قد قتَلوا وأكثَروا، وزَنَوْا وأكثَروا، فأتَوْا مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنَّ الذي تقولُ وتدعو إليه لَحسَنٌ، لو تُخبِرُنا أنَّ لِما عَمِلْنا كفَّارةً؛ فنزَلَ: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]، ونزَلتْ: {قُلْ ‌يَٰعِبَادِيَ ‌اْلَّذِينَ ‌أَسْرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اْللَّهِۚ} [الزمر: 53]». أخرجه البخاري (٤٨١٠).

* قوله تعالى: {إِلَّا ‌مَن ‌تَابَ ‌وَءَامَنَ ‌وَعَمِلَ ‌عَمَلٗا ‌صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ اْللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ اْللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} [الفرقان: 70]:

عن سعيدِ بن جُبَيرٍ رحمه الله، قال: «قال ابنُ أَبْزَى: سَلِ ابنَ عباسٍ عن قولِه تعالى: {وَمَن ‌يَقْتُلْ مُؤْمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا} [النساء: 93]، وقولِه: {وَلَا ‌يَقْتُلُونَ ‌اْلنَّفْسَ ‌اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ} [الفرقان: 68] حتى بلَغَ: {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ} [الفرقان: 70]،  فسألْتُه، فقال: لمَّا نزَلتْ، قال أهلُ مكَّةَ: فقد عدَلْنا باللهِ، وقد قتَلْنا النَّفْسَ التي حرَّمَ اللهُ إلا بالحقِّ، وأتَيْنا الفواحشَ؛ فأنزَلَ اللهُ: {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا} إلى قولِه: {غَفُورٗا رَّحِيمٗا} [الفرقان: 70]». أخرجه البخاري (٤٧٦٥).

* سورة (الفُرْقان):

سُمِّيت سورةُ (الفُرْقان) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (الفُرْقان) في افتتاحها، وهو اسمٌ من أسماء القرآن الكريم.

تضمَّنتْ سورةُ (الفُرْقان) عِدَّة موضوعات؛ جاءت على النحو الآتي:

1. صفات الإلهِ الحقِّ، وعَجْزُ الآلهة المزيَّفة (١-٣).

2. شُبهاتهم حول القرآن، وردُّها (٤-٦).

3. شُبهاتهم حول الرسول، وردُّها (٧-١٠).

4. الدوافع الحقيقية وراء تكذيبهم (١١-١٩).

5. سُنَّة الله في اختيار المرسَلين، وعادة المكذِّبين (٢٠-٢٩).

6. شكوى الرسول من قومه، وتَسْليتُه (٣٠-٤٠).

7. الاستهزاء والسُّخْريَّة سلاح العاجز (٤١-٤٤).

8. الحقائق الكونية في القرآن من دلائل النُّبوة (٤٥-٥٥).

9. مهمة الرسول ونهجُه في دعوة المعانِدين (٥٦-٦٢).

10. ثمرات الرسالة الربانية (٦٣-٧٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /270).

مقصدُ السُّورة الأعظم: إظهارُ شَرَفِ الداعي صلى الله عليه وسلم؛ بإنذارِ المكلَّفين عامةً بما له سبحانه من القدرة الشاملة، المستلزم للعلم التامِّ، المدلول عليه بهذا القرآنِ المبين، المستلزم لأنه لا موجودَ على الحقيقة سِوى مَن أنزله؛ فهو الحقُّ، وما سِواه باطلٌ.

وتسميتُها بـ(الفُرْقان) واضحُ الدَّلالة على ذلك؛ فإن الكتابَ ما نزل إلا للتفرقة بين الملتبِسات، وتمييزِ الحقِّ من الباطل؛ ليَهلِكَ مَن هلَك عن بيِّنة، ويَحيَى مَن حَيَّ عن بيِّنة؛ فلا يكون لأحدٍ على الله حُجَّةٌ، وللهِ الحُجَّة البالغة!

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /317).