تفسير سورة الفرقان

التبيان في تفسير غريب القرآن

تفسير سورة سورة الفرقان من كتاب التبيان في تفسير غريب القرآن
لمؤلفه ابن الهائم . المتوفي سنة 815 هـ

" تبارك " تفاعل من البركة وهي الزيادة والنماء والكثرة والاتساع أي البركة تكتسب وتنال بذكره ويقال تبارك تعاظم ويقال تقدس والقدس الطهارة.
" نشورا " الحياة بعد الموت.
" تغيظا " التغيظ الصوت الذي يهمهم به المغتاظ، " وزفيرا " وهو من الصدر.
" ثبورا " هلاكا أي صاحوا واهلاكاه.
" بورا " هلكى بلغة عمان.
" صرفا ولا نصرا " أي لا حيلة ولا نصرة ويقال صرفا أي لا يستطيعون أن يصرفوا عن أنفسهم عذاب الله جل اسمه ولا نصرا أي ولا انتصار من الله سبحانه.
" حجرا محجورا " أي حراما محرما عليكم الجنة.
" هباء منثورا " يعني ما يدخل البيت من الكوة مثل الغبار إذا طلعت
" فيها الشمس وليس له مس ولا يرى من الظل.
" وأحسن مقيلا " من القائلة وهي الاستكنان في وقت انتصاف النهار وجاء في التفسير أنه لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يستقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.
" مهجورا " متروكا لا يسمعونه. وقيل : جعلوه بمنزلة الهجر أي الهذيان.
" وأصحاب الرس " الرس المعدن وكل ركية لم تطو فهي رس ومعدن.
" تبرنا تتبيرا " أهلكنا إهلاكا.
" كيف مد الظل " أي من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، " ولو شاء لجعله ساكنا " أي دائما لا يتغير يعني لا شمس معه.
" نشورا " ذا نشور أي ينتشر الناس فيه للمعاش.
" ماء طهورا " أي نظيفا يطهر من توضأ به واغتسل من جنابته.
" وأناسي كثيرا " جمع إنس وهو واحد الإنس جمع على لفظه مثل كرسي وكراسي والإنس جمع الجنس يكون بطرح ياء النسب مثل رومي وروم ويجوز " أن يكون أناسي جمع إنسان وتكون الياء بدلا من النون لأن الأصل أناسين بالنون مثل سراحين جمع سرحان فلما ألقيت النون من آخره عوضت الياء.
" مرج البحرين " خلى بينهما كما تقول مرجت الدابة إذا خليتها ترعى ويقال مرج البحرين خلطهما ويقال خلصهما، " عذب فرات " هو أعذب العذوبة، " أجاج " الأجاج المالح المر الشديد الملوحة، " برزخا " أي حاجزا.
" نسبا وصهرا " قرابة النكاح.
" خلفه " يخلف هذا هذا إذا ذهب هذا جاء هذا كأنه يخلفه ويقال جعل الليل والنهار خلفة أي يخالف أحدهما صاحبه وقتا ولونا.
" يمشون على الأرض هونا " أي مشيا رويدا يعني بالسكينة والوقار والهون أيضا الرفق والدعة.
" كان غراما " أي هلاكا ويقال ملحا ويقال عذابا ملازما ومنه فلان مغرم بالنساء إذا كان يحبهن ويلازمهن ومنه الغريم الذي عليه الدين لأن الدين لازم له والغريم أيضا الذي له الدين لأنه يلزم الذي عليه الدين وقال الحسن كل غريم " مفارقة غريمه إلا النار.
" أثاما " عقوبة والأثام الإثم أيضا.
" باللغو " أي الباطل من الكلام.
" ما يعبأ بكم " ما يبالي بكم، " لزاما " مصدر لازمته أي خبرا يلزم كل عامل مما عمل من خير أو شر ويقال لزاما أي هلاكا.
سورة الفرقان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الفُرْقان) من السُّوَر المكِّية التي تحدَّثتْ عن معجزةِ النبي صلى الله عليه وسلم، وما أيَّده اللهُ به؛ وهو هذا القرآنُ الكريم، ودلَّلت السورة على أن هذا الكتابَ جاء فُرْقانًا بين الحق والباطل؛ فلم يترُكْ خيرًا إلا دلَّ عليه، ولم يترُكْ شرًّا إلا حذَّر منه، وقد جاءت هذه السورة بشُبهاتِ الكفار والمعانِدين، ورَدَّتْها بما يؤيد صِدْقَ رسالته صلى الله عليه وسلم، وقد أقامت الحُجَّةَ على كلِّ مَن ترك الحقَّ ومال إلى الباطل؛ لأن اللهَ أوضَحَ طريقَ الحق، وأبانه أيَّما بيانٍ؛ فللهِ الحُجَّةُ البالغة!

ترتيبها المصحفي
25
نوعها
مكية
ألفاظها
897
ترتيب نزولها
42
العد المدني الأول
77
العد المدني الأخير
77
العد البصري
77
العد الكوفي
77
العد الشامي
77

* قوله تعالى: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «سألتُ أو سُئِلَ رسولُ اللهِ ﷺ: أيُّ الذَّنْبِ عند اللهِ أكبَرُ؟ قال: «أن تَجعَلَ للهِ نِدًّا وهو خلَقَك»، قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: «ثم أن تقتُلَ ولَدَك خشيةَ أن يَطعَمَ معك»، قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: أن تُزَانِيَ بحَلِيلةِ جارِك»، قال: ونزَلتْ هذه الآيةُ تصديقًا لقولِ رسولِ اللهِ ﷺ: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]». أخرجه البخاري (٤٧٦١).

وفيها سببٌ آخَرُ:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ ناسًا مِن أهلِ الشِّرْكِ كانوا قد قتَلوا وأكثَروا، وزَنَوْا وأكثَروا، فأتَوْا مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنَّ الذي تقولُ وتدعو إليه لَحسَنٌ، لو تُخبِرُنا أنَّ لِما عَمِلْنا كفَّارةً؛ فنزَلَ: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]، ونزَلتْ: {قُلْ ‌يَٰعِبَادِيَ ‌اْلَّذِينَ ‌أَسْرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اْللَّهِۚ} [الزمر: 53]». أخرجه البخاري (٤٨١٠).

* قوله تعالى: {إِلَّا ‌مَن ‌تَابَ ‌وَءَامَنَ ‌وَعَمِلَ ‌عَمَلٗا ‌صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ اْللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ اْللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} [الفرقان: 70]:

عن سعيدِ بن جُبَيرٍ رحمه الله، قال: «قال ابنُ أَبْزَى: سَلِ ابنَ عباسٍ عن قولِه تعالى: {وَمَن ‌يَقْتُلْ مُؤْمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا} [النساء: 93]، وقولِه: {وَلَا ‌يَقْتُلُونَ ‌اْلنَّفْسَ ‌اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ} [الفرقان: 68] حتى بلَغَ: {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ} [الفرقان: 70]،  فسألْتُه، فقال: لمَّا نزَلتْ، قال أهلُ مكَّةَ: فقد عدَلْنا باللهِ، وقد قتَلْنا النَّفْسَ التي حرَّمَ اللهُ إلا بالحقِّ، وأتَيْنا الفواحشَ؛ فأنزَلَ اللهُ: {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا} إلى قولِه: {غَفُورٗا رَّحِيمٗا} [الفرقان: 70]». أخرجه البخاري (٤٧٦٥).

* سورة (الفُرْقان):

سُمِّيت سورةُ (الفُرْقان) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (الفُرْقان) في افتتاحها، وهو اسمٌ من أسماء القرآن الكريم.

تضمَّنتْ سورةُ (الفُرْقان) عِدَّة موضوعات؛ جاءت على النحو الآتي:

1. صفات الإلهِ الحقِّ، وعَجْزُ الآلهة المزيَّفة (١-٣).

2. شُبهاتهم حول القرآن، وردُّها (٤-٦).

3. شُبهاتهم حول الرسول، وردُّها (٧-١٠).

4. الدوافع الحقيقية وراء تكذيبهم (١١-١٩).

5. سُنَّة الله في اختيار المرسَلين، وعادة المكذِّبين (٢٠-٢٩).

6. شكوى الرسول من قومه، وتَسْليتُه (٣٠-٤٠).

7. الاستهزاء والسُّخْريَّة سلاح العاجز (٤١-٤٤).

8. الحقائق الكونية في القرآن من دلائل النُّبوة (٤٥-٥٥).

9. مهمة الرسول ونهجُه في دعوة المعانِدين (٥٦-٦٢).

10. ثمرات الرسالة الربانية (٦٣-٧٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /270).

مقصدُ السُّورة الأعظم: إظهارُ شَرَفِ الداعي صلى الله عليه وسلم؛ بإنذارِ المكلَّفين عامةً بما له سبحانه من القدرة الشاملة، المستلزم للعلم التامِّ، المدلول عليه بهذا القرآنِ المبين، المستلزم لأنه لا موجودَ على الحقيقة سِوى مَن أنزله؛ فهو الحقُّ، وما سِواه باطلٌ.

وتسميتُها بـ(الفُرْقان) واضحُ الدَّلالة على ذلك؛ فإن الكتابَ ما نزل إلا للتفرقة بين الملتبِسات، وتمييزِ الحقِّ من الباطل؛ ليَهلِكَ مَن هلَك عن بيِّنة، ويَحيَى مَن حَيَّ عن بيِّنة؛ فلا يكون لأحدٍ على الله حُجَّةٌ، وللهِ الحُجَّة البالغة!

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /317).