تفسير سورة الفرقان

جهود القرافي في التفسير

تفسير سورة سورة الفرقان من كتاب جهود القرافي في التفسير
لمؤلفه القرافي . المتوفي سنة 684 هـ

٩٣٥- إن قيل : ما المستثنى ؟ وما المستثنى منه ؟ فإن المرسلين بجملتهم أعيدوا بعد " إلا " مع حكم آخر، فلم يخرج من المرسلين أحد ولا من الحكم المتقدم حكما، فلم يتحقق معنى الاستثناء. فنقول : هاهنا المستثنى منه هو الأحوال، والمستثنى حالة منها.
ومعنى الكلام : " وما أرسلناهم في حالة الاستغناء عن الطعام، ولا في حالة طور الملائكة ولا في جميع الأحوال المنافية للبشرية، بل في هذه الحالة البشرية، وهي أكل الطعام وتوابعه " فالاستثناء وقع من الأحوال. ( الاستغناء : ١٤٨ ).
٩٣٦- وقعت " إن " بعد " إلا "، وهي واسمها وخبرها في موضع نصب على الحال، وإن نص النحاة على أنها تدخل على الحال. تقول : جاءني زيد وهو يضحك. وجاءني زيد وأنه يضحك. ( نفسه : ٥٥١ ).
٩٣٧- الحجر : المنع. ومنه قوله تعالى :﴿ ويقولون حجرا محجورا ﴾ أي : تحريما محرما. ومنه : حجرة الدار، لمنعها من الدخول إليها ويسمى الحجر عقلا، لمنع صاحبه من الرذائل. وهو في الشرع : المنع من التصرف. ( الذخيرة : ٨/٢٢٩ ).
٩٣٨- الطهور هو الباقي على أصل خلقته، على أي صفة كان من السماء أو الأرض أو البحر، لقوله تعالى :﴿ وأنزلنا من السماء ماء طهورا ﴾. وقوله عليه السلام– في الموطإ- لما سأله رجل : " إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا منه عطشنا. أفنتوضأ من ماء البحر. قال عليه السلام " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " ١.
قاعدة : فعول عند العرب يكون صفة، نحو : غفور وشكور. ويكون للذي يفعل به الفعل، نحو : الحنوط والسحور والبخور، لما يتحنط به ويتسحر به ويتبخر به. فالطهور عندنا للذي يتطهر به متعد خلافا لأبي حنيفة فإن معناه عنده طاهر. وفائدة الخلاف : كونه سبب الطهارة عندنا فينحصر المطهر فيه بسبب تخصيص الشرع له بالذكر، ومنع القياس في الأسباب، ولو سلم المنع هاهنا لكونه ذرع الجامع الذي هو علة في الأصل، والأصل هاهنا ليس معللا لوجوب تطهير ما هو في غاية النظافة، فيسقط اعتبار النبيذ وغيره عن مقام التطهير، أو ليس سببا فيشاركه في الطاهرية غيره، فلا يختص التطهير به. لنا قوله تعالى :﴿ ليطهركم به ﴾٢ وهو نص في الباب، ولو صح ما ذكروه لما صح جوابه عليه السلام في ماء البحر، لعدم الفائدة ولبطل معنى قوله عليه السلام : " جعلت لي الأرض مسجدا، وترابها طهورا " ٣ لأن طهارة التراب لم تخص به عليه السلام، وإنما الذي اختص به المظهر. ( نفسه : ١/١٦٨ ).
١ - الموطأ: ٢/٤٩٤. كتاب الصيد: باب ما جاء في صيد البحر..
٢ - سورة الأنفال: ١١..
٣ - خرجه البخاري في صحيحه: كتاب التيمم، الباب: ١، وكتاب الصلاة، الباب: ٥٦. كما خرجه مسلم في صحيحه كتاب المساجد، حديث: ١-٤. والترمذي في سننه: كتاب الصلاة، باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام. والنسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب التيمم بالصعيد. وأبو داود في كتاب الصلاة، باب: المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة. وجميع الروايات لم يرد فيها لفظ "ترابها"..
٩٣٩- قوله تعالى :﴿ إلا من تاب ﴾ في ظاهر اللفظ إنما هو عائد على الضمير الكائن في " يفعل " بعد " من " وهو في جملة واحدة. أو يلاحظ فيه أن نفس الجمل الثلاثة المتقدمة. وقد اختصر الكلام فيها بذكر " من " لئلا يطول الكلام بإعادة تلك الجمل على حالها، مع أن الجمل السابقة لم يكن فيها هذا الفعل، بل يقتضيه. ( شرح التنقيح : ١٦٤ ).
٩٤٠- قوله تعالى :﴿ ومن يفعل ذلك ﴾ يتناول جميع ما تقدم، فيكون القتل والزنا يعاقب عليهما، كما يعاقب على دعوى الإله مع الله تعالى. ولولا أن الكافر مخاطب بفروع الشرائع وإلا لما انتظم هذا الكلام. ( الاستغناء : ٥٧٣ ).
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٨:٩٣٩- قوله تعالى :﴿ إلا من تاب ﴾ في ظاهر اللفظ إنما هو عائد على الضمير الكائن في " يفعل " بعد " من " وهو في جملة واحدة. أو يلاحظ فيه أن نفس الجمل الثلاثة المتقدمة. وقد اختصر الكلام فيها بذكر " من " لئلا يطول الكلام بإعادة تلك الجمل على حالها، مع أن الجمل السابقة لم يكن فيها هذا الفعل، بل يقتضيه. ( شرح التنقيح : ١٦٤ ).

٩٤٠-
قوله تعالى :﴿ ومن يفعل ذلك ﴾ يتناول جميع ما تقدم، فيكون القتل والزنا يعاقب عليهما، كما يعاقب على دعوى الإله مع الله تعالى. ولولا أن الكافر مخاطب بفروع الشرائع وإلا لما انتظم هذا الكلام. ( الاستغناء : ٥٧٣ ).

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٨:٩٣٩- قوله تعالى :﴿ إلا من تاب ﴾ في ظاهر اللفظ إنما هو عائد على الضمير الكائن في " يفعل " بعد " من " وهو في جملة واحدة. أو يلاحظ فيه أن نفس الجمل الثلاثة المتقدمة. وقد اختصر الكلام فيها بذكر " من " لئلا يطول الكلام بإعادة تلك الجمل على حالها، مع أن الجمل السابقة لم يكن فيها هذا الفعل، بل يقتضيه. ( شرح التنقيح : ١٦٤ ).

٩٤٠-
قوله تعالى :﴿ ومن يفعل ذلك ﴾ يتناول جميع ما تقدم، فيكون القتل والزنا يعاقب عليهما، كما يعاقب على دعوى الإله مع الله تعالى. ولولا أن الكافر مخاطب بفروع الشرائع وإلا لما انتظم هذا الكلام. ( الاستغناء : ٥٧٣ ).

سورة الفرقان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الفُرْقان) من السُّوَر المكِّية التي تحدَّثتْ عن معجزةِ النبي صلى الله عليه وسلم، وما أيَّده اللهُ به؛ وهو هذا القرآنُ الكريم، ودلَّلت السورة على أن هذا الكتابَ جاء فُرْقانًا بين الحق والباطل؛ فلم يترُكْ خيرًا إلا دلَّ عليه، ولم يترُكْ شرًّا إلا حذَّر منه، وقد جاءت هذه السورة بشُبهاتِ الكفار والمعانِدين، ورَدَّتْها بما يؤيد صِدْقَ رسالته صلى الله عليه وسلم، وقد أقامت الحُجَّةَ على كلِّ مَن ترك الحقَّ ومال إلى الباطل؛ لأن اللهَ أوضَحَ طريقَ الحق، وأبانه أيَّما بيانٍ؛ فللهِ الحُجَّةُ البالغة!

ترتيبها المصحفي
25
نوعها
مكية
ألفاظها
897
ترتيب نزولها
42
العد المدني الأول
77
العد المدني الأخير
77
العد البصري
77
العد الكوفي
77
العد الشامي
77

* قوله تعالى: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «سألتُ أو سُئِلَ رسولُ اللهِ ﷺ: أيُّ الذَّنْبِ عند اللهِ أكبَرُ؟ قال: «أن تَجعَلَ للهِ نِدًّا وهو خلَقَك»، قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: «ثم أن تقتُلَ ولَدَك خشيةَ أن يَطعَمَ معك»، قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: أن تُزَانِيَ بحَلِيلةِ جارِك»، قال: ونزَلتْ هذه الآيةُ تصديقًا لقولِ رسولِ اللهِ ﷺ: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]». أخرجه البخاري (٤٧٦١).

وفيها سببٌ آخَرُ:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ ناسًا مِن أهلِ الشِّرْكِ كانوا قد قتَلوا وأكثَروا، وزَنَوْا وأكثَروا، فأتَوْا مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنَّ الذي تقولُ وتدعو إليه لَحسَنٌ، لو تُخبِرُنا أنَّ لِما عَمِلْنا كفَّارةً؛ فنزَلَ: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]، ونزَلتْ: {قُلْ ‌يَٰعِبَادِيَ ‌اْلَّذِينَ ‌أَسْرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اْللَّهِۚ} [الزمر: 53]». أخرجه البخاري (٤٨١٠).

* قوله تعالى: {إِلَّا ‌مَن ‌تَابَ ‌وَءَامَنَ ‌وَعَمِلَ ‌عَمَلٗا ‌صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ اْللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ اْللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} [الفرقان: 70]:

عن سعيدِ بن جُبَيرٍ رحمه الله، قال: «قال ابنُ أَبْزَى: سَلِ ابنَ عباسٍ عن قولِه تعالى: {وَمَن ‌يَقْتُلْ مُؤْمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا} [النساء: 93]، وقولِه: {وَلَا ‌يَقْتُلُونَ ‌اْلنَّفْسَ ‌اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ} [الفرقان: 68] حتى بلَغَ: {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ} [الفرقان: 70]،  فسألْتُه، فقال: لمَّا نزَلتْ، قال أهلُ مكَّةَ: فقد عدَلْنا باللهِ، وقد قتَلْنا النَّفْسَ التي حرَّمَ اللهُ إلا بالحقِّ، وأتَيْنا الفواحشَ؛ فأنزَلَ اللهُ: {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا} إلى قولِه: {غَفُورٗا رَّحِيمٗا} [الفرقان: 70]». أخرجه البخاري (٤٧٦٥).

* سورة (الفُرْقان):

سُمِّيت سورةُ (الفُرْقان) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (الفُرْقان) في افتتاحها، وهو اسمٌ من أسماء القرآن الكريم.

تضمَّنتْ سورةُ (الفُرْقان) عِدَّة موضوعات؛ جاءت على النحو الآتي:

1. صفات الإلهِ الحقِّ، وعَجْزُ الآلهة المزيَّفة (١-٣).

2. شُبهاتهم حول القرآن، وردُّها (٤-٦).

3. شُبهاتهم حول الرسول، وردُّها (٧-١٠).

4. الدوافع الحقيقية وراء تكذيبهم (١١-١٩).

5. سُنَّة الله في اختيار المرسَلين، وعادة المكذِّبين (٢٠-٢٩).

6. شكوى الرسول من قومه، وتَسْليتُه (٣٠-٤٠).

7. الاستهزاء والسُّخْريَّة سلاح العاجز (٤١-٤٤).

8. الحقائق الكونية في القرآن من دلائل النُّبوة (٤٥-٥٥).

9. مهمة الرسول ونهجُه في دعوة المعانِدين (٥٦-٦٢).

10. ثمرات الرسالة الربانية (٦٣-٧٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /270).

مقصدُ السُّورة الأعظم: إظهارُ شَرَفِ الداعي صلى الله عليه وسلم؛ بإنذارِ المكلَّفين عامةً بما له سبحانه من القدرة الشاملة، المستلزم للعلم التامِّ، المدلول عليه بهذا القرآنِ المبين، المستلزم لأنه لا موجودَ على الحقيقة سِوى مَن أنزله؛ فهو الحقُّ، وما سِواه باطلٌ.

وتسميتُها بـ(الفُرْقان) واضحُ الدَّلالة على ذلك؛ فإن الكتابَ ما نزل إلا للتفرقة بين الملتبِسات، وتمييزِ الحقِّ من الباطل؛ ليَهلِكَ مَن هلَك عن بيِّنة، ويَحيَى مَن حَيَّ عن بيِّنة؛ فلا يكون لأحدٍ على الله حُجَّةٌ، وللهِ الحُجَّة البالغة!

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /317).