تفسير سورة ص

جهود القرافي في التفسير

تفسير سورة سورة ص من كتاب جهود القرافي في التفسير
لمؤلفه القرافي . المتوفي سنة 684 هـ

إن الخصم في اللغة يصدق على الفرد والمثنى والجمع. تقول العرب : رجل خصم ورجلان خصم ورجال خصم، كما تقول : رجل ضيف، ورجلان ضيف، ورجال ضيف، فلما كان الخصم يطلق واحده على الجمع أطلقت تثنيته على الجمع. ( شرح التنقيح : ٢٣٦ )
قوله تعالى :﴿ إذ تسوروا المحراب ﴾ كانوا اثنين. ( العقد المنظوم : ٢/١٦٧ )
" كثير " أمر كلي مشترك بين المحال التي يصدق على كل واحد منها أنه كثير، وقد استثنى منها المؤمنين، فيبقى الحكم ثابتا في غير ذلك المحل مضافا لذلك الكلي، وهو مفهوم " كثير ". ( الاستغناء : ٥٢٣ )
استثنى عموما غير متناه مضبوطا بصيغته من نكرة غير محصورة، وهو " كثير من الخلطاء " الذي يصدق بعشرة من الخلطاء، فإنها عدد كثير. ( نفسه : ٢٩٣ )
تدبر الكلام هو رده إلى دبره، وهو المعنى الخفي بدليل مرشد له. ( الذخيرة : ١٣/٢٣٦ )
الضمير المستتر في ﴿ توارت ﴾ عائد على الشمس، ولم يتقدم ذكرها، بل عاد الضمير على معلوم، وهو كثير في القرآن والسنة وكلام العرب. ( العقد المنظوم : ٢/٤٦٦ )
قال ابن العربي : كنت ببغداد، فسمعت امرأة تقول لجارتها : إن مذهب ابن عباس ليس بصحيح في الاستثناء.
قالت لها : ولم ذلك ؟
قالت لها : لأن الله تعالى قال لأيوب عليه السلام :﴿ وخذ بيمينك ضغثا فاضرب به ولا تحنث ﴾ فلو كان الاستثناء بمشيئة الله تعالى صحيحا بعد انفصال اليمين وطول الزمان، لقال الله تعالى : " استثن بمشيئة الله تنحل يمينك " ولم تكن هناك ضرورة لهذا التحيل بالضغث.
قال ابن العربي : فانظر إلى ملك تكون نساؤهم بهذا الطور من العقل فكيف تكون رجالهم.
المراد : آدم عليه السلام.
فائدة : وردت النصوص بإفراد اليد وتثنيتها وجمعها :﴿ يد الله فوق أيديهم ﴾، ﴿ لما خلقت بيدي ﴾، ﴿ أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا وأنعاما فهم لها مالكون ﴾ مع أن المتجوز إليه واحد في نفسه، وهو القدرة. وسببه أن القدرة لها متعلق، فإن عبر عن القدرة باعتبار ذاتها أفردت أو باعتبار متعلقاتها جمعت، أو باعتبار أن متعلقاتها قسمان ثنيت، واختلف في تقدير التثنية، فقيل : الجواهر والأعراض إذ لم توجد القدرة غيرهما أو أمر الدنيا وأمر الآخرة، أو الخيور والشرور. ( الذخيرة : ١٣/٢٣٦ )
سورة ص
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (ص) من السُّوَر المكِّية، افتُتِحت بالإشارة إلى عظمةِ القرآن، وما كان من الكفار مِن تعجُّبٍ وتعنُّتٍ واستكبار، وقد ذكَّرهم اللهُ بما نال أسلافَهم من العذاب؛ تحذيرًا لهم، ودعوةً إلى الإيمان بالله والرُّجوع إلى الحق، كما جاءت السورةُ على ذِكْرِ قصص الأنبياء، وبيانِ مهمة الأنبياء، مختتمةً بذِكْرِ خَلْقِ الله لآدمَ وإكرامِه.

ترتيبها المصحفي
38
نوعها
مكية
ألفاظها
736
ترتيب نزولها
38
العد المدني الأول
86
العد المدني الأخير
86
العد البصري
86
العد الكوفي
88
العد الشامي
86

* سورة (ص):

سُمِّيت سورةُ (ص) بهذا الاسم؛ لافتتاحِها بهذا اللفظ.

* هي السُّورة التي سجَد لسماعها الشَّجَرُ واللَّوح، والدَّواةُ والقلم:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «جاءَ رجُلٌ إلى النبيِّ ﷺ، فقال: يا رسولَ اللهِ، رأَيْتُ كأنِّي نائمٌ إلى جَنْبِ شجرةٍ وأنا أقرَأُ سورةَ {صٓ}، فلمَّا بلَغْتُ إلى قولِه تعالى: {وَخَرَّۤ رَاكِعٗاۤ وَأَنَابَ ۩} [ص: 24]، سجَدتُّ، فرأَيْتُ الشَّجرةَ سجَدتْ، وقالت: يا ربِّ، أعظِمْ بها أجري، واجعَلْها لي عندك ذُخْرًا، وتقبَّلْها منِّي كما تقبَّلْتَ مِن عبدِك داودَ». قال ابنُ عباسٍ: «رأيتُ النبيَّ ﷺ سجَدَ، وقال في سجودِه ما قال ذلك الرَّجُلُ حاكيًا عن تلكَ الشجرةِ». "الإرشاد في معرفة علماء الحديث" للخليلي (1 /353).
وقريبٌ منه ما جاء عن أبي سعيدٍ - رضي الله عنه -، قال: «رأيتُ رُؤْيا وأنا أكتُبُ سورةَ {صٓ}، قال: فلمَّا بلَغْتُ السَّجْدةَ، رأَيْتُ الدَّواةَ والقلَمَ وكلَّ شيءٍ بحَضْرتي انقلَبَ ساجدًا، قال: فقصَصْتُها على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فلم يَزَلْ يسجُدُ بها». أخرجه أحمد (11799).

اشتمَلتْ سورةُ (ص) على الموضوعات الآتية:

1. موقف الكافرين من القرآن (١-١١).

2. تذكير الكافرين بما نال أسلافَهم من العذاب (١٢-١٦).

3. قصص الأنبياء (١٧-٥٤).

4. قصة داودَ (١٧-٢٦).

5. الحِكْمة من خَلْقِ الأكوان، وإنزالِ القرآن (٢٧-٢٩).

6. قصة سُلَيمانَ (٣٠-٤٠).

7. قصة أيُّوبَ (٤١-٤٤).

8. قصة إبراهيمَ وذُرِّيته (٤٥-٥٤).

9. عقاب الطاغين الأشقياء (٥٥-٦٤).

10. مهمة الرسول، ووَحْدانية الله (٦٥-٧٠).

11. خَلْقُ آدمَ وإكرامُه (٧١-٨٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /439).

مقصدُ سورة (ص) هو بيانُ موقفِ الكفار من هذا الكتابِ، وتعنُّتِهم واستكبارهم، وخِذْلانِ الله لهم، وكذلك بيان نُصْرةِ الله لجنده، وعِزَّةِ المؤمنين وقُوَّتهم بعد ضَعْفٍ، وإعلائهم بمَعِيَّةِ الله لهم.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /416).