تفسير سورة ص

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة ص من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿ذِي الذِّكْرِ﴾ الشَّرَفِ والبيانِ والموعظةِ، والبيانِ لما يحتاجُه الناسُ.
﴿فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾ في حميَّةٍ وَتَكَبُّرٍ عن الإيمانِ بهذا القرآنِ والإذعانِ له: ﴿وَشِقَاقٍ﴾ وَمُخَالَفَةٍ وَمُعَانَدَةٍ للهِ وَرَسُولِهِ.
﴿فَنَادَوْا﴾ اسْتَغَاثُوا أو دَعَوْا حين رَأَوُا العذابَ.
﴿وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ﴾ أَيْ لَيْسَ حِينَ فِرَارٌ، والمنَاصُ: مَصْدَرُ نَاصَ يَنُوصُ نَوْصًا وَمَنَاصًا، وهو الفِرَارُ والمَهْرَبُ، وقيل: المَطْلَبُ، وقيل: التَّأَخّرُ، والمعنى: لا مَنْجَى وَلَا فَوْتَ.
﴿عُجَابٌ﴾ العُجَابُ وَالْعَجِيبُ بِمَعْنًى.
﴿فَلْيَرْتَقُوا﴾ الأمرُ للتعجيزِ أي: فَلْيَصْعَدُوا.
﴿فِي الْأَسْبَابِ﴾ أبوابِ السَّمَاءِ.
﴿فَوَاقٍ﴾ رَاحَةٍ وَإِفَاقَةٍ، وبالضَّمِّ: ما بَيْنَ الحَلْبَتَيْنِ أي: ما لها انْتِظَارٌ، وقيل: هما سَوَاءٌ.
﴿قِطَّنَا﴾ حَظَّنَا، أي: ما كَتَبْتَ لنا من الرزق، وقيل: من الجنة، وقيل: من العَذَابِ.
﴿ذَا الْأَيْدِ﴾ القُوَّةِ.
﴿أَوَّابٌ﴾ رَجَّاعٌ إلى الله.
﴿بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾ أي: في طَرَفَيِ النَّهَارِ؛ إذ العشيُّ من وقت الزوال إلى الليل، والإشراقُ: ابيضاضُ الشمسِ بعد طُلُوعِهَا، وهو وقتُ الضُّحَى، يقال: شَرَقَتِ الشَّمْسُ إذا طَلَعَتْ، وَأَشْرَقَتْ إذا أَضَاءَتْ.
﴿وَالطّيْرَ مَحْشُورَةً﴾ أي: مُجْتَمِعَةً حَوْلَهُ.
﴿وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ القضاءَ بالعَدْلِ، والكلامِ البَيِّنِ، وقيل: «أَمَّا بَعْدُ» قِيلَ: هُوَ أولُ مَنْ قَالَها، وقيل: تَكْلِيفَ المُدَّعِي البَيِّنَةَ والمُنْكِرَ اليَمِينَ.
﴿وَلَا تُشْطِطْ﴾ ولا تَجُرْ في حُكْمِكَ، والشَّطَطُ: مُجَاوَزَةُ الحَدِّ، وَتَخَطِّي الحَقِّ.
﴿إِنَّ هَذَا أَخِي﴾ نَصَّ عَلَى الأُخُوَّةِ في الدِّينِ أو النَّسَبِ أو الصداقةِ؛ لاقتضائها عدمَ البَغْيِ، وأن بغيةَ الصادرِ منه أعظمُ مِنْ غَيْرِهِ.
﴿لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً﴾ النَّعْجَةُ: أُنْثَى الغَنَمِ.
﴿أَكْفِلْنِيهَا﴾ أَعْطِنِيهَا، وَاجْعَلْهَا لي في مِلْكِي وَكَفَالَتِي.
﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ غَلَبَنِي في القولِ والجدالِ.
﴿الْخُلَطَاء﴾ أي الشركاءِ في زَرْعٍ أو مَاشِيَةٍ أو تِجَارَةٍ.
﴿لَزُلْفَى﴾ لَقُرْبَى وَمَكَانَةً رَفِيعَةً.
﴿وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ وَحُسْنَ مَرْجِعٍ.
﴿الصَّافِنَاتُ﴾ أي الَّتِي تَرْفَعُ إحدى يديها أو رجليها وتقف عَلَى مُقَدَّمِ حافرها، والصافناتُ وصفٌ لموصوفٍ محذوفٍ اسْتُغْنِيَ عن ذكره لدلالة الصفةِ عَلَيْهِ؛ لأن الصافنَ لا يكون إلا من الخيلِ.
﴿الْجِيَادُ﴾ السِّرَاعُ، جمع جَوَادٍ، سُمِّيَتْ بذلك؛ لأنها تَجُودُ بالرَّكْضِ، والمعنى: أنها إذا اسْتُوقِفَتْ سَكَنَتْ، وإذا رَكَضَتْ سَبَقَتْ.
﴿حُبَّ الخَيْرِ﴾ الخَيْلِ، وقيل: المالِ.
﴿حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ حتى تَوَارَتِ الخيلُ بأن دَخَلَتِ اصْطَبْلَاتِهَا، والأكثر: أنها الشمسُ؛ بدلالةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿بِالْعَشِيِّ﴾.
﴿فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ﴾ جَعَلَ يَمْسَحُ سُوقَ الخَيْلِ وَأَعْنَاقَهَا مَسْحًا بِيَدِهِ محبَّةً لها، وقيل: كَوَى سُوقَهَا وَأَعْنَاقَهَا وَحَبَسَهَا في سبيلِ اللهِ، وقيل: قَطَعَ أَعْنَاقَهَا وَسُوقَهَا بالسيفِ؛ وهو بَعِيدٌ -وإن قال به الجمهورُ- لأنه لا ذَنْبَ لها؛ ولا دليلَ عليه، والسُّوقُ: جَمْعُ سَاقٍ.
﴿جَسَدًا﴾ شِقُّ رجلٍ.
﴿رُخَاءً﴾ أي رَخْوَةً لَيِّنَةً.
﴿حَيْثُ أَصَابَ﴾ حَيْثُ أَرَادَ، والعربُ تقول: أَصَابَ الصَّوَابَ، وَأَخْطَأَ الجوابَ؛ أي: أراد الصوابَ وأَخْطَأَ الجَوَابَ.
﴿بَنَّاء﴾ البَنَّاءُ: الَّذِي يَبْنِي، وهو اسمُ فاعلٍ مَصُوغٌ عَلَى زِنَةِ المبالغةِ للدلالةِ عَلَى معنى الصناعةِ مِثْلَ نَجَّارٍ وَحَدَّادٍ.
﴿وَغَوَّاصٍ﴾ الَّذِي يَغُوصُ في البَحْرِ.
﴿مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾ مَشْدُودِينَ في القيودِ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ للتَّأْدِيبِ، والأَصْفَادُ: جَمْعُ صَفَدٍ، وهو القيدُ والغُلُّ الَّذِي يُوثَقُ به الأَسِيرُ.
﴿فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ أي: أَعْطِ مَنْ شِئْتَ وَأَطْلِقْ مَنْ شِئْتَ وَاحْبِسْ مَنْ شِئْتَ.
﴿بِنُصْبٍ﴾ بِمَشَقَّةٍ وَضُرٍّ وَشَرٍّ.
﴿وَعَذَابٍ﴾ ما أَصَابَ نَفْسَهُ وَجَسَدَهُ، وَأَسْنَدَ المَسَّ إلى الشيطانِ لما وَسْوَسَ له في مَرَضِهِ من الجَزَعِ وَكَرَاهَةِ البَلَاءِ، ولأنَّ الشرَّ يُنْسَبُ إليه.
﴿ضِغْثًا﴾ حِزْمَةً من الحشيشِ أو العِيدَانِ.
﴿أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ﴾ اصْطَفَيْنَاهُمْ، وَجَعَلْنَاهُمْ لنا خَالِصِينَ ﴿بِخَالِصَةٍ﴾ أي: بِخَصْلَةٍ خَالِصَةٍ لا شَوْبَ فيها، وهي: ﴿ذِكْرَى الدَّارِ﴾ الآخِرَةِ، فلقد كانوا يَذْكُرُونَ الآخرةَ ويعملون لها، ويُذَكِّرونَ الناسَ بها، وَيَدْعُونَهُمْ إليها.
﴿أَتْرَابٌ﴾ مُستَوِياتٌ في العُمْرِ.
﴿نَفَادٍ﴾ انْقِطَاعٌ.
﴿وَغَسَّاقٌ﴾ ما يَغْسِقُ من صديدِ أهلِ النارِ، أي يَسِيلُ.
﴿مِن شَكْلِهِ﴾ من مثل الحميمِ والغساقِ: ﴿أَزْوَاجٌ﴾ أَصْنَافٌ أُخَرُ من العذابِ.
﴿مُقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ﴾ أي: دَاخِلُونَ مَعَكُمْ، والاقتحامُ: الدخولُ في الشيءِ بشدةٍ وصعوبةٍ.
﴿مِنَ المُتَكَلِّفِينَ﴾ التَّكَلُّفُ ومعالجة الكُلْفَةِ وهي ما يَشُقُّ عَلَى المرءِ عَمَلُهُ وَالْتِزَامُهُ لِكَوْنِهِ يُحْرِجُهُ أو يَشُقُّ عليه، ومادةُ التَّفَعُّلِ تدل عَلَى معالجةِ ما ليس بِسَهْلٍ، فالمتكلفُ هُوَ الَّذِي يَتَطَلَّبُ ما ليس له، أو يَدَّعِي عِلْمَ ما لا يَعْلَمُهُ، فالمعنى هنا: ما أنا بِمُدَّعِي النبوةِ باطلًا من غير ما يُوحَى إِلَيَّ.
86
سُورة الزُّمَرِ
سورة ص
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (ص) من السُّوَر المكِّية، افتُتِحت بالإشارة إلى عظمةِ القرآن، وما كان من الكفار مِن تعجُّبٍ وتعنُّتٍ واستكبار، وقد ذكَّرهم اللهُ بما نال أسلافَهم من العذاب؛ تحذيرًا لهم، ودعوةً إلى الإيمان بالله والرُّجوع إلى الحق، كما جاءت السورةُ على ذِكْرِ قصص الأنبياء، وبيانِ مهمة الأنبياء، مختتمةً بذِكْرِ خَلْقِ الله لآدمَ وإكرامِه.

ترتيبها المصحفي
38
نوعها
مكية
ألفاظها
736
ترتيب نزولها
38
العد المدني الأول
86
العد المدني الأخير
86
العد البصري
86
العد الكوفي
88
العد الشامي
86

* سورة (ص):

سُمِّيت سورةُ (ص) بهذا الاسم؛ لافتتاحِها بهذا اللفظ.

* هي السُّورة التي سجَد لسماعها الشَّجَرُ واللَّوح، والدَّواةُ والقلم:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «جاءَ رجُلٌ إلى النبيِّ ﷺ، فقال: يا رسولَ اللهِ، رأَيْتُ كأنِّي نائمٌ إلى جَنْبِ شجرةٍ وأنا أقرَأُ سورةَ {صٓ}، فلمَّا بلَغْتُ إلى قولِه تعالى: {وَخَرَّۤ رَاكِعٗاۤ وَأَنَابَ ۩} [ص: 24]، سجَدتُّ، فرأَيْتُ الشَّجرةَ سجَدتْ، وقالت: يا ربِّ، أعظِمْ بها أجري، واجعَلْها لي عندك ذُخْرًا، وتقبَّلْها منِّي كما تقبَّلْتَ مِن عبدِك داودَ». قال ابنُ عباسٍ: «رأيتُ النبيَّ ﷺ سجَدَ، وقال في سجودِه ما قال ذلك الرَّجُلُ حاكيًا عن تلكَ الشجرةِ». "الإرشاد في معرفة علماء الحديث" للخليلي (1 /353).
وقريبٌ منه ما جاء عن أبي سعيدٍ - رضي الله عنه -، قال: «رأيتُ رُؤْيا وأنا أكتُبُ سورةَ {صٓ}، قال: فلمَّا بلَغْتُ السَّجْدةَ، رأَيْتُ الدَّواةَ والقلَمَ وكلَّ شيءٍ بحَضْرتي انقلَبَ ساجدًا، قال: فقصَصْتُها على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فلم يَزَلْ يسجُدُ بها». أخرجه أحمد (11799).

اشتمَلتْ سورةُ (ص) على الموضوعات الآتية:

1. موقف الكافرين من القرآن (١-١١).

2. تذكير الكافرين بما نال أسلافَهم من العذاب (١٢-١٦).

3. قصص الأنبياء (١٧-٥٤).

4. قصة داودَ (١٧-٢٦).

5. الحِكْمة من خَلْقِ الأكوان، وإنزالِ القرآن (٢٧-٢٩).

6. قصة سُلَيمانَ (٣٠-٤٠).

7. قصة أيُّوبَ (٤١-٤٤).

8. قصة إبراهيمَ وذُرِّيته (٤٥-٥٤).

9. عقاب الطاغين الأشقياء (٥٥-٦٤).

10. مهمة الرسول، ووَحْدانية الله (٦٥-٧٠).

11. خَلْقُ آدمَ وإكرامُه (٧١-٨٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /439).

مقصدُ سورة (ص) هو بيانُ موقفِ الكفار من هذا الكتابِ، وتعنُّتِهم واستكبارهم، وخِذْلانِ الله لهم، وكذلك بيان نُصْرةِ الله لجنده، وعِزَّةِ المؤمنين وقُوَّتهم بعد ضَعْفٍ، وإعلائهم بمَعِيَّةِ الله لهم.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /416).