تفسير سورة ص

أسباب نزول القرآن - الواحدي

تفسير سورة سورة ص من كتاب أسباب نزول القرآن - الواحدي
لمؤلفه .

[قوله تعالى: ﴿أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً...﴾] [٥].
أخبرنا أبو القاسم بن أبي نصر الخزاعي قال: حدَّثنا محمد بن عبد الله بن حمدويه، قال: أخبرنا أبو بكر بن [أبي] دَارِم الحافظ، قال: حدَّثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدَّثنا أبي قال: حدَّثنا محمد بن عبد الله الأسدي، قال: حدَّثنا سفيان، عن الأعمش، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال:
مرض أبو طالب، فجاءت قريش، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم، وعند رأس أبي طالب مجلس رجل، فقام أبو جهل كي يمنعه ذلك، فشكوه إلى أبي طالب فقال: يا ابن أخي ما تريد من قومك؟ قال: عم إنما أريد منهم كلمة تذل لهم بها العرب وتؤدي إليهم الجزية بها العجم [قال: وما الكلمة؟] قال: كلمة واحدة، قال: ما هي؟ قال: لا إله إلا الله، فقالوا: أجَعَلَ الآلهة إلهاً واحداً؟ قال: فنزل فيهم القرآن: ﴿صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ * بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾ حتى بلغ ﴿إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ﴾.
قال المفسرون: لما أسلم عمر بن الخطاب شق ذلك على قريش وفرح المؤمنون. قال الوليد بن المغيرة للملإ من قريش - وهم الصَّنادِيدُ والأشراف -: امشوا إلى أبي طالب. فأتوه فقالوا له: أنت شيخنا وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء، وإنا أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك. فأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال [له:] يا ابن أخي، هؤلاء قومك يسألونك ذا السَّوَاء فلا تَمِلْ كلَّ الميل على قومك. فقال: وماذا يسألوني؟ قالوا: ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم؟ فقال أبو جهل: لله أبوك لنعطينكها وعشر أمثالها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قولوا لا إله إلا الله. فنفروا من ذلك وقاموا فقالوا: أَجَعَلَ الآلهة إلهاً واحداً كيف يسع الخلق كلهم إله واحد؟ فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآيات [إلى قوله]: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ﴾.
سورة ص
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (ص) من السُّوَر المكِّية، افتُتِحت بالإشارة إلى عظمةِ القرآن، وما كان من الكفار مِن تعجُّبٍ وتعنُّتٍ واستكبار، وقد ذكَّرهم اللهُ بما نال أسلافَهم من العذاب؛ تحذيرًا لهم، ودعوةً إلى الإيمان بالله والرُّجوع إلى الحق، كما جاءت السورةُ على ذِكْرِ قصص الأنبياء، وبيانِ مهمة الأنبياء، مختتمةً بذِكْرِ خَلْقِ الله لآدمَ وإكرامِه.

ترتيبها المصحفي
38
نوعها
مكية
ألفاظها
736
ترتيب نزولها
38
العد المدني الأول
86
العد المدني الأخير
86
العد البصري
86
العد الكوفي
88
العد الشامي
86

* سورة (ص):

سُمِّيت سورةُ (ص) بهذا الاسم؛ لافتتاحِها بهذا اللفظ.

* هي السُّورة التي سجَد لسماعها الشَّجَرُ واللَّوح، والدَّواةُ والقلم:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «جاءَ رجُلٌ إلى النبيِّ ﷺ، فقال: يا رسولَ اللهِ، رأَيْتُ كأنِّي نائمٌ إلى جَنْبِ شجرةٍ وأنا أقرَأُ سورةَ {صٓ}، فلمَّا بلَغْتُ إلى قولِه تعالى: {وَخَرَّۤ رَاكِعٗاۤ وَأَنَابَ ۩} [ص: 24]، سجَدتُّ، فرأَيْتُ الشَّجرةَ سجَدتْ، وقالت: يا ربِّ، أعظِمْ بها أجري، واجعَلْها لي عندك ذُخْرًا، وتقبَّلْها منِّي كما تقبَّلْتَ مِن عبدِك داودَ». قال ابنُ عباسٍ: «رأيتُ النبيَّ ﷺ سجَدَ، وقال في سجودِه ما قال ذلك الرَّجُلُ حاكيًا عن تلكَ الشجرةِ». "الإرشاد في معرفة علماء الحديث" للخليلي (1 /353).
وقريبٌ منه ما جاء عن أبي سعيدٍ - رضي الله عنه -، قال: «رأيتُ رُؤْيا وأنا أكتُبُ سورةَ {صٓ}، قال: فلمَّا بلَغْتُ السَّجْدةَ، رأَيْتُ الدَّواةَ والقلَمَ وكلَّ شيءٍ بحَضْرتي انقلَبَ ساجدًا، قال: فقصَصْتُها على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فلم يَزَلْ يسجُدُ بها». أخرجه أحمد (11799).

اشتمَلتْ سورةُ (ص) على الموضوعات الآتية:

1. موقف الكافرين من القرآن (١-١١).

2. تذكير الكافرين بما نال أسلافَهم من العذاب (١٢-١٦).

3. قصص الأنبياء (١٧-٥٤).

4. قصة داودَ (١٧-٢٦).

5. الحِكْمة من خَلْقِ الأكوان، وإنزالِ القرآن (٢٧-٢٩).

6. قصة سُلَيمانَ (٣٠-٤٠).

7. قصة أيُّوبَ (٤١-٤٤).

8. قصة إبراهيمَ وذُرِّيته (٤٥-٥٤).

9. عقاب الطاغين الأشقياء (٥٥-٦٤).

10. مهمة الرسول، ووَحْدانية الله (٦٥-٧٠).

11. خَلْقُ آدمَ وإكرامُه (٧١-٨٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /439).

مقصدُ سورة (ص) هو بيانُ موقفِ الكفار من هذا الكتابِ، وتعنُّتِهم واستكبارهم، وخِذْلانِ الله لهم، وكذلك بيان نُصْرةِ الله لجنده، وعِزَّةِ المؤمنين وقُوَّتهم بعد ضَعْفٍ، وإعلائهم بمَعِيَّةِ الله لهم.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /416).