تفسير سورة الصف

تفسير ابن أبي حاتم

تفسير سورة سورة الصف من كتاب تفسير ابن أبي حاتم المعروف بـتفسير ابن أبي حاتم.
لمؤلفه ابن أبي حاتم الرازي . المتوفي سنة 327 هـ

حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي قراءة قال : أخبرني أبي سمعت الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الله بن سلام. أن أناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : لو أرسلنا إلى رسول الله نسأله عن أحب الأعمال إلى الله عز وجل ؟ فلم يذهب إليه أحد منا وهبنا أن نسأله عن ذلك، قال : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر رجلا رجلا حتى جمعهم، ونزلت فيهم هذه السورة :﴿ سبح ﴾ الصف.
سُورَةُ الصَّفِّ
٦١ [١٨٨٨٠]
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ الْبَيْرُوتِيُّ قِرَاءَةً قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ أَنَّ أُنَاساً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: لَوْ أَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ نَسْأَلُهُ عَنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ فَلَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنَّا وَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ النَّفَرَ رَجُلًا رَجُلًا حَتَّى جَمَعَهُمْ، وَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ السُّورَةُ:
سَبَّحَ الصَّفَّ «١».
قَوْلُهُ تَعَالَى: لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ
١٨٨٨١ - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِيلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ أَبُو مُوسَى إِلَى قُرَّاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ ثَلاثُمِائَةِ رَجُلٍ، كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَقَالَ:
أَنْتُمْ قراء أهل البصرة وخيارهم. وقال: كُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً كُنَّا نُشَبِّهُهَا بِإِحْدَى الْمُسَبِّحَاتِ، فأنسيناها، غير أني قد حَفِظْتُ مِنْهَا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ فَتُكْتَبُ شَهَادَةً فِي أَعْنَاقِكُمْ، فَتُسْأَلُونَ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ «٢».
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
١٨٨٨٢ - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ يَعْنِي ابْنَ شَيْبَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: قَالَ مُطَرِّفٌ: كَانَ يَبْلُغْنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ حَدِيثٌ كُنْتُ أَشْتَهِي لِقَاءَهُ، فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ كَانَ يَبْلُغُنِي عَنْكَ حَدِيثٌ فَكُنْتُ أَشْتَهِي لِقَاءَكَ. فَقَالَ: لِلَّهِ أَبُوكَ! فَقَدْ لَقِيتَ، فَهَاتِ: فَقُلْتُ: كَانَ يَبْلُغُنِي عَنْكَ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَكُمْ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ ثَلاثَةً وَيَبْغَضُ ثَلاثَةً؟
قَالَ: أَجَلْ، فَلا إِخَالُنِي أَكْذِبُ عَلَي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: فَمَنْ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ؟ قَالَ: رَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، خَرَجَ مَحْتَسِبًا مُجَاهِدًا فَلَقَيَ الْعَدُوَّ فَقُتِلَ، وَأَنْتُمْ تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ، ثُمَّ قَرَأَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ... وذكر الحديث «٣».
(١) ابن كثير ٨/ ١٣٠
(٢) ابن كثير ٨/ ١٣٣
(٣) مسند الإمام أحمد ٣/ ٨٠ وابن كثير ٣/ ١٧٨.
عن مقاتل قال : قال المؤمنون : لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لعملناه فدلهم على أحب الأعمال إليه فقال :﴿ إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا ﴾ فبين لهم فابتلوا يوم أحد بذلك فولوا عن النبي صلى الله عليه وسلم مدبرين فأنزل الله في ذلك :﴿ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ﴾.
قوله تعالى :﴿ إن الله يحب ﴾ حدثنا أبي، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، حدثنا الأسود يعني ابن شيبان، حدثنا يزيد بن عبد الله بن الشخير قال : قال مطرف : كان يبلغني عن أبي ذر حديث كنت أشتهي لقاءه، فلقيته فقلت : يا أبا ذر كان يبلغني عنك حديث فكنت أشتهي لقاءك. فقال : لله أبوك ! فقد لقيت، فهات : فقلت : كان يبلغني عنك أنك تزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثكم أن الله يحب ثلاثة ويبغض ثلاثة ؟ قال : أجل، فلا أخالني أكذب علي خليلي صلى الله عليه وسلم. قلت : فمن هؤلاء الثلاثة الذين يحبهم الله ؟ قال : رجل غزا في سبيل الله، خرج محتسبا مجاهدا فلقي العدو فقتل، وأنتم تجدونه في كتاب الله المنزل، ثم قرأ :﴿ إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ﴾. . وذكر الحديث.
وعن كعب الأحبار أنه قال : يقول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم " عبدي المتوكل المختار ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، مولده بمكة، وهجرته بطابة، وملكه بالشام، وأمته الحمادون يحمدون الله على كل حال، وفي كل منزلة، لهم دوى كدوى النحل في جو السماء بالسحر، يوضون أطرافهم، ويأتزرون على أنصافهم، صفهم في القتال مثل صفهم في الصلاة " ثم قرأ :﴿ إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ﴾ رعاة الشمس، يصلون الصلاة حيث أدركتهم، ولو على ظهر دابة.
قوله تعالى :﴿ بنيان مرصوص ﴾ عن قتادة ﴿ كأنهم بنيان مرصوص ﴾ : ألم تر إلى صاحب البنيان، كيف لا يحب أن يختلف بنيانه ؟ فكذلك الله عز وجل لا يختلف أمره، وإن الله صف المؤمنين في قتالهم وصفهم في صلاتهم، فعليكم بأمر الله فإنه عصمة لمن أخذ به.
حدثنا علي بن المبارك في كتابه، حدثنا زيد بن المبارك، حدثنا محمد بن ثور عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في قوله :﴿ كأنهم بنيان مرصوص ﴾ قال : مثبت لا يزول ملصق بعضه ببعض.
١٨٨٨٣ - وَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَبْدِيَ الْمُتَوَكِّلُ الْمُخْتَارُ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا صَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلا يَجْزِي بِالسَّيْئَةِ السَّيْئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ، وَهِجْرَتُهُ بِطَابَةَ، وَمُلْكُهُ بِالشَّامِ، وَأُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَفيِ كُلِّ مَنْزِلَةٍ، لَهُمْ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ بِالسَّحَرِ، يُوَضُّونَ أَطْرَافَهُمْ، وَيَأْتَزِرُونَ عَلَى أَنْصَافِهِمْ، صَفُّهُمْ فِي الْقِتَالِ مِثْلُ صَفِّهِمْ فِي الصَّلاةِ» ثُمَّ قَرَأَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ رُعَاةُ الشَّمْسِ، يُصَلُّونَ الصَّلاةَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُمْ، وَلَوْ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ «١».
قَوْلُهُ تَعَالَى: بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ
١٨٨٨٤ - عَنْ قَتَادَةَ كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ: أَلَمْ تَرَ إِلَى صَاحِبِ الْبُنْيَانِ، كَيْفَ لَا يُحِبُّ أَنْ يَخْتَلِفَ بُنْيَانُهُ؟ فَكَذَلِكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَخْتَلِفُ أَمْرُهُ، وَإِنَّ اللَّهَ صَفَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي قِتَالِهِمْ وَصَفَّهُمْ فِي صَلاتِهِمْ، فَعَلَيْكُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ عِصْمَةٌ لِمَنْ أَخَذَ بِهِ «٢».
١٨٨٨٥ - عَنْ مُقَاتِلٍ قَالَ: قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: لَوْ نَعْلَمُ أَحَبَّ الْأَعْمَالُ إِلَى اللَّهِ لَعَمِلْنَاهَ فَدَلَّهُمْ عَلَى أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا فَبَيَّنَ لَهُمْ فَابْتُلُوا يَوْمَ أُحُدٍ بِذَلِكَ فَوَلَّوْا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدْبِرِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينُ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ «٣».
١٨٨٨٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ فِي كِتَابِهِ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ قَالَ:
مُثَبَّتٌ لَا يَزُولُ مُلْصَقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ «٤».
قَوْلُهُ تَعَالَى: تِجَارَةٍ
١٨٨٨٧ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ الْآيَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ الْمُسْلِمُونَ: لَوْ عَلِمْنَا مَا هَذِهِ التِّجَارَةُ لاعْطَيْنَا فِيهَا الْأَمْوَالَ والأهلين، فيبين لَهُمُ التِّجَارَةَ، فَقَالَ: تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ «٥».
١٨٨٨٨ - عَنْ قَتَادَةَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ الْآيَةَ قَالَ: فَلَوْلا أَنَّ اللَّهَ بَيَّنْهَا وَدَلَّ عَلَيْهَا لِلَهْفِ الرِّجَالِ أَنْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَهَا حَتَّى يَطْلُبُوهَا، ثُمَّ دَلَّهُمُ اللَّهُ عَلَيْهَا فَقَالَ: تُؤْمِنُونَ بالله ورسوله الآية «٦».
(١) ابن كثير ٨/ ١٣٤.
(٢) الدر ٨/ ١٤٦.
(٣) التغليق ٤/ ٣٤٠.
(٤) الدر ١٤٧.
(٥) الدر ١٤٧.
(٦) الدر ٨/ ١٥٢.
سورة الصف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الصَّفِّ) من السُّوَر المدنية، وهي من (المسبِّحات) التي تبدأ بـ{سَبَّحَ}، نزلت بعد سورة (التغابُنِ)، وقد طالبت المؤمنين بأن يكونوا على قلبِ رجلٍ واحد، متَّحِدِين بالتمسك بهذا الكتاب، وواقفين صفًّا واحدًا في الجهاد، والمحافظة على الجماعة ما أمكن، وهو مقصدٌ عظيم من مقاصد هذا الدِّين، ومصدر من مصادر قوة أتباعه.

ترتيبها المصحفي
61
نوعها
مدنية
ألفاظها
226
ترتيب نزولها
109
العد المدني الأول
14
العد المدني الأخير
14
العد البصري
14
العد الكوفي
14
العد الشامي
14

* قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1-2]:

عن عبدِ اللهِ بن سَلَامٍ رضي الله عنه، قال: «جلَسْتُ في نَفَرٍ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، فقلتُ: أيُّكم يأتي رسولَ اللهِ ﷺ فيَسألَه: أيُّ الأعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قال: فهِبْنا أن يَسألَه منَّا أحدٌ، قال: فأرسَلَ إلينا رسولُ اللهِ ﷺ يُفرِدُنا رجُلًا رجُلًا يَتخطَّى غيرَنا، فلمَّا اجتمَعْنا عنده، أومأَ بعضُنا إلى بعضٍ: لِأيِّ شيءٍ أرسَلَ إلينا؟ ففَزِعْنا أن يكونَ نزَلَ فينا، قال: فقرَأَ علينا رسولُ اللهِ ﷺ: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1-2]، قال: فقرَأَ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها»، ثم قرَأَ يحيى مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها، ثم قرَأَ الأَوْزاعيُّ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها، وقرَأَها الوليدُ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها. أخرجه ابن حبان (٤٥٩٤).

* سورة (الصَّف):

وجهُ تسمية سورة (الصَّفِّ) بهذا الاسم: هو وقوعُ كلمةِ {صَفّٗا} فيها؛ قال تعالى: {إِنَّ اْللَّهَ يُحِبُّ اْلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنْيَٰنٞ مَّرْصُوصٞ} [الصف: 4].

* سورة (الحَوَاريِّين):

ووجهُ تسميتِها بهذا الاسم: هو ورود لفظ {اْلْحَوَارِيُّونَ} فيها مرتين في قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُوٓاْ أَنصَارَ اْللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى اْبْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّـۧنَ مَنْ أَنصَارِيٓ إِلَى اْللَّهِۖ قَالَ اْلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اْللَّهِۖ} [الصف: 14].

1. مطابقة القول والعمل في شأن الجهاد (١-٤).

2. موقف الكفار من دعوة الأنبياء (٥- ٩).

3. التِّجارة الرابحة (١٠-١٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /127).

مقصدُ سورة (الصَّفِّ) بيِّنٌ في اسمها؛ وهو الاجتماعُ، والوَحْدة، والتمسك بحبلِ الله المتين؛ ليكونَ المؤمنون صفًّا واحدًا في قلوبهم وأبدانهم.

وفي ذلك يقول البِقاعيُّ: «مقصودها: الحثُّ على الاجتهاد التام، والاجتماعِ على قلبٍ واحد، في جهادِ مَن دعت (الممتحنةُ) إلى البراءة منهم؛ بحَمْلِهم على الدِّين الحق، أو مَحْقِهم عن جديد الأرض؛ تنزيهًا للملكِ الأعلى عن الشرك، وصيانةً لجَنابه الأقدس عن الإفك، ودلالةً على الصِّدق في البراءة منهم، والعداوة لهم.

وأدلُّ ما فيها على هذا المقصدِ: الصفُّ؛ بتأمُّل آيته، وتدبُّر ما له من جليلِ النفع في أوله وأثنائه وغايته». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /81).