تفسير سورة الصف

جهود القرافي في التفسير

تفسير سورة سورة الصف من كتاب جهود القرافي في التفسير
لمؤلفه القرافي . المتوفي سنة 684 هـ

١٢١٩- يحرم إخلاف الوعد مطلقا، وقال عليه السلام : " من علامات المنافق ثلاث : إذا أؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا وعد أخلف " ١ فذكره في سياق الذم دليل على التحريم. ( الفروق : ٤/٢٠ ).
١ - رواه الطبراني عن أبي بكر، ن : الفتح الكبير : ٢/١٣..
١٢٢٠- ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الإنجيل كما خبر عنه التنزيل، فنقول : يا معشر النصارى : أليس في إنجيل لوقا أنه لما جلس عيسى عليه السلام على العين التي في أصل نابلس من المغرب، وتلاميذه، فقال لهم : " ما الذي تقولون إلياس عن ابن البشر ؟ - وهو يعني بذلك نفسه- فقال له بعضهم : يقول إنك إلياس النبي. وبعضهم يقول إنك واحد من الأنبياء، وبعضهم يقول إنك أكمد النبي الذي يحيى في آخر الزمان " ١. ومعنى أكمد : أحمد، إذ ليس عندكم حرف الحاء، فأبدلتم الحاء بالكاف، فقلتم أكمد، وهو أحمد.
وكذلك قال في الأنجيل : " أكمد البالقليط يعلمكم كل شيء تختلفون فيه " ٢ فهو قد جاء إلينا بحمد الله- كما قال عيسى عليه السلام في الإنجيل- : يكونون الأولون آخرون، والآخرون أولون " ٣ فصرنا نحن أولين والحمد لله، وصرتم أنتم آخرون.
وقال يوحنا في إنجيله : " إن عيسى عليه السلام قال للتلاميذ إن الله تعالى يبعث لكم البالقليط فهو يعلمكم كل شيء تختلفون فيه " والبالقليط هو باللغة الرومية : الروح المحمود.
وقال يوحنا في إنجيله : إن عيسى عليه السلام قال للتلاميذ : السلام أنزل لكم لتكونوا سالمين، فمن تتبع غيره لا يكون له سلم " ٤.
وهو الدين الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم الذي خرج به من الغيدر بن إسماعيل عليه السلام الذي ذكره داود عليه السلام في المزمور المائة والحادي عشر، ذكر فيه داود عليه السلام يخرج من القيدارامة تذكر الله تعالى من خناجرنا. وبأيديهم السيف القاطع من طرفيه، وينتقمون لله من الذين لا يعبدونه، يستأسرون الملوك والرؤساء في القيود، يصنعون ذلك فيهم بحكم الله، وأولياؤه يسبحونه ويهلكونه٥. ولولا التطويل لملأت الأوراق من دلائل النبي صلى الله عليه وسلم وعلاماته من كتب الله المنزلة على أنبيائه، وإنما ألزمت نفسي في هذا الكتاب أن أبين نبوته في الإنجيل. ( أدلة التوحيد في الرد على النصرانية : ١٠٩-١١٠ ).
١ - إنجيل لوقا : ٩/١٨ إلى ٢٠. ومتى : ١٣/١٦ إلى ١٨. قال محقق كتاب "أدلة الوحدانية" (ولا توجد كلمة "أكمد" أو "الفالقليط" ولا غرابة، فالأناجيل تتعرض في كل حقبة لحملة تغيير وتبديل وطمس)..
٢ - يوحنا : ١٤/٢٦. ولعل هذا ما يشير إليه أيضا قوله تعالى :﴿... يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم...﴾ الأعراف : ١٥٧..
٣ - مرقس : ١٠/٣١..
٤ - قال ذ. عبد الرحمن سعيد محقق الكتاب: "لم أعثر على هذا النص في يوحنا ولا في غيره"..
٥ كذا في الأصل المطبوع..
١٢٢١- قوله تعالى :﴿ من أنصاري إلى الله ﴾ أي : مع الله ( الذخيرة : ١/٢٥٥ ).
١٢٢٢- قوله تعالى :﴿ فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ﴾ أدرك عيسى عليه السلام من أصحاب المؤمن١ ثلاثين راهبا فاتبعوه وماتوا على الإسلام، وفيهم قوله تعالى :﴿ فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ﴾ أي بالحجة. وكانت هذه الواقعة٢ بعد المسيح عليه السلام بأربعين سنة. ( الأجوبة الفاخرة : ٣٢٦ ).
١ - اسمه هكذا، وهو الذي وقف ضد بولس في تحريفه لدين عيسى عليه السلام، حتى قال عنه القرافي :"هو (أي بولس) أشام من إبليس على النصارى" ن : الأجوبة الفاخرة : ٣٢١.
يقول " د. بكر زكي عوض :"لعب بولس دورا كبيرا في تحريف عقيدة النصارى، فقد صرفها عن التوحيد إلى التثليث، وأباح الخنزير، وأسقط الختان..."، ن : الأجوبة الفاخرة : هامش، ص : ٣٢١..

٢ - ن: تفاصيل هذه الواقعة في الأجوبة الفاخرة : ٣٢١ إلى ٣٢٨..
سورة الصف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الصَّفِّ) من السُّوَر المدنية، وهي من (المسبِّحات) التي تبدأ بـ{سَبَّحَ}، نزلت بعد سورة (التغابُنِ)، وقد طالبت المؤمنين بأن يكونوا على قلبِ رجلٍ واحد، متَّحِدِين بالتمسك بهذا الكتاب، وواقفين صفًّا واحدًا في الجهاد، والمحافظة على الجماعة ما أمكن، وهو مقصدٌ عظيم من مقاصد هذا الدِّين، ومصدر من مصادر قوة أتباعه.

ترتيبها المصحفي
61
نوعها
مدنية
ألفاظها
226
ترتيب نزولها
109
العد المدني الأول
14
العد المدني الأخير
14
العد البصري
14
العد الكوفي
14
العد الشامي
14

* قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1-2]:

عن عبدِ اللهِ بن سَلَامٍ رضي الله عنه، قال: «جلَسْتُ في نَفَرٍ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، فقلتُ: أيُّكم يأتي رسولَ اللهِ ﷺ فيَسألَه: أيُّ الأعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قال: فهِبْنا أن يَسألَه منَّا أحدٌ، قال: فأرسَلَ إلينا رسولُ اللهِ ﷺ يُفرِدُنا رجُلًا رجُلًا يَتخطَّى غيرَنا، فلمَّا اجتمَعْنا عنده، أومأَ بعضُنا إلى بعضٍ: لِأيِّ شيءٍ أرسَلَ إلينا؟ ففَزِعْنا أن يكونَ نزَلَ فينا، قال: فقرَأَ علينا رسولُ اللهِ ﷺ: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1-2]، قال: فقرَأَ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها»، ثم قرَأَ يحيى مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها، ثم قرَأَ الأَوْزاعيُّ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها، وقرَأَها الوليدُ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها. أخرجه ابن حبان (٤٥٩٤).

* سورة (الصَّف):

وجهُ تسمية سورة (الصَّفِّ) بهذا الاسم: هو وقوعُ كلمةِ {صَفّٗا} فيها؛ قال تعالى: {إِنَّ اْللَّهَ يُحِبُّ اْلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنْيَٰنٞ مَّرْصُوصٞ} [الصف: 4].

* سورة (الحَوَاريِّين):

ووجهُ تسميتِها بهذا الاسم: هو ورود لفظ {اْلْحَوَارِيُّونَ} فيها مرتين في قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُوٓاْ أَنصَارَ اْللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى اْبْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّـۧنَ مَنْ أَنصَارِيٓ إِلَى اْللَّهِۖ قَالَ اْلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اْللَّهِۖ} [الصف: 14].

1. مطابقة القول والعمل في شأن الجهاد (١-٤).

2. موقف الكفار من دعوة الأنبياء (٥- ٩).

3. التِّجارة الرابحة (١٠-١٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /127).

مقصدُ سورة (الصَّفِّ) بيِّنٌ في اسمها؛ وهو الاجتماعُ، والوَحْدة، والتمسك بحبلِ الله المتين؛ ليكونَ المؤمنون صفًّا واحدًا في قلوبهم وأبدانهم.

وفي ذلك يقول البِقاعيُّ: «مقصودها: الحثُّ على الاجتهاد التام، والاجتماعِ على قلبٍ واحد، في جهادِ مَن دعت (الممتحنةُ) إلى البراءة منهم؛ بحَمْلِهم على الدِّين الحق، أو مَحْقِهم عن جديد الأرض؛ تنزيهًا للملكِ الأعلى عن الشرك، وصيانةً لجَنابه الأقدس عن الإفك، ودلالةً على الصِّدق في البراءة منهم، والعداوة لهم.

وأدلُّ ما فيها على هذا المقصدِ: الصفُّ؛ بتأمُّل آيته، وتدبُّر ما له من جليلِ النفع في أوله وأثنائه وغايته». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /81).