تفسير سورة الصف

تفسير البغوي

تفسير سورة سورة الصف من كتاب معالم التنزيل المعروف بـتفسير البغوي.
لمؤلفه البغوي . المتوفي سنة 516 هـ

سورة الصف
مدنية [وقال عطاء: مكية وهي أربع عشرة آية] [١]
[سورة الصف (٦١) : الآيات ١ الى ٦]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (٣) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (٤)
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٥) وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦)
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢)، .
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالُوا: لَوْ نَعْلَمُ أَيَّ الْأَعْمَالِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَعَمِلْنَاهُ وَلِبَذَلْنَا فِيهِ أَمْوَالَنَا وَأَنْفُسَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا [الصف: ٤] فَابْتُلُوا بِذَلِكَ يَوْمَ أُحُدٍ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: لَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَوَابِ شُهَدَاءِ بَدْرٍ، قَالَتِ الصَّحَابَةُ: لَئِنْ لَقِينَا بَعْدَهُ قِتَالًا لِنُفْرِغَنَّ فِيهِ وُسْعَنَا، فَفَرُّوا يَوْمَ أُحُدٍ فَعَيَّرَهُمُ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِي شَأْنِ الْقِتَالِ، كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ: قَاتَلْتُ وَلَمْ يُقَاتِلْ: وَطَعَنْتُ وَلَمْ يَطْعَنْ، وَضَرَبْتُ وَلَمْ يَضْرِبْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَعِدُونَ النَّصْرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَهُمْ كَاذِبُونَ.
كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا، قوله: أَنْ تَقُولُوا في موضع رفع فَهُوَ كَقَوْلِكَ بِئْسَ رَجُلًا أَخُوكَ، وَمَعْنَى الْآيَةِ أَيْ عَظُمَ ذَلِكَ فِي الْمَقْتِ وَالْبُغْضِ عِنْدَ اللَّهِ أَيْ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ بُغْضًا شَدِيدًا أَنْ تَقُولُوا، مَا لَا تَفْعَلُونَ، أي تَعِدُوا مِنْ أَنْفُسِكُمْ شَيْئًا ثُمَّ لم تفوا بِهِ.
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا، أَيْ يَصُفُّونَ أَنْفُسَهُمْ عِنْدَ الْقِتَالِ صَفًّا وَلَا يَزُولُونَ عَنْ أَمَاكِنِهِمْ كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ، قَدْ رُصَّ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ أَيْ أُلْزِقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَأُحْكِمَ فَلَيْسَ فِيهِ فُرْجَةٌ وَلَا خلل. وقيل أحكم بالرصاص [٢].
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ، مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي، وَذَلِكَ حِينَ رَمَوْهُ بِالْأُدْرَةِ، وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ، والرسول يعظم وَيُحْتَرَمُ، فَلَمَّا زاغُوا، عَدَلُوا عَنِ الحق،
(١) زيد في المطبوع.
(٢) في المخطوط وط «وقيل: كالرصاص».
أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ، أَمَالَهَا عَنِ الْحَقِّ، يَعْنِي أَنَّهُمْ لَمَّا تَرَكُوا الْحَقَّ بِإِيذَاءِ نَبِيِّهِمْ أَمَالَ اللَّهُ قُلُوبَهَمْ عَنِ الْحَقِّ، وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ، قَالَ الزَّجَّاجُ: يَعْنِي لَا يَهْدِي مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ فَاسِقٌ.
وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ، وَالْأَلِفُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْحَمْدِ، وَلَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مُبَالَغَةٌ مِنَ الْفَاعِلِ أَيِ الْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ حَمَّادُونَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَكْثَرُ حَمْدًا لِلَّهِ مِنْ غَيْرِهِ [١] وَالثَّانِي أنه مبالغة من الْمَفْعُولِ أَيِ الْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ مَحْمُودُونَ لِمَا فِيهِمْ مِنَ الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ وهو أكثر مُبَالَغَةً [٢] وَأَجْمَعُ لِلْفَضَائِلِ وَالْمَحَاسِنِ الَّتِي يُحْمَدُ بِهَا فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ.
[سورة الصف (٦١) : الآيات ٧ الى ١٤]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٨) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٩) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١)
يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١٣) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ (١٤)
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ.
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٩).
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ، قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ تُنَجِّيكُمْ بِالتَّشْدِيدِ وَالْآخَرُونَ بِالتَّخْفِيفِ، مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ، نَزَلَ هَذَا حِينَ قَالُوا: لَوْ نَعْلَمُ أَيَّ الْأَعْمَالِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَعَمِلْنَاهُ، وَجَعَلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ التِّجَارَةِ لأنهم يربحون فيها رِضَا اللَّهِ وَنَيْلَ جَنَّتِهِ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ [ثُمَّ بَيَّنَ تِلْكَ التِّجَارَةَ] [٣] فَقَالَ:
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢).
وَأُخْرى تُحِبُّونَها، ولكم خصلة أخرى تحبونها فِي الْعَاجِلِ مَعَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَتِلْكَ الْخَصْلَةُ، نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ النَّصْرُ عَلَى قُرَيْشٍ، وَفَتْحُ مَكَّةَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: يُرِيدُ فَتْحَ فَارِسَ وَالرُّومِ. وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ، يَا مُحَمَّدُ بِالنَّصْرِ فِي الدُّنْيَا وَالْجَنَّةِ فِي الآخرة ثم حضهم على نصرة الدِّينِ وَجِهَادِ الْمُخَالِفِينَ.
فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ، قَرَأَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَأَبُو عَمْرٍو أَنْصَارًا بِالتَّنْوِينِ لِلَّهِ بِلَامِ الْإِضَافَةِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ أَنْصارَ اللَّهِ بالإضافة كقوله: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ، كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ
(١) في المطبوع «غير».
(٢) في المطبوع «مناقب».
(٣) سقط من المطبوع.
سورة الصف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الصَّفِّ) من السُّوَر المدنية، وهي من (المسبِّحات) التي تبدأ بـ{سَبَّحَ}، نزلت بعد سورة (التغابُنِ)، وقد طالبت المؤمنين بأن يكونوا على قلبِ رجلٍ واحد، متَّحِدِين بالتمسك بهذا الكتاب، وواقفين صفًّا واحدًا في الجهاد، والمحافظة على الجماعة ما أمكن، وهو مقصدٌ عظيم من مقاصد هذا الدِّين، ومصدر من مصادر قوة أتباعه.

ترتيبها المصحفي
61
نوعها
مدنية
ألفاظها
226
ترتيب نزولها
109
العد المدني الأول
14
العد المدني الأخير
14
العد البصري
14
العد الكوفي
14
العد الشامي
14

* قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1-2]:

عن عبدِ اللهِ بن سَلَامٍ رضي الله عنه، قال: «جلَسْتُ في نَفَرٍ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، فقلتُ: أيُّكم يأتي رسولَ اللهِ ﷺ فيَسألَه: أيُّ الأعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قال: فهِبْنا أن يَسألَه منَّا أحدٌ، قال: فأرسَلَ إلينا رسولُ اللهِ ﷺ يُفرِدُنا رجُلًا رجُلًا يَتخطَّى غيرَنا، فلمَّا اجتمَعْنا عنده، أومأَ بعضُنا إلى بعضٍ: لِأيِّ شيءٍ أرسَلَ إلينا؟ ففَزِعْنا أن يكونَ نزَلَ فينا، قال: فقرَأَ علينا رسولُ اللهِ ﷺ: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1-2]، قال: فقرَأَ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها»، ثم قرَأَ يحيى مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها، ثم قرَأَ الأَوْزاعيُّ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها، وقرَأَها الوليدُ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها. أخرجه ابن حبان (٤٥٩٤).

* سورة (الصَّف):

وجهُ تسمية سورة (الصَّفِّ) بهذا الاسم: هو وقوعُ كلمةِ {صَفّٗا} فيها؛ قال تعالى: {إِنَّ اْللَّهَ يُحِبُّ اْلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنْيَٰنٞ مَّرْصُوصٞ} [الصف: 4].

* سورة (الحَوَاريِّين):

ووجهُ تسميتِها بهذا الاسم: هو ورود لفظ {اْلْحَوَارِيُّونَ} فيها مرتين في قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُوٓاْ أَنصَارَ اْللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى اْبْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّـۧنَ مَنْ أَنصَارِيٓ إِلَى اْللَّهِۖ قَالَ اْلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اْللَّهِۖ} [الصف: 14].

1. مطابقة القول والعمل في شأن الجهاد (١-٤).

2. موقف الكفار من دعوة الأنبياء (٥- ٩).

3. التِّجارة الرابحة (١٠-١٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /127).

مقصدُ سورة (الصَّفِّ) بيِّنٌ في اسمها؛ وهو الاجتماعُ، والوَحْدة، والتمسك بحبلِ الله المتين؛ ليكونَ المؤمنون صفًّا واحدًا في قلوبهم وأبدانهم.

وفي ذلك يقول البِقاعيُّ: «مقصودها: الحثُّ على الاجتهاد التام، والاجتماعِ على قلبٍ واحد، في جهادِ مَن دعت (الممتحنةُ) إلى البراءة منهم؛ بحَمْلِهم على الدِّين الحق، أو مَحْقِهم عن جديد الأرض؛ تنزيهًا للملكِ الأعلى عن الشرك، وصيانةً لجَنابه الأقدس عن الإفك، ودلالةً على الصِّدق في البراءة منهم، والعداوة لهم.

وأدلُّ ما فيها على هذا المقصدِ: الصفُّ؛ بتأمُّل آيته، وتدبُّر ما له من جليلِ النفع في أوله وأثنائه وغايته». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /81).