تفسير سورة الصف

تفسير النسائي

تفسير سورة سورة الصف من كتاب تفسير النسائي
لمؤلفه النسائي . المتوفي سنة 303 هـ

قولهُ: ﴿ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾ [٦]٦١٠- أخبرنا عليُّ بنُ شعيبٍ قال: حدَّثنا مالِكٌ، عن الزُّهري، عن محمد بن جُبير بن مُطعمٍ، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" " لي خمسةُ أسماءٍ، أنا محمدٌ وأحمدُ وأنا الحاشرُ؛ الذي يُحشرُ الناسُ على قدمي، وأنا الماحي الذي يمحو اللهُ بي الكفر، وأنا العاقبُ " [صلى الله عليه وسلم] ".
قوله تعالى: ﴿ فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ فَأَيَّدْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ ﴾ [١٤]٦١١- أنا محمد بن العلاءِ، قال: حدثنا أبو مُعاوية، عن الأعمشِ، عن المِنهالِ بن عمرو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ قال: لما أراد اللهُ (عزَّ وجلَّ) أن يرفع عيسى، عليه السَّلامُ/ إلى السماء، خرج على أصحابه وهم في بيتٍ، اثنا عشر رجلاً، ورأسه يقطر ماءً، فقال: أيكم يُلقى شبهي عليه، فيقتلُ مكاني فيكون معي في درجتي؟ فقام شابٌ من أحدثهم سِناً، فقال: أنا: فقال: اجلس. ثم أعاد عليهم. فقام الشابُّ فقال: أنا. فقال: اجلس، ثم أعاد عليهم الثالثة. فقال الشابُّ: أنا. فقال عيسى (عليه السلام): نعم أنت، فأُلقي عليه شبهُ عيسى (عليه السلامُ)، ثم رفع عيسى من روزنةٍ كانت في البيتِ إلى/ السَّماءِ، وجاء الطَّلبُ من اليهودِ فأخذوا الشَّابَّ للشَّبهِ. فقتلوه ثم صلبوه. فتفرقوا ثلاث فرقٍ. فقالت فرقةٌ: كان فينا اللهُ (عزَّ وجلَّ) ما شاء ثم صعد إلى السَّماءِ، وهؤُلاءِ اليعقوبيةُ. وقالت فرقةٌ: كان فينا ابنُ اللهِ ما شاء [الله] ثم رفعه اللهُ إليه وهؤلاءِ النّسطوريَّة. وقالت طائفةٌ: كان فينا عبد اللهِ ورسوله ما شاء [الله] ثم رفَعَهُ اللهُ [فَـ]ـهؤلاءِ المُسلمون. فتظاهرتِ الكافرتانِ على المُسلمة فقتلوها، فلم يزل الإسلامُ طامساً حتى بعث اللهُ محمداً صلى الله عليه وسلم فأنزل اللهِ عزَّ وجلَّ ﴿ فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ ﴾ يعني: الطَّائفة التي كفرت في زمان عيسى، عليه السلامُ. والطَّائفة التي آمنت في زمانِ عيسى ﴿ فَأَيَّدْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ ﴾ بإِظهار محمدٍ صلى الله عليه وسلم دينهم على دين الكُفَّارِ ﴿ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ ﴾.
سورة الصف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الصَّفِّ) من السُّوَر المدنية، وهي من (المسبِّحات) التي تبدأ بـ{سَبَّحَ}، نزلت بعد سورة (التغابُنِ)، وقد طالبت المؤمنين بأن يكونوا على قلبِ رجلٍ واحد، متَّحِدِين بالتمسك بهذا الكتاب، وواقفين صفًّا واحدًا في الجهاد، والمحافظة على الجماعة ما أمكن، وهو مقصدٌ عظيم من مقاصد هذا الدِّين، ومصدر من مصادر قوة أتباعه.

ترتيبها المصحفي
61
نوعها
مدنية
ألفاظها
226
ترتيب نزولها
109
العد المدني الأول
14
العد المدني الأخير
14
العد البصري
14
العد الكوفي
14
العد الشامي
14

* قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1-2]:

عن عبدِ اللهِ بن سَلَامٍ رضي الله عنه، قال: «جلَسْتُ في نَفَرٍ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، فقلتُ: أيُّكم يأتي رسولَ اللهِ ﷺ فيَسألَه: أيُّ الأعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قال: فهِبْنا أن يَسألَه منَّا أحدٌ، قال: فأرسَلَ إلينا رسولُ اللهِ ﷺ يُفرِدُنا رجُلًا رجُلًا يَتخطَّى غيرَنا، فلمَّا اجتمَعْنا عنده، أومأَ بعضُنا إلى بعضٍ: لِأيِّ شيءٍ أرسَلَ إلينا؟ ففَزِعْنا أن يكونَ نزَلَ فينا، قال: فقرَأَ علينا رسولُ اللهِ ﷺ: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1-2]، قال: فقرَأَ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها»، ثم قرَأَ يحيى مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها، ثم قرَأَ الأَوْزاعيُّ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها، وقرَأَها الوليدُ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها. أخرجه ابن حبان (٤٥٩٤).

* سورة (الصَّف):

وجهُ تسمية سورة (الصَّفِّ) بهذا الاسم: هو وقوعُ كلمةِ {صَفّٗا} فيها؛ قال تعالى: {إِنَّ اْللَّهَ يُحِبُّ اْلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنْيَٰنٞ مَّرْصُوصٞ} [الصف: 4].

* سورة (الحَوَاريِّين):

ووجهُ تسميتِها بهذا الاسم: هو ورود لفظ {اْلْحَوَارِيُّونَ} فيها مرتين في قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُوٓاْ أَنصَارَ اْللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى اْبْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّـۧنَ مَنْ أَنصَارِيٓ إِلَى اْللَّهِۖ قَالَ اْلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اْللَّهِۖ} [الصف: 14].

1. مطابقة القول والعمل في شأن الجهاد (١-٤).

2. موقف الكفار من دعوة الأنبياء (٥- ٩).

3. التِّجارة الرابحة (١٠-١٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /127).

مقصدُ سورة (الصَّفِّ) بيِّنٌ في اسمها؛ وهو الاجتماعُ، والوَحْدة، والتمسك بحبلِ الله المتين؛ ليكونَ المؤمنون صفًّا واحدًا في قلوبهم وأبدانهم.

وفي ذلك يقول البِقاعيُّ: «مقصودها: الحثُّ على الاجتهاد التام، والاجتماعِ على قلبٍ واحد، في جهادِ مَن دعت (الممتحنةُ) إلى البراءة منهم؛ بحَمْلِهم على الدِّين الحق، أو مَحْقِهم عن جديد الأرض؛ تنزيهًا للملكِ الأعلى عن الشرك، وصيانةً لجَنابه الأقدس عن الإفك، ودلالةً على الصِّدق في البراءة منهم، والعداوة لهم.

وأدلُّ ما فيها على هذا المقصدِ: الصفُّ؛ بتأمُّل آيته، وتدبُّر ما له من جليلِ النفع في أوله وأثنائه وغايته». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /81).