تفسير سورة الصف

تيسير التفسير

تفسير سورة سورة الصف من كتاب تيسير التفسير
لمؤلفه إبراهيم القطان . المتوفي سنة 1404 هـ
سورة الصف مدنية وآياتها أربع عشرة، نزلت بعد سورة التغابن، وهي من السور المدنية التي تضمنت بعض الأحكام التشريعية، وتهذيب الأخلاق. فبعد أن بدأت بالإخبار بأن كل ما في السموات والأرض يسبحون الله، أشارت إلى أنه لا يليق بالمؤمنين أن يخالف قولهم عملهم، فالله يطلب منا أن تطابق أفعالنا أقوالنا، ومن أكبر الجرائم عند الله أن يقول الإنسان شيئا مخالفا لفعله.
ثم بعد أن أمرنا بالصدق في القول والعمل، أمرنا أن نكون صفا واحدا في قتال العدو. ومقتضى ذلك أننا نكون صفا واحدا في أمور الحياة كلها، فلا جهاد إلا مع انتظام الأحوال وصدق الأفعال والأقوال في جميع الأمور. فإذا انتظم داخلنا وصدَقنا في جميع معاملاتنا، وكنا يدا واحدة-يئس منا العدو وانتصرنا عليه.
ولذلك قال بعد أن حثنا على الصدق :﴿ إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ﴾.
وسميت السورة " سورة الصف " أخذا من هذه الآية.
ثم وصمت السورة بني إسرائيل بالعناد والكفر على لسان رسولين كريمين هما موسى وعيسى عليهما السلام، إذ زاغوا عنادا، فختم الله على قلوبهم عندما كذبوا موسى، وجاء بعده عيسى مصدقا بالتوراة مبشرا بمحمد صلى الله عليه وسلم فكذبه قومه أيضا. فليكن لك يا محمد أسوة بمن سبق من الأنبياء الذين صبروا على إيذاء قومهم وتكذيبهم. إن الله قد قضى أن من قام بالحق منصور، ويا أيها المسلمون : إن الإيمان بالله والجهاد في سبيله هما الخلّتان اللتان تفوزون بهما في الدارين، إذ لا فوز في الدنيا والآخرة إلا بعلم وعمل. والإيمان أفضل ما في العلم، والجهاد أفضل ما في العمل. فلتكن فيكم الخصلتان والله يضمن لكم ثلاث خلال : غفران الذنوب، ودخول الجنة، والنصر المصحوب بالفتح القريب﴿ وبشر المؤمنين ﴾. لماذا لا تقتدون بحواريّي عيسى إذ قالوا :﴿ نحن أنصار الله ﴾، ونصرناهم على أعدائهم فأصبحوا ظاهرين عليهم. فإن أخلصتم في القول والعمل، وصدقتم في جهادكم ونصركم لدينكم-ينصركم الله ويُظهركم على عدوكم. وقد صدق الله وعده.

قدّس اللهَ ونزّهه كلُّ شيء في هذا الكون : بعضُها بلسان الحال، وبعضها بلسان المقال. وقد تقدم أن كل شيء في هذا الوجود يسبّح الله، ويشهد له بالربوبية والوحدانية والقدرة وغيرها من صفات الكمال، وهو الغالبُ على كل شيء، الحكيم في تدبير خلقه.
وبعد أن وصف نفسَه بصفات الكمال، وجّه المؤمنين إلى الأخلاق الفاضلة، والصدق في القول والعمل، فخاطبهم بقوله :
﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾ ّ.
قال ابن عباس : كان أناس من المؤمنين يقولون : لَوَدِدْنا أن الله دلّنا على أحبِّ الأعمال إليه فنعمل به، فأخبر الله نبيّه أن أحب الأعمال إليه إيمانٌ بالله لا شكّ فيه، وجهادٌ في سبيله. فلما فُرضَ الجهادُ كره ذلك ناسٌ من المؤمنين وشقّ عليهم أمرُه، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
كبر مقتاً : ما أعظمه من بغض. المقت أشد البغض، ويقال رجل مقيت وممقوت إذا كان مبغضا للناس.
ثم بيّن الله شدة قبحِ مخالفة القول للعمل وأنه بلغ الغاية في بُغض الله له فقال :﴿ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾.
إن أبغضَ شيء عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون، فتحَلُّوا بالصدق، والوفاء بالوعد، وجميل الخصال تنتصروا.
بنيان مرصوص : بنيان محكم كأنه قطعة واحدة.
ثم مدح الذين صدقوا وقاتلوا في سبيله بعزم وإخلاص فقال :﴿ إِنَّ الله يُحِبُّ الذين يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ ﴾.
إن الله تعالى يحب النظامَ في كل شيء، وهو يحبُّ الذين يقاتلون في سبيله منتظمين في أماكنهم كأنهم بنيانٌ متلاحمُ الأجزاء، كأنه قطعة واحدة، فالنظام أساسُ بنيان الأمة، وأن وعدَ الله حقّ، وقد وعد المجاهدين بالنصر إذا أخلصوا وصدَقوا وحافظوا على النظام. وقد سبقتنا الأممُ المتحضّرة بالنظام ودقة المحافظة عليه، في جميع أعمالها.
والجهادُ يبدأ في البيت بالتربية الإسلامية الصحيحة البعيدة عن التزمُّت والتعصب، وفي المدرسة وفي المزارع والحقول، والتجارة، وفي المصانع، وباكتساب العلوم وإجادتها وإتقان استعمالها كما أتقنها أسلافُنا الأولون. فالصناعة والعلم والزراعة من الأمور الضرورية في حياتنا، فإذا أتقنّاها باتَ يمكننا أن نجاهدَ جهادا حقيقيا، فلا جهادَ إلا بعلمٍ وعمل وتصنيع.
زاغوا : انحرفوا عن الحق.
أزاغ الله قلوبهم : صرفها عن قبول الحق.
وبعد أن هذّب المؤمنين وعلّمهم أن يكونوا صادقين في أقوالهم وأفعالهم، وحضّهم على اتّباع النظام في الجهاد، ذَكَرَ أن حالهم يشبه حالَ موسى مع قومه حين ندبَهم للقتال فلم يطيعوه، بل آذوه أشدَّ الإيذاء، فوبّخهم الله على ذلك بقوله تعالى :
﴿ وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ ياقوم لِمَ تُؤْذُونَنِي.... ﴾.
اذكر يا محمد، لقومك حين قال موسى لقومه : يا قومي، لمَ تُؤذونني وتخالِفون أَمري، وأنتم تعلمون أنّي رسولُ الله إليكم ؟
فأصرّوا على المخالفة والعصيان.
فلما أصروا على الانحراف، صرف الله قلوبهم عن الهدى ﴿ والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين ﴾ الذين خرجوا عن طاعته.
وأتى بمثلٍ آخر يشبه حالَهم، وهو بنو إسرائيل حين قال لهم عيسى : إني رسولُ الله وإني مصدّقٌ بالتوراة، وجاءهم بالبينات والمعجزات الدالة على صدقه، وإني مبشِّر برسولٍ سيأتي من بعدي اسمه أحمد، وقد جاء هذا التبشير صريحا في التوراة والإنجيل.
﴿ فَلَمَّا جَاءَهُم بالبينات قَالُواْ هذا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾، فلمّا جاء الرسولُ الكريم أحمدُ، عليه صلوات الله وسلامه، بالأدلة الواضحة والمعجزات الباهرة، كذّبوه وقالوا : هذا الذي جئتنا به سحرٌ مبين.
ومثلُ هذه الآية قوله تعالى :﴿ الذين يَتَّبِعُونَ الرسول النبي الأمي الذي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التوراة والإنجيل ﴾ [ الأعراف : ١٥٧ ].
وفي هذا تسلية لرسوله الكريم على ما أصابه من قومه ومن غيرهم من الجاحدين، وأن الأنبياء مِن قبله نالهم الأذى وكذّبهم أقوامهم. وفيه أيضا تهذيبٌ وتربية للمؤمنين بأن لا يؤذوا النبي بل يُخلِصوا في إيمانهم.
الإسلام : معناه هنا الاستسلام والانقياد لأمر الله.
من أشدُّ ظلماً وعدواناً ممن اختلقَ على الله الكذب، وهو يدعو إلى الإسلام ! لقد دعاهم الرسولُ الكريم إلى نبذ الشِرك، ودعاهم إلى الإيمان بالله وحده فلم يؤمنوا، وأثاروا حوله الشكوك والافتراءات، ﴿ والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين ﴾ الّذين يفترون على الله الكذب.
نور الله : دينه الذي يدعو إليه الرسول الكريم.
بأفواههم : يعني بأكاذيبهم وأباطيلهم.
والله متم نوره : والله مظهرٌ دينَه، وقد صدق.
ثم بين الله تعالى أنهم حاولوا إبطالَ الدِين وردَّ المؤمنين عنه، لكنّهم لم يستطيعوا وخابوا في سعيهم فقال :﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ ﴾.
إن هؤلاء الجاحدين من قريشٍ، وبني إسرائيل في المدينة، والمنافقين معهم، حاولوا القضاءَ على الإسلام بالدسائس والأكاذيب فخذلَهم الله تعالى، وأظهر دِينه فهو الدينُ القيم الذي أنار الكون، وخاب سعيهم.
﴿ والله مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الكافرون ﴾.
قراءات :
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص وخلف : متم نوره بضم الميم والإضافة بجر نوره. والباقون : متم نوره بتنوين متم، ونصب نوره.
بالهدى : بالقرآن.
ودين الحق : الدين الصحيح.
ثم بين الله تعالى أنه أرسل رسولَه محمداً صلى الله عليه وسلم بالقرآن الذي هدى الناس وأنار الكون، وبدينِ الإسلام الحق، ﴿ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المشركون ﴾، وقد وردت هاتان الآيتان في سورة التوبة، مع تغيير بسيط في الألفاظ في الآية الأولى.
وبعد أن حث على الجهاد في سبيله، ونهى المسلمين أن يكونوا مثلَ قوم موسى أو قوم عيسى، بيّن هنا أن الإيمان بالله والجهادَ في سبيله بالمال والنفس تجارةً رابحة، لأن المجاهدين ينالون الفوز بالدنيا، فيظفر واحدهم بالنصر والغنائم وكرائمِ الأموال والثوابَ العظيم في الآخرة إذ يحظى بالغفران، ورضوان الله، والخلود في جنات عدن.
قراءات :
قرأ ابن عامر : ننجيكم من عذاب أليم بفتح النون الثانية وبتشديد الجيم. والباقون : ننجيكم بضم النون الأولى وإسكان الثانية وكسر الجيم دون تشديد.
فهذه هي التجارة الرابحة، الثبات على الإيمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، وذلك هو الخير العظيم.
ثم يتبعه الغفران، والخلود في﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الفوز العظيم ﴾ وأيّ فوز أعظم من هذا ! ! .
نصر من الله وفتح قريب : فتح مكة، ثم أتبع ذلك كله ببشرى عظيمة يحبها المؤمنون وينتظرونها وهي :﴿ وأخرى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّن الله وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ﴾ نعمة كبرى تحبونها : النصر من الله، وفتح مكة. وهو آت قريب. وقد أنجز الله وعده.
﴿ وَبَشِّرِ المؤمنين ﴾ يا محمد، بهذه النعم، وأن الله تعالى نصَرَهم لأنهم آمنوا حقيقة، وجاهدوا جهاداً كبيرا ولم ينتظروا من أحدٍ أن يساعدَهم وهم قاعدون.. كما يفعل العرب والمسلمون اليوم.
الحواريون : الأصفياء والخلاّن.
أنصار الله : الناصرون لدينه.
ظاهرين : غالبين.
ثم أمر الله تعالى المؤمنين أن يعملوا ويجدّوا ويكونوا أنصار الله في كل حين، فلا يتخاذلوا ولا يتناحروا ويتحاربوا، وأن لا يتوكلوا فيقعدوا ويطلبوا النصر، بل عليهم أن يعملوا ويجاهدوا حتى يكتب الله لهم النصر. فقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ كونوا أَنصَارَ الله ﴾ فاستعدّوا وأعدّوا من قوتكم ما استطعتم، ولا تنتظروا من أعدائكم أن يحلّوا لكم قضيتكم وينصروكم.
وكيف ينصرونكم والبلاء منهم، وهم الذين يدعمون عدوكم ويمدّونه بالمال والسلاح ! ! .
وخلاصة القول : كونوا أنصار الله في جميع أعمالكم وأقوالكم واستعدّوا دائما، كما استجاب الحواريّون لعيسى.
﴿ فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بني إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الذين آمَنُواْ على عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ ﴾، وأنتم أيها المسلمون، في هذا العصر إذا كنتم تريدون أن تبقوا في بلادكم وأن تستردوا الأراضي المقدسة وما اغتُصب من وطنكم، على يد اليهود والدولة الكبرى حليفتهم والمؤيدة لهم، فجاهدوا جهادا حقيقيا في سبيل الله ينصركم الله، وتصبحوا ظاهرين غالبين.
قراءات :
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو : كونوا أنصارا لله بالتنوين. وقرأ الباقون : كونوا أنصار الله بالإضافة. وقرأ نافع وحده : من أنصاريَ إلى الله بفتح الياء. والباقون : أنصاري إلى الله.
سورة الصف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الصَّفِّ) من السُّوَر المدنية، وهي من (المسبِّحات) التي تبدأ بـ{سَبَّحَ}، نزلت بعد سورة (التغابُنِ)، وقد طالبت المؤمنين بأن يكونوا على قلبِ رجلٍ واحد، متَّحِدِين بالتمسك بهذا الكتاب، وواقفين صفًّا واحدًا في الجهاد، والمحافظة على الجماعة ما أمكن، وهو مقصدٌ عظيم من مقاصد هذا الدِّين، ومصدر من مصادر قوة أتباعه.

ترتيبها المصحفي
61
نوعها
مدنية
ألفاظها
226
ترتيب نزولها
109
العد المدني الأول
14
العد المدني الأخير
14
العد البصري
14
العد الكوفي
14
العد الشامي
14

* قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1-2]:

عن عبدِ اللهِ بن سَلَامٍ رضي الله عنه، قال: «جلَسْتُ في نَفَرٍ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، فقلتُ: أيُّكم يأتي رسولَ اللهِ ﷺ فيَسألَه: أيُّ الأعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قال: فهِبْنا أن يَسألَه منَّا أحدٌ، قال: فأرسَلَ إلينا رسولُ اللهِ ﷺ يُفرِدُنا رجُلًا رجُلًا يَتخطَّى غيرَنا، فلمَّا اجتمَعْنا عنده، أومأَ بعضُنا إلى بعضٍ: لِأيِّ شيءٍ أرسَلَ إلينا؟ ففَزِعْنا أن يكونَ نزَلَ فينا، قال: فقرَأَ علينا رسولُ اللهِ ﷺ: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1-2]، قال: فقرَأَ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها»، ثم قرَأَ يحيى مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها، ثم قرَأَ الأَوْزاعيُّ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها، وقرَأَها الوليدُ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها. أخرجه ابن حبان (٤٥٩٤).

* سورة (الصَّف):

وجهُ تسمية سورة (الصَّفِّ) بهذا الاسم: هو وقوعُ كلمةِ {صَفّٗا} فيها؛ قال تعالى: {إِنَّ اْللَّهَ يُحِبُّ اْلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنْيَٰنٞ مَّرْصُوصٞ} [الصف: 4].

* سورة (الحَوَاريِّين):

ووجهُ تسميتِها بهذا الاسم: هو ورود لفظ {اْلْحَوَارِيُّونَ} فيها مرتين في قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُوٓاْ أَنصَارَ اْللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى اْبْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّـۧنَ مَنْ أَنصَارِيٓ إِلَى اْللَّهِۖ قَالَ اْلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اْللَّهِۖ} [الصف: 14].

1. مطابقة القول والعمل في شأن الجهاد (١-٤).

2. موقف الكفار من دعوة الأنبياء (٥- ٩).

3. التِّجارة الرابحة (١٠-١٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /127).

مقصدُ سورة (الصَّفِّ) بيِّنٌ في اسمها؛ وهو الاجتماعُ، والوَحْدة، والتمسك بحبلِ الله المتين؛ ليكونَ المؤمنون صفًّا واحدًا في قلوبهم وأبدانهم.

وفي ذلك يقول البِقاعيُّ: «مقصودها: الحثُّ على الاجتهاد التام، والاجتماعِ على قلبٍ واحد، في جهادِ مَن دعت (الممتحنةُ) إلى البراءة منهم؛ بحَمْلِهم على الدِّين الحق، أو مَحْقِهم عن جديد الأرض؛ تنزيهًا للملكِ الأعلى عن الشرك، وصيانةً لجَنابه الأقدس عن الإفك، ودلالةً على الصِّدق في البراءة منهم، والعداوة لهم.

وأدلُّ ما فيها على هذا المقصدِ: الصفُّ؛ بتأمُّل آيته، وتدبُّر ما له من جليلِ النفع في أوله وأثنائه وغايته». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /81).