تفسير سورة مريم

غريب القرآن

تفسير سورة سورة مريم من كتاب غريب القرآن
لمؤلفه زيد بن علي . المتوفي سنة 120 هـ

أخبرنا أبو جعفر قال : حدّثنا علي بن أحمد. قال : حدّثنا عطاء بن السائب عن أبي خالد الواسطي عن الإِمام زيد بن علي عليهما السلام في قولهِ تعالى :﴿ كهيعص ﴾ الكافُ من كريمٍ، والهاءُ من هادٍ، والياءُ من حكيمٍ ويقالُ مِن يُجيرُ وَلا يُجار عليه، والعينُ من عليمٍ، والصَّادُ من صادقٍ.
وقوله تعالى :﴿ وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً ﴾ معناه أجبتَني حين دعوتُكَ ولم تخيبني.
وقوله تعالى :﴿ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَآءِى ﴾ المَوالي : العُصبةُ من بني العمِ. وقال : الكَلالةُ. ومن ورائي : معناهُ قُدامى وبين يَدي.
وقوله تعالى :﴿ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً ﴾ يعني مِثلاً وشِبهَاً.
وقوله تعالى :﴿ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً ﴾ يعني لا تَلدُ.
وقوله تعالى :﴿ وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً ﴾ معناهُ نُحولُ العَظمِ وقال : سبعون.
وقوله تعالى :﴿ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً ﴾ يعني من غَيرِ مَرضٍ. ويقالُ من غَير خَرَس.
وقوله تعالى :﴿ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ ﴾ معناهُ أَوْمَأَ إليهم، وأَرسلَ إليهم وقال : كتب.
وقوله تعالى :﴿ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً ﴾ معناه اللُّبُّ. وقال : الفُرقانُ.
وقوله تعالى :﴿ وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا ﴾ معناه رَحمةٌ، وقال : بَراءةٌ.
وقوله تعالى :﴿ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً ﴾ يعني اعتزلَتْ إِلى مَكانٍ ممّا يَلي الشَّرقَ، وهو عِندَ العَربِ خَيرٌ مِن الغَربي.
وقوله تعالى :﴿ إِن كُنتَ تَقِيّاً ﴾ معناه مُؤمنٌ مُطيعٌ.
والقَصي : المَكانُ البَعيدُ.
وقوله تعالى :﴿ فَأَجَآءَهَا الْمَخَاضُ ﴾ معناه ألجأها الطَّلْقُ.
وقوله تعالى :﴿ نَسْياً مَّنسِيّاً ﴾ معناه حَيضةٌ ملقاةٌ بَعدَ حَيضةٍ.
وقوله تعالى :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ يعني نهراً صغيراً، وسَرياً بالنبطيةِ.
وقوله تعالى :﴿ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً ﴾ معناه صَمتٌ.
وقوله تعالى :﴿ شَيْئاً فَرِيّاً ﴾ معناه عجبٌ.
وقوله تعالى :﴿ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً ﴾ يعني صارَ فِي المَهدِ. وقال المَهدُ : حِجرُهَا.
وقوله تعالى :﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً ﴾ يعني هادِياً مهدِيّاً.
وقوله تعالى :﴿ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ ﴾ يعني أهلَ الدّنيا فِي غَفلةٍ.
وقوله تعالى :﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ﴾ معناه اقصُصْ قُصَّتَهُ.
وقوله تعالى :﴿ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ ﴾ معناه أعلمُ ذَلكَ.
وقوله تعالى :﴿ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً ﴾ معناه دهرٌ. وقال : حينٌ.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً ﴾ الحَفيُ : اللطيفُ.
وقوله تعالى :﴿ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً ﴾ معناهُ اختَرناهُ.
وقوله تعالى :﴿ وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً ﴾ [ معناهُ ] فِي السَّماءِ الرَابعةِ.
وقوله تعالى :﴿ وَبُكِيّاً ﴾ جمعُ بَاكٍ.
وقوله تعالى :﴿ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً ﴾ هو وادٍ فِي جَهنمَ مِن قَيحٍ يُقذَفُ فِيه الذينَ يَتّبعون الشَّهواتِ.
وقوله تعالى :﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾ معناه قصرٌ فِي الجَنةِ لاَ يَدخُلهُ إِلاَّ نبي، أَو وصي، أو شهيدٌ، أو حَكمُ عَدلٍ.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً ﴾ معناه دعوةٌ سَريعةُ الإِجَابةِ.
وقوله تعالى :﴿ لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً ﴾ معناهُ هَذرٌ وبَاطلٌ.
وقوله تعالى :﴿ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ﴾ قالَ الإِمامُ زيد بن علي عليهما السَّلامُ : لَيسَ هُناكَ البُكرةُ والعَشي، لَكنْ يُؤتونَ بهِ عَلَى مَا يَحِبّون مِن البُكرةِ والعَشي، مِثل مقاديرَ الليلِ والنَّهارِ فِي الدُّنيا.
وقوله تعالى :﴿ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذلِكَ ﴾ قالَ الإِمامُ زيد بن علي عليهما السلام : ما بين أيدينا : الآخرةُ. وما خَلفنا : الدُّنيا. وما بين ذلك النفختان.
وقوله تعالى :﴿ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً ﴾ جمعُ جَاثٍ.
وقوله تعالى :﴿ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ﴾ الورودُ : الدُّخولُ.
وقوله تعالى :﴿ وَأَحْسَنُ نَدِيّاً ﴾ معناه مَجلسٌ. والنَّدى والنَّادي واحدٌ. والجمعُ أنديةٌ. والمَقامُ : المَساكنُ.
وقوله تعالى :﴿ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً ﴾ معناه تَزعَجَهُم إِزعاجاً.
وقوله تعالى :﴿ وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً ﴾ معناهُ عُطَاشَى.
وقوله تعالى :﴿ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً ﴾ معناهُ قَولُ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله.
وقوله تعالى :﴿ يَتَفَطَّرْنَ ﴾ معناه يَتَشَّققنَ.
وقوله تعالى :﴿ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً ﴾ معناه سُقوطٌ.
وقوله تعالى :﴿ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً ﴾ معناه مَحبةٌ فِي صِدورِ المؤمنين.
وقوله تعالى :﴿ قَوْماً لُّدّاً ﴾ واحدهم أَلدُّ. وهم الفُجارُ. ويقال : صمٌ ويقال : عوجٌ عن الحَقِّ. وقال : هو شَديدُ الخُصومةِ بالباطِلِ.
وقوله تعالى :﴿ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً ﴾ معناه صَوتٌ خَفيفٌ.
سورة مريم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

أشارت فاتحةُ سورةِ (مَرْيَمَ) إلى عظمةِ هذا الكتاب، ونبَّهتْ بعد ذلك على مِحوَرِ السُّورةِ؛ وهو رحمةُ الله عزَّ وجلَّ بأنبيائه؛ فقد بدأت بذِكْرِ رحمة الله عز وجل بزكريَّا ويحيى عليهما السلام، ثم رحمتِه تعالى بمَرْيَمَ وعيسى عليه السلام، ثم رحمتِهِ تعالى بإبراهيمَ عليه السلام، ثم رحمتِه تعالى بموسى وهارونَ عليهما السلام، ثمَّ رحمتِه تعالى بإسماعيلَ وإدريسَ عليهما السلام، وجُلُّ رحمةِ الله بعباده المؤمنين ستكون يومَ القيامة عندما يُنجِّي اللهُ الذين اتَّقَوْا من النَّار، ويذَرُ الظالمين فيها جِثِيًّا.

ترتيبها المصحفي
19
نوعها
مكية
ألفاظها
972
ترتيب نزولها
44
العد المدني الأول
98
العد المدني الأخير
99
العد البصري
98
العد الكوفي
98
العد الشامي
98

 * قوله تعالى: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَۖ لَهُۥ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ لجِبْريلَ: «ألَا تَزُورُنا أكثَرَ ممَّا تَزُورُنا؟»، قال: فنزَلتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَۖ لَهُۥ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64] الآيةَ. أخرجه البخاري (٣٢١٨).

* قوله تعالى: {أَفَرَءَيْتَ اْلَّذِي كَفَرَ بِـَٔايَٰتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالٗا وَوَلَدًا} [مريم: 77]:

عن خَبَّابِ بن الأَرَتِّ رضي الله عنه، قال: «كنتُ رجُلًا قَيْنًا، وكان لي على العاصِ بنِ وائلٍ دَيْنٌ، فأتَيْتُه أتقاضاه، فقال لي: لا أَقضِيك حتى تكفُرَ بمُحمَّدٍ، قال: قلتُ: لن أكفُرَ به حتى تموتَ، ثم تُبعَثَ، قال: وإنِّي لمبعوثٌ مِن بعدِ الموتِ؟! فسوف أَقضِيك إذا رجَعْتُ إلى مالٍ وولَدٍ، قال: فنزَلتْ: {أَفَرَءَيْتَ اْلَّذِي كَفَرَ بِـَٔايَٰتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالٗا وَوَلَدًا ٧٧ أَطَّلَعَ اْلْغَيْبَ أَمِ اْتَّخَذَ عِندَ اْلرَّحْمَٰنِ عَهْدٗا ٧٨ كَلَّاۚ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُۥ مِنَ اْلْعَذَابِ مَدّٗا ٧٩ وَنَرِثُهُۥ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدٗا} [مريم: 77-80]». أخرجه البخاري (٤٧٣٥).

* سورة (مَرْيَمَ):

وجهُ تسميةِ سورة (مَرْيَمَ) بهذا الاسم: أنَّها بُسِطتْ فيها قصةُ (مَرْيَمَ)، وابنِها، وأهلِها.

* جاء في فضلِ سورة (مَرْيَمَ): أنها من قديم ما تعلَّمَه الصحابةُ من النبي صلى الله عليه وسلم:

عن عبد الرَّحمنِ بن يَزيدَ بن جابرٍ، قال: «سَمِعْتُ ابنَ مسعودٍ يقولُ في (بَنِي إسرائِيلَ)، و(الكَهْفِ)، و(مَرْيَمَ)، و(طه)، و(الأنبياءِ): إنَّهُنَّ مِن العِتَاقِ الأُوَلِ، وهُنَّ مِن تِلادي». أخرجه البخاري (٤٩٩٤).

قال أبو عُبَيدٍ: «قولُه: «مِن تِلَادي»: يعني: مِن قديمِ ما أخَذْتُ مِن القرآنِ؛ وذلك أنَّ هذه السُّوَرَ نزَلتْ بمكَّةَ». "فضائل القرآن" للقاسم بن سلام (ص247).


اشتملت سورةُ (مَرْيَمَ) على الموضوعات الآتية:

1. رحمته تعالى بزكريا ويحيى عليهما السلام (١-١٥).

2. رحمته تعالى بمَرْيَمَ وعيسى عليه السلام (١٦- ٤٠).

3. رحمته تعالى بإبراهيمَ عليه السلام (٤١ -٥٠).

4. رحمته تعالى بموسى وهارونَ عليهما السلام (٥١ -٥٣).

5. رحمته تعالى بإسماعيلَ وإدريسَ عليهما السلام (٥٤-٥٨).

6. طريق النجاة (٥٩-٦٥).

7. جَوْلات مع شُبَه الكافرين وأباطيلهم (٦٦-٩٥).

8. محبته تعالى لأوليائه، مهمة القرآن (٩٦-٩٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /414).

مقصدُ السورةِ الأعظَمُ هو بيانُ اتِّصافه سبحانه بشمول الرحمة؛ بإضافةِ جميع النِّعَم على جميع خَلْقه، المستلزِم للدَّلالة على اتصافِه بجميع صفات الكمال، المستلزِم لشمول القدرة على إبداعِ المستغرَب، المستلزِم لتمام العلم، المُوجِب للقدرة على البعث، والتنزُّه عن الولد؛ لأنه لا يكون إلا لمحتاجٍ، ولا يكون إلا مثل الوالد، ولا سَمِيَّ له سبحانه، فضلًا عن مثيلٍ له سبحانه وتعالى.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /256).