تفسير سورة الفرقان

تذكرة الاريب في تفسير الغريب

تفسير سورة سورة الفرقان من كتاب تذكرة الاريب في تفسير الغريب
لمؤلفه ابن الجوزي . المتوفي سنة 597 هـ

الفرقان القرآن
فقدره أي سواء وهيأه
وأعانه عليه قوم أشاروا إلى قوم من أهل الكتاب
فلا يستطيعون سبيلا أي كذبوا من غير حجة
جعل لك خيرا أي في الدنيا
مقرنين مع الشياطينوالثبور الهلكة
أذلك يعني السعير
مسؤلا أي مطلوبا يطلبه المؤمنون من الله تعالى
ويوم نحشرهم يعني المشركين وما يعبدون يعني عيسى وعزيرا والملائكة وقال عكرمة يعني الأصنام
وقالوا يعني المعبودين أن نتخذ من دونك من أولياء أي نعبد من دونكنسوا الذكر تركوا الإيمان بالقرآنوالبور الهلكي
فيقال حينئذ فقد كذبوكم بما تقولون فما يستطيع المعبودون صرف العذاب عنكمومن يظلم بالشرك
فتنة ابتلاء فابتلينا الفقير بالغني والوضيع بالشريف
حجرا محجورا أي تقول لهم الملائكة حراما محرما عليكم دخول الجنة
والهباء ما يتطاير في الشمس والمنثور المتفرق
مقيلا وهو المقام وقت القائلة
بالغمام أي عن الغمام
يغض الظالم نزلت في أبي بن خلف وكان يجالس الرسول صلى الله عليه وسلم فهناه عقبة بن أبي معيط وهو المراد ب فلان
والذكر القرآن
قوله تعالى كذلك أي أنزلناه كذلك لتثبت به فؤادكوالترتيل التمكت
بمثل أي يضربونه للاحتجاج عليكبالحق لنرد به كيدهم وأحسن تفسيرا أي بيانا
والرس البئر لم تطو وكانوا يعبدون شجرة فبعث إليهم نبيا فحفروا له بئرا فألقوه فيها فهلكوا
تبرنا دمرنا
والقرية قرية لوط والمطر الرمي بالحجارة
اتخذ إلهه هواه كان أحدهم يعبد الحجر فإذا رأى أحسن منه رمى به وعبد الآخروكيلا أي يحفظه من اتباع هواه
أضل سبيلا لأن البهائم تهتدي لمراعيها وتنقاد لأربابها وهم على خلاف ذلك
ألم تر إلى ربك إلى فعله والظل من وقت الفجر إلى طلوع الشمس لجعله ساكنا أي ثابتا لا يزول ثم جعلنا الشمس عليه دليلا لأنه لولاها ما عرف أنه شيء
ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا أي خفيا
لباسا سائرا بظلمته والسبات الراحةنشورا ينشر فيه لطلب الرزق
والأناسي جمع إنسان
ولقد صرفناه يعني المطر لهذا البلد مرة ولهذا مرة ليذكروا أي ليتفكروا في نعم الله عليهمإلا كفورا وهم الذين يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا
وجاهدهم به أي بالقرآن
مرج خلط يلتقيان ولا يختلط العذاب بالملح والأجاج صفة للملح والبرزخ وهو حاجز من القدرة
من الماء يعني النطفةنسبا أي ذا نسب وهو ما لا يحل نكاحه والصهر ما يحل نكاحه
على ربه ظهيرا أي معينا للشيطان على ربه لأن عبادته الأصنام معاونة للشيطان
فاسأل به أي عنه يعني عن الله خيبرا وهو الخبير فالمعنى سل عني كذلك قاله مجاهد وقال غيره هم مسلمة أهل الكتاب
وما الرحمن قالوا لا نعرف الرحمن
بروجا مشروعا في الحجرسراجا يعني الشمس
خلفة أي كل واحد منهما يخلف الآخريذكر يتغط
هونا أي رويدا بالوقارسلاما أي سدادا
غراما هلاكا
لم يسرفوا الإسراف الإنفاق في معصية الله والإقتار منع حق اللهقواما عدلا
أثاما عقوبة وأنشدوا والعقوق له أثاموهذه منسوخة بقوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء
فإنه يتوب إلى الله متابا المعنى من أراد حقيقة التوبة فينبغي أن يريد الله بها ولا يخلطها بما يفسدها كما تقول من أراد التجارة فليتجر في البز
والزور الكذب وقيل الشركواللغو أذى المشركين لهمكراما حلماء
قرة أعين أي من يعمل بطاعتك فيقر أعيننا بهمإماما أي أئمة
الغرفة غرف الجنة
وما يعبأ بكم أي ما يصنع بعذابكم لولا دعاؤكم ما تدعونه من شريك وولدفسوق يكون يعني العذاب لزاما أي لازما لكم
سورة الفرقان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الفُرْقان) من السُّوَر المكِّية التي تحدَّثتْ عن معجزةِ النبي صلى الله عليه وسلم، وما أيَّده اللهُ به؛ وهو هذا القرآنُ الكريم، ودلَّلت السورة على أن هذا الكتابَ جاء فُرْقانًا بين الحق والباطل؛ فلم يترُكْ خيرًا إلا دلَّ عليه، ولم يترُكْ شرًّا إلا حذَّر منه، وقد جاءت هذه السورة بشُبهاتِ الكفار والمعانِدين، ورَدَّتْها بما يؤيد صِدْقَ رسالته صلى الله عليه وسلم، وقد أقامت الحُجَّةَ على كلِّ مَن ترك الحقَّ ومال إلى الباطل؛ لأن اللهَ أوضَحَ طريقَ الحق، وأبانه أيَّما بيانٍ؛ فللهِ الحُجَّةُ البالغة!

ترتيبها المصحفي
25
نوعها
مكية
ألفاظها
897
ترتيب نزولها
42
العد المدني الأول
77
العد المدني الأخير
77
العد البصري
77
العد الكوفي
77
العد الشامي
77

* قوله تعالى: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «سألتُ أو سُئِلَ رسولُ اللهِ ﷺ: أيُّ الذَّنْبِ عند اللهِ أكبَرُ؟ قال: «أن تَجعَلَ للهِ نِدًّا وهو خلَقَك»، قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: «ثم أن تقتُلَ ولَدَك خشيةَ أن يَطعَمَ معك»، قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: أن تُزَانِيَ بحَلِيلةِ جارِك»، قال: ونزَلتْ هذه الآيةُ تصديقًا لقولِ رسولِ اللهِ ﷺ: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]». أخرجه البخاري (٤٧٦١).

وفيها سببٌ آخَرُ:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ ناسًا مِن أهلِ الشِّرْكِ كانوا قد قتَلوا وأكثَروا، وزَنَوْا وأكثَروا، فأتَوْا مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنَّ الذي تقولُ وتدعو إليه لَحسَنٌ، لو تُخبِرُنا أنَّ لِما عَمِلْنا كفَّارةً؛ فنزَلَ: {وَاْلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اْللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَۚ} [الفرقان: 68]، ونزَلتْ: {قُلْ ‌يَٰعِبَادِيَ ‌اْلَّذِينَ ‌أَسْرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اْللَّهِۚ} [الزمر: 53]». أخرجه البخاري (٤٨١٠).

* قوله تعالى: {إِلَّا ‌مَن ‌تَابَ ‌وَءَامَنَ ‌وَعَمِلَ ‌عَمَلٗا ‌صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ اْللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ اْللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} [الفرقان: 70]:

عن سعيدِ بن جُبَيرٍ رحمه الله، قال: «قال ابنُ أَبْزَى: سَلِ ابنَ عباسٍ عن قولِه تعالى: {وَمَن ‌يَقْتُلْ مُؤْمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا} [النساء: 93]، وقولِه: {وَلَا ‌يَقْتُلُونَ ‌اْلنَّفْسَ ‌اْلَّتِي حَرَّمَ اْللَّهُ إِلَّا بِاْلْحَقِّ} [الفرقان: 68] حتى بلَغَ: {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ} [الفرقان: 70]،  فسألْتُه، فقال: لمَّا نزَلتْ، قال أهلُ مكَّةَ: فقد عدَلْنا باللهِ، وقد قتَلْنا النَّفْسَ التي حرَّمَ اللهُ إلا بالحقِّ، وأتَيْنا الفواحشَ؛ فأنزَلَ اللهُ: {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا} إلى قولِه: {غَفُورٗا رَّحِيمٗا} [الفرقان: 70]». أخرجه البخاري (٤٧٦٥).

* سورة (الفُرْقان):

سُمِّيت سورةُ (الفُرْقان) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (الفُرْقان) في افتتاحها، وهو اسمٌ من أسماء القرآن الكريم.

تضمَّنتْ سورةُ (الفُرْقان) عِدَّة موضوعات؛ جاءت على النحو الآتي:

1. صفات الإلهِ الحقِّ، وعَجْزُ الآلهة المزيَّفة (١-٣).

2. شُبهاتهم حول القرآن، وردُّها (٤-٦).

3. شُبهاتهم حول الرسول، وردُّها (٧-١٠).

4. الدوافع الحقيقية وراء تكذيبهم (١١-١٩).

5. سُنَّة الله في اختيار المرسَلين، وعادة المكذِّبين (٢٠-٢٩).

6. شكوى الرسول من قومه، وتَسْليتُه (٣٠-٤٠).

7. الاستهزاء والسُّخْريَّة سلاح العاجز (٤١-٤٤).

8. الحقائق الكونية في القرآن من دلائل النُّبوة (٤٥-٥٥).

9. مهمة الرسول ونهجُه في دعوة المعانِدين (٥٦-٦٢).

10. ثمرات الرسالة الربانية (٦٣-٧٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /270).

مقصدُ السُّورة الأعظم: إظهارُ شَرَفِ الداعي صلى الله عليه وسلم؛ بإنذارِ المكلَّفين عامةً بما له سبحانه من القدرة الشاملة، المستلزم للعلم التامِّ، المدلول عليه بهذا القرآنِ المبين، المستلزم لأنه لا موجودَ على الحقيقة سِوى مَن أنزله؛ فهو الحقُّ، وما سِواه باطلٌ.

وتسميتُها بـ(الفُرْقان) واضحُ الدَّلالة على ذلك؛ فإن الكتابَ ما نزل إلا للتفرقة بين الملتبِسات، وتمييزِ الحقِّ من الباطل؛ ليَهلِكَ مَن هلَك عن بيِّنة، ويَحيَى مَن حَيَّ عن بيِّنة؛ فلا يكون لأحدٍ على الله حُجَّةٌ، وللهِ الحُجَّة البالغة!

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /317).