تفسير سورة الصف

التيسير في أحاديث التفسير

تفسير سورة سورة الصف من كتاب التيسير في أحاديث التفسير
لمؤلفه المكي الناصري . المتوفي سنة 1415 هـ
ومن هنا ننتقل إلى سورة " الصف " المدنية، وإنما أطلق عليها هذا الاسم، أخذا من قوله تعالى فيها : إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا }، وهذه السورة تبتدئ بتسبيح الله وتنزيهه، على لسان العالم العلوي والعالم السفلي :﴿ بسم الله الرحمن الرحيم سبّح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم١ ﴾.

وهذه السورة تبتدئ بتسبيح الله وتنزيهه، على لسان العالم العلوي والعالم السفلي :
﴿ بسم الله الرحمن الرحيم سبّح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم١ ﴾.
ثم يتجه الخطاب فيها إلى فريق من المؤمنين يعدون ولا يفون بوعدهم، ويقولون ولا يلتزمون بقولهم، فينكر عليهم كتاب الله هذا الموقف المتناقض :﴿ يأيها الذين آمنوالم تقولون ما لا تفعلون٢ كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون٣ ﴾.
وبينت الآيات الكريمة، للذين كانوا يتمنون الجهاد في سبيل الله قبل أن يفرض عليهم، أن الوقت قد حان لتحقيق أمنيتهم، فما عليهم إلا أن يبادروا للتضحية والفداء :﴿ إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص٤ ﴾.
وأشار كتاب الله إلى موسى وعيسى عليهما السلام، ووقوف قومهما منهما موقف الزيغ والعناد :﴿ فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم... ٥ ﴾.
وسجل كتاب الله بشارة عيسى لبني إسرائيل برسول يأتي من بعده، وبكون هذا الرسول سيحمل اسم " أحمد " وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، ﴿ ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد... ٦ ﴾، كما تحدثت الآيات الكريمة عن الهدى ودين الحق المرسل بهما إلى العالمين.
ووجه كتاب الله الدعوة إلى المؤمنين ليكونوا أنصارا لله كما كان الحواريون أنصارا لله، وأمرهم بالجهاد في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، ووعدهم على ذلك بالفوز العظيم، وبنصر من الله وفتح قريب :﴿ وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين١٣ ﴾.
وختم هذا الربع بوعد من الله لا يتخلف، عما سيؤول إليه أمر الإسلام والمسلمين من ظهور وانتشار، في مختلف القارات والأقطار، ﴿ فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين١٤ ﴾.
ت١٣
سورة الصف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الصَّفِّ) من السُّوَر المدنية، وهي من (المسبِّحات) التي تبدأ بـ{سَبَّحَ}، نزلت بعد سورة (التغابُنِ)، وقد طالبت المؤمنين بأن يكونوا على قلبِ رجلٍ واحد، متَّحِدِين بالتمسك بهذا الكتاب، وواقفين صفًّا واحدًا في الجهاد، والمحافظة على الجماعة ما أمكن، وهو مقصدٌ عظيم من مقاصد هذا الدِّين، ومصدر من مصادر قوة أتباعه.

ترتيبها المصحفي
61
نوعها
مدنية
ألفاظها
226
ترتيب نزولها
109
العد المدني الأول
14
العد المدني الأخير
14
العد البصري
14
العد الكوفي
14
العد الشامي
14

* قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1-2]:

عن عبدِ اللهِ بن سَلَامٍ رضي الله عنه، قال: «جلَسْتُ في نَفَرٍ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، فقلتُ: أيُّكم يأتي رسولَ اللهِ ﷺ فيَسألَه: أيُّ الأعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قال: فهِبْنا أن يَسألَه منَّا أحدٌ، قال: فأرسَلَ إلينا رسولُ اللهِ ﷺ يُفرِدُنا رجُلًا رجُلًا يَتخطَّى غيرَنا، فلمَّا اجتمَعْنا عنده، أومأَ بعضُنا إلى بعضٍ: لِأيِّ شيءٍ أرسَلَ إلينا؟ ففَزِعْنا أن يكونَ نزَلَ فينا، قال: فقرَأَ علينا رسولُ اللهِ ﷺ: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 1-2]، قال: فقرَأَ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها»، ثم قرَأَ يحيى مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها، ثم قرَأَ الأَوْزاعيُّ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها، وقرَأَها الوليدُ مِن فاتحتِها إلى خاتمتِها. أخرجه ابن حبان (٤٥٩٤).

* سورة (الصَّف):

وجهُ تسمية سورة (الصَّفِّ) بهذا الاسم: هو وقوعُ كلمةِ {صَفّٗا} فيها؛ قال تعالى: {إِنَّ اْللَّهَ يُحِبُّ اْلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنْيَٰنٞ مَّرْصُوصٞ} [الصف: 4].

* سورة (الحَوَاريِّين):

ووجهُ تسميتِها بهذا الاسم: هو ورود لفظ {اْلْحَوَارِيُّونَ} فيها مرتين في قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُوٓاْ أَنصَارَ اْللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى اْبْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّـۧنَ مَنْ أَنصَارِيٓ إِلَى اْللَّهِۖ قَالَ اْلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اْللَّهِۖ} [الصف: 14].

1. مطابقة القول والعمل في شأن الجهاد (١-٤).

2. موقف الكفار من دعوة الأنبياء (٥- ٩).

3. التِّجارة الرابحة (١٠-١٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /127).

مقصدُ سورة (الصَّفِّ) بيِّنٌ في اسمها؛ وهو الاجتماعُ، والوَحْدة، والتمسك بحبلِ الله المتين؛ ليكونَ المؤمنون صفًّا واحدًا في قلوبهم وأبدانهم.

وفي ذلك يقول البِقاعيُّ: «مقصودها: الحثُّ على الاجتهاد التام، والاجتماعِ على قلبٍ واحد، في جهادِ مَن دعت (الممتحنةُ) إلى البراءة منهم؛ بحَمْلِهم على الدِّين الحق، أو مَحْقِهم عن جديد الأرض؛ تنزيهًا للملكِ الأعلى عن الشرك، وصيانةً لجَنابه الأقدس عن الإفك، ودلالةً على الصِّدق في البراءة منهم، والعداوة لهم.

وأدلُّ ما فيها على هذا المقصدِ: الصفُّ؛ بتأمُّل آيته، وتدبُّر ما له من جليلِ النفع في أوله وأثنائه وغايته». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /81).